رحلة اليقين ١١: "المثلية" والدليل العلمي
[مؤثرات صوتيَّة]
السَّلام عليكم.
الملحدون -كما بَيَّنَّا في الحلقة الماضية-
فسَّروا الظَّواهر الفطريَّة تفسيراتٍ
مادِّيَّةً جينيَّةً لا دليل عليها.
لكنَّهم لم يقفوا عند هذا الحدِّ،
بل نَسَبُوا إلى الجينات أيضًا
أفعالًا منحرفةً عن الفطرة،
وجعلوا ذلك أحد الذَّرائع لتبريرها
على اعتبار أنَّها ظواهر طبيعيَّةٌ؛
مثالٌ صارخٌ على ذلك:
تعاملهم مع الشُّذوذ الجنسيِّ،
والَّذي لا يسمونه شذوذًا بل
مِثْلِيَّةً جنسيَّةً "Homosexuality"؛
لأنَّ كلمة "شذوذٍ" تحمل معنى أنَّه سلوكٌ
مُسْتَبشَعٌ منافرٌ لطبيعة الإنسان،
وهو ما لا يعترفون به.
هناك علاقةٌ بين الشُّذوذ والَّلادينيَّة؛
فقد أظهر هذا الاستطلاع في (2013)
على مجتمع ال(إل جي بي تي) "LGBT"
(يعني الشَّواذ في أمريكا)،
أنَّ حوالي نصف الشَّواذِّ الأمريكيِّين
ليس لديهم انتماءٌ دينيٌّ،
مقارنةً بكون 20 % من سائر
المجتمع الأمريكيِّ دون انتماءٍ دينيٍّ.
المجتمع العلميُّ الغربيُّ،
الَّذي يشيع فيه الإلحاد والداروينيَّة،
أصدر دراساتٍ عن علاقة
الشُّذوذ بالوراثة والجينات،
وعن الظَّواهر الاجتماعيَّة
المتعلِّقة بالشُّذوذ؛
مثلًا: دراسة ما إذا تَبَنَّى شاذَّان طفلًا
كيف سيكون أثر هذا التبنِّي على الطفل؟
ومن حقِّنا أن نسأل: هل تمَّت هذه
الدراسات بطريقةٍ علميَّةٍ وحياديَّةٍ؟!
وهذا ينقلنا إلى السؤال الأكبر والأهمِّ:
هل الأبحاث العلميَّة،
الَّتي لها تطبيقاتٌ عَقَديَّةٌ وأخلاقيَّةٌ
والَّتي تنتج في ظلِّ هيمنة
الليبراليَّة الغربيَّة،
هل هي محايدةٌ بالفعل؟
أم أنَّها أحيانًا تكون أداةً مُسيَّسةً؟!
هل إذا جاءتْ مِثلُ هذه الأبحاث
بنتائج تعارض قِيَمًا إسلاميَّةً،
فإنَّ الموقف العقلانيَّ
سيكون الشكَّ في القِيَم الإسلاميَّة؟
أم في صِحَّة هذه الدِّراسات؟
عندما يقول لك الملحد:
"أنا أصدِّق العلم"... فهل هو كذلك؟
أم أنَّه يصدِّق التَّفسير الخاطئ
لعلمٍ زائفٍ؛ فيقع في جهلٍ مركَّبٍ؟
هذا هو الهدف الأساس والأهمُّ لحلقتنا،
الشُّذوذ هو مثالٌ فقط، نفحص
من خلاله موثوقيَّة هذا العلم الغربيِّ.
خارطة المَسِير في حلقتنا ستكون كالتَّالي..
وأرجو التَّركيز -إخواني- حتَّى لا نَشِتَّ؛
فالحلقة غزيرةُ الفائدة،
مليئةٌ بالأدلَّة والوقائع المهمَّة؛
فنحتاج تركيزًا لنفهم تسلسل عناصرها.
سنحلِّل في البداية معنى العبارة المفترَضة:
"الشُّذوذ له سببٌ جينيٌّ".
ثمَّ سنذكر ما تُقرِّره المراجع الغربيَّة
الرئيسيَّة -حاليًّا-
عن علاقة الشُّذوذ بالجينات والوراثة.
ثمَّ نعود إلى السُّؤال الأهمِّ وهو:
هل -أصلًا- ما تقرِّره المراجع
والدِّراسات الغربيَّة
في مثل هذه الأمور الأخلاقيَّة،
موثوقٌ بالضَّرورة؟
وسنجيب عن هذا السُّؤال
من خلال دراسة ثلاثة أمورٍ:
الأجواء الَّتي تتمُّ فيها الأبحاث؛
هل هي أجواءٌ تشجِّع على البحث الحرِّ؟
أم فيها إرهابٌ قانونيٌّ؟
هل الباحثون موثوقون؟ أم هناك ما
يشير إلى كذبهم وانحيازهم أحيانًا؟
من يموِّل هذه الأبحاث؟
وما تأثير ذلك على النَّتائج؟
ثمَّ نرى تعامل الإعلام مع نتائج الأبحاث،
هل هو صادقٌ أم لا؟
أولًا: هذه الجملة الهُلامِيَّة:
"الشُّذوذ له سببٌ جينيٌّ"،
ما معناها بالضَّبْط؟
هل معناها أنَّ الشَّاذَّ لديه جيناتٌ
تَدْفعه إلى الممارسات الجنسيَّة الشَّاذَّة
بشكلٍ لا إراديٍّ؟
كما يُغمِض الإنسان عَينه
إذا جاءتها شظيَّةٌ؟
أو يسحب يده عن الجسم الحارِّ
بشكلٍ لا إراديٍّ؟!
لا طبعًا...
هل معناها إذن أنَّ الشَّاذَّ لديه جيناتٌ
تجعله يَميل نفسيًّا إلى أفرادٍ من جنسه؟
عند التَّحقيق، هذا معنى عبارتهم.
فنقول بدايةً:
على فَرَض وجود هذه الجينات،
فبأيِّ حقٍ تعتبرونها مبرِّرًا
للسُّلوك الشَّاذِّ
ومُعفيةً لصاحبه من الذَّمِّ والعقوبة؟!
هذه نقطةٌ أساسيَّةٌ مهمَّةٌ جدًّا؛
يعني على فَرَض أنَّ إنسانًا لديه
شعورٌ مشوَّهٌ سيِّءٌ،
فهل هذا يُبرِّر له أن يتصرَّف
بناءً على هذا الشُّعور؟!
ثمَّ لو أنَّ رجلًا لديه
شهوةٌ زائدةٌ للنِّساء،
فهل هذا يُبرِّر قيامه بالاغتصاب مثلًا؟
أم أنه يُطالَب بضبْط نفسِه وكَبْح
جِماح شهوته وجعلها في الحلال؟
فلماذا تستخدمون عناوين مثل:
"المِثْليَّة الجنسيَّة تخضع
للجينات الوراثيَّة"،
بطريقةٍ تُشْعِر بأنَّ الشَّاذَّ مُجْبَرٌ
على أفعاله المنحرِفة، تُخْضِعه جيناته؟!
ثمَّ هل أنتم مستعدُّون
للالتزام بنفس منطِقِكم هذا،
في التَّعامل مع خصومكم
السِّياسيِّين والفكريِّين،
الَّذين قد تكون هناك
أسبابٌ جينيَّةٌ لما يفعلونه؟!
بل لو قلنا لكم:
الَّذي يُعدِّد الزَّوجات قد تكون هناك
أسبابٌ جينيَّةٌ تدفعه إلى تعداد الزَّوجات،
والَّتي ترضى بزوجٍ متزوِّجٍ،
قد يكون لديها جيناتٌ تدفعها لذلك،
فلماذا يصبح زواج الشَّواذِّ مسموحًا به
في الولايات الأمريكيَّة الخمسين كاملةً،
بقرار المحكمة العُليا في (26/6/2015)،
بينما يبقى تَعَدُّد الزَّوجات
ممنوعًا في الولايات الخمسين كاملةً،
حتَّى يومنا هذا في تموز (2017)؟!
لماذا تُسْتَخْدَم دعوى العلاقة بالجينات
لإحداث تعاطفٍ مع الشَّواذِّ تحديدًا؟!
ومع هذا كلِّه...
فهل هناك بالفعل
جينات تُسبِّب ميلًا نفسيًّا شاذًّا؟
هذا ينقلنا -إخواني- إلى المحور الثَّاني،
وهو: ما تقرِّره المراجع
الغربيَّة الرَّئيسيَّة حاليًّا
عن علاقة الشُّذوذ بالجينات والوراثة.
إحدى أشهر المنظَّمات
الصِّحِّيَّة الأمريكيَّة:
(الجمعيَّة الأمريكيَّة لعلم النَّفس)،
خَلُصَتْ إلى أنَّه لم يَثْبُتْ
وجودُ أساسٍ جينيٍّ للشُّذوذ،
وذلك حتَّى تاريخ هذه الحلقة
في تمُّوز (2017)،
علمًا بأنَّ هذه الجمعيَّة تدافع بشدَّةٍ
عمّا تعتبره حقوق الشَّواذِّ.
والعديد من الكتب المختصَّة
في دراسة السُّلوك الجنسيِّ،
تصف الأبحاثَ بأنَّها (بالإنجليزيَّة) غير
حاسمةٍ "inconclusive"؛ أي لم تصل إلى نتيجة
وأنَّه لم يتمَّ تحديد جينٍ
له علاقةٌ بالمِثْليَّة،
ومن أفضل الكتب في هذا المجال: كتاب الدكتور
نيل وايتهيد "Neil Whitehead"، المُعَنْوَن
"جيناتي هي الَّتي جعلتني
أفعلها! المِثْليَّة والدَّليل العلميُّ"،
والَّذي يُفنِّد علاقة الشُّذوذ بالوراثة
من ناحيةٍ نظريَّةٍ تأصيليَّةٍ منطقيَّةٍ،
بالإضافة إلى تناوله دراساتِ
التَّوائم المتطابقة في هذا المجال،
والَّتي أظهر العديد منها عدم
وجود علاقةٍ وراثيَّةٍ بالشُّذوذ،
مع تِبْيَانِه للأخطاء العلميَّة
الكبيرة في دراسات التَّوائم،
الَّتي تدَّعي وجود هذه العلاقة،
وسنذكر شيئًا من ذلك في التَّعليقات،
والكتاب متعةٌ علميَّةٌ لمن
لديه أُسُس البحث العلميِّ.
وهنا لاحظوا -إخواني-
مسألةً تَأصيليَّةً مهمَّةً؛
الملحدون يقولون:
نحن جِئنا من خلال طفراتٍ وانتخابٍ
طبيعيٍّ للصِّفات الَّتي تساعد على البقاء،
مع فناء حاملي الصِّفات
الَّتي لا تساعد على البقاء،
هل الشُّذوذ يساعد على البقاء؟!
لا طبعًا!
لأنَّ الذَّكَرَين معًا، أو الأنثيين معًا
لا يُنْجِبان؛
وبالتَّالي لا يُمَرِّرَان الصِّفات
الوراثيَّة للأجيال الَّلاحقة،
لذا فكان مِن المتوقَّع أن يقضيَ قانون
الانتخاب الطَّبيعيِّ على الشُّذوذ؛
لأنَّه صفةٌ لا تساعد على البقاء،
ومع ذلك، فالشُّذوذ موجودٌ!
فلاحظ كيف أن التَّفسير الدَّارونيَّ
الماديَّ، ناقَضَ أوَّلُه آخِرَه!
نعود إلى مقرَّرات الجمعيَّة الأمريكيَّة
لعلم النَّفس والكتب المختصَّة؛
لاحظ أنَّنا لم نسلك السُّلوك
الَّلاعلميِّ، الَّذي يَتَّبِعه كثيرون؛
حين يأتون لك بأيَّة دراسةٍ توافق أهواءهم،
ويتجاهلون الدِّراسات الأخرى
الَّتي لا تخدم موقفهم،
نحن هنا نذكر لك مقرَّرات المنظَّمات
الصِّحِّيَّة الكبرى والكتب المختصَّة،
فهذه تعطي خُلاصة عددٍ كبيرٍ من الدِّراسات.
ومع هذا كلِّه، فسيقول قائلٌ:
مقابل كلامك هذا،
هناك دراساتٌ تشير إلى وجود
علاقةٍ بين المِثْليَّة والوراثة،
وسيقول قائلٌ: هل لو غيَّرتِ
المراجع الرئيسيَّة موقفها يومًا ما،
فسوف تُقرُّون لنا بوجود هذه العلاقة؟
وهذا ينقلنا إلى المحور الثَّالث
والأهمِّ للحلقة، وهو مناقشة السُّؤال:
هل الأبحاث العلميَّة،
الَّتي تخرج بنتائج تُسَخَّر لخدمة
القيم الِّليبراليَّة الغربيَّة،
هل هي محايدةٌ بالفعل؟
أم أنَّها أداةٌ مسيَّسةٌ؟
وسنجيب عن هذا السُّؤال
من خلال دراسة ثلاثة أمورٍ:
أوَّلها: الأجواء الَّتي تتمُّ
فيها هذه الأبحاث،
هل هي أجواءٌ تشجِّع على البحث الحرِّ؟
أم فيها إرهابٌ قانونيٌّ؟
الحضارة الغربيَّة -إخواني- لديها مقدَّساتٌ
ترفع شِعارها وتجرِّم وتحارب من يَمَسُّها،
وقد استطاع اللوبيُّ المؤثِّر الدَّاعم
للشَّواذِّ أن يُدْخِل في هذه المقدَّسات
ما يسمِّيه: "حقوق المِثْليِّين"؛
فكما أنَّ الَّذي يعارِض الهيمنة
الغربيَّة يُوصَف بالإرهاب،
والَّذي يعارض اليهود
يُوصَف بمعاداة السَّاميَّة؛
فقد أطلقوا على معارضة الشُّذوذ الجنسيِّ
وَصْفَ رُهاب المِثْليَّة "Homophobia"؛
أي أنَّ المِثْليَّة الجنسيَّة ظاهرةٌ
طبيعيَّةٌ، حقٌّ من حقوق الإنسان،
والَّذي يعارضها مصابٌ
بمرض الرُّهاب تجاهها!
لكنَّ هذا المريض غير معذورٌ عندهم،
بل مُجَرَّمٌ..
وكما أنَّ هناك شعار "مكافحة الإرهاب"،
و"مكافحة معاداة السَّاميَّة"؛
فكذلك ترفع الحضارة الغربيَّة
شعار "مكافحة رُهاب المِثْليَّة"،
والَّذي تَبَنَّتْه الأمم المتَّحدة،
وأطلقت من أجله حملاتٍ،
وأصدرتْ اتِّفاقيَّاتٍ وقَّع
عليها كثيرٌ من الدُّول،
وعيَّنت مراقبًا أمميًّا خاصًّا
لحماية الشَّواذِّ.
في أجواء المحارَبة والمراقَبة هذه،
هل يُتَصوَّر أن يخرج العلم التجريبيُّ
بنتائج محايدةٍ بالفعل فيما يتعلَّق بالشذوذ
من الفضائح العلميَّة الَّتي
تُجيب عن هذا السُّؤال:
قصَّة البروفيسور سْبِيتْزَر "Spitzer"؛
البروفيسور رُوبِرْتْ سْبِيتْزَر
"Robert Spitzer"،
والَّذي يُوصَف بأنَّه
"أبو الطبِّ النَّفسيِّ الحديث"،
نشر دراسةً عن علاجٍ لادوائيٍّ يساعد
الِمثْليِّين على التَّخلُّص من مِثْليَّتهم
وسمَّاه علاجًا إصلاحيًّا "Reparative"؛
يعني يُصحِّح الميل الجنسيَّ لدى الفرد،
وذكر في الدِّراسة نجاحَ علاجه
في تصحيح الميل الجنسيِّ
لدى (200) رجلٍ وامرأةٍ من المِثْليِّين؛
فثارتْ ثائرةُ المنظَّمات الصِّحِّيَّة،
وهاجموا دراسته،
علمًا بأنَّ سْبِيتْزَر هذا
من داعمي ما يَعْتَبِرُه حقوق المِثْليِّين،
وساهم في إزالة المِثْليَّة من قائمة
الأمراض النفسيَّة الأميركيَّة،
لكنَّ هذا لم يَشْفع له
عند المجتمع العلميِّ،
فاعتذر سْبِيتْزَر عام (2012) عن دراسته،
ونُشِر الخبر في وسائل الإعلام بعنوان:
"عملاق طبِّ النَّفس يعتذر
عن دعم علاج المِثْليِّين".
وقال في آخر رسالة اعتذاره -بذلٍّ وخضوعٍ-:
"أعتقد أنِّي مدينٌ
لمجتمع المِثْليِّين بالاعتذار".
ولَكَ أن تتصوَّر الضَّغط
الَّذي تعرَّض له سْبِيتْزَر،
عندما تَعْلَم أنَّ أكبر منظَّمتَين
صحِّـيَّتين عالميَّتَين هاجمتا علاجه:
منظَّمة الصِّحَّة العالميَّة "W.H.O"،
ومنظَّمة الصِّحَّة الأميركيَّة "P.A.H.O"،
حيث أصدرتا في (17/5/2012) تقريرًا بعنوان:
"العلاجات الَّتي تغيِّر التَوجُّه الجنسيَّ
ليس لها مبرِّرٌ طبيٌّ وتُهدِّد الصِّحَّة".
كيف يهدِّد هذا العلاج اللادوائيُّ
-والمُعْتَمِد على مناقشة
الشَّاذِّ أو الشَّاذَّة بالكلام-
كيف يهدِّد الصِّحَّة؟!
قالوا في التَّقرير:
أنَّ هذه العلاجات الَّتي تَقْمَع
التَّوجُّهات الجنسيَّة لدى المِثْليِّين،
تَتَسبَّب في شعورهم بالذَّنب،
والخزي من أنفسهم،
والاكتئاب، والقلق، بل وحتى الانتحار!
وختم التَّقرير بهذه المناسبة
بتوصياتٍ لمحاربة رُهَاب المِثْليَّة،
وأنا أطلب منك -أخي المتابع- أن تسمع
هذه التوصيات وتخبرني.. بماذا تُذكِّرك؟
تقول التَّوصيات الخمسة: أنَّ عيادات
وعلاجات تصحيح ميول المِثْليِّين،
يجب إدانتها وتعريضُها
للمحاسبة القانونيَّة المناسبة.
وأنَّ المؤسَّسات الَّتي تُخَرِّج
العاملين في المجالات الصِّحِّيَّة،
يجب عليها أن تُركِّز على
تعليمهم تَقَبُّل المِثْليِّين،
وأن تحارب النَّظرة إليهم برفضٍ أو كراهيَّةٍ
أو التَّعامل معهم على أنَّهم مرضى،
وأنَّه يجب منع أيِّ تَدَخُّلٍ يسعى إلى
تغيير التَّوجُّهات الجنسيَّة لأيِّ شخصٍ،
وأنَّ رُهاب المِثْليِّة (بالإنجليزيَّة)
"يجب أن يُكْشَف"،
يعني يجب أن يُفضَح من الإعلام،
أيًّا كان شكله،
وأيًّا كان صاحبه
يُفضحَ على أنَّه مشكلةٌ
تهدِّد الصِّحَّة العامَّة،
وتهدِّد كرامة الإنسان، وحقوق الإنسان،
وأنَّ على منظَّمات المجتمع المدنيِّ،
أن تطوِّر الآليَّات المناسبة
لتنمية اليقظة المجتمعيَّة
تجاه أيِّ انتهاكٍ لحقوق المِثْليِّين،
والتبليغ عنها للسُّلطات.
بماذا تُذكِّرك هذه التَّوصيات؟
مطابقةٌ تمامًا لتوصيات محاربة الإرهاب..
أليس كذلك؟!
(بالإنجليزيَّة) عقيدةٌ "Dogma" أخرى
تُفْرَض فرضًا على المجتمع العلميِّ،
وتُذكِّرنا تمامًا بفيلم:
"Expelled" المطرُودُون،
والَّذي يحكي كيف يتمُّ
التَّعامل بإقصائيَّةٍ
مع كلِّ مَن يرفض
التطوُّر الداروينيَّ من العلماء،
إرهابٌ يُذكِّر بمحاكم التَّفتيش
والاستبداد العلميِّ
الَّذي مارسته الكنيسة في القرون الوسطى.
أظنُّه من المضحك جدًّا بعد ذلك،
أن يَتَصوَّر أحدٌ أنَّ أجواء البحث العلميّ
في مجال الشُّذوذ هي أجواءٌ حرَّةٌ محايدةٌ!
الأمر الثَّاني في مناقشة موثوقيَّة
الأبحاث الغربيَّة في مجال الشُّذوذ:
هل الباحثون مَوثُوقون؟
أم هناك ما يشير إلى كذِب بعضهم وانحيازه؟
سنذكر بعض الشَّواهد
للإجابة عن هذا السُّؤال...
أوَّلها: البحث الَّذي لا يزال
الملحدون والشَّواذُّ يَتَغَنَّون به:
بحث دِين هَامَرْ "Dean Hamer"،
الَّذي اِدَّعى سنة (1993)
أنَّ هناك رابطًا مُحْتَمَلًا بين المؤشِّر
الجينيِّ (XQ28) والمِثْليَّة الجنسيَّة،
ونشر نتائجه في مجلَّة
(ساينس) "Science" المعروفة.
نُذكِّر بدايةً -إخواني-
أنَّ دِين هَمَرْ هذا، هو نفسه
الَّذي ادَّعى وجود الجِين الإلهيِّ،
وأَلَّفَ على ذلك كتابًا دون
دليلٍ ولا دراسةٍ منشورةٍ،
فَلَم يوافِقه عليه علماء الجينات
-كما بيَّنَّا في الحلقة الماضية-.
تعالوا نرى هذه الدَّعوة الأخرى،
لصاحب الادِّعاءات همر؛
من القواعد العلميَّة:
أنَّ أيَّ بحثٍ علميّ حتّى يكتسِب موثوقيَّة
فإنَّ نتائجه يجب أن تكون "Reproducible"؛
يعني إذا قام باحثون آخرون بنفس التَّجربة
فيجب أن تظهر نفس النَّتائج،
وإلَّا فبإمكان أيِّ باحثٍ
أنْ يدَّعيَ ما يشاء
ويصبح مكتشِفًا عظيمًا،
بناءً على ادِّعاءات كاذبة.
تجربة (هامر) وفريقه هذه
أعادَها الكثير من الباحثين،
وعلى عددٍ أكبر من الشَّواذ،
ولم يحصل أحدٌ منهم على نتائج مشابهة،
ممَّا جعلهم يُلْمِحُون إلى تكذيب
(هامر)، وجينه المزعوم.
من ذلك: دراسة الدُّكتور جورج رايس،
وفريقه المنشورة في مجلَّة (ساينس) أيضًا،
والَّتي جاء فيها:
"إنَّه من غير الواضح، لماذا نتائجنا تختلف
تمامًا عن نتائج الدّراسة الأصلية لـ(هامر)،
بما أنَّ دراستنا كانت أكبر من دراسة (هامر)
فمن المُؤَكَّدِ أنَّه كانت لدينا
قدرةٌ كافيةٌ للكشف عن تأثيرٍ جينيٍّ
بالحجم الَّذي تمَّ الإعلان عنه
في تلك الدِّراسة،
ومع ذلك؛ فإنَّ بياناتنا
لا تَدعَم وجود أيِّ جينٍ
ذي تأثيرٍ كبيرٍ على الميول الجنسيِّ،
على المؤشِّر الجينيِّ "Xq28".
يعني ببساطةٍ تكذيبٌ لـ(هامر) صاحب
دعوى الجين الإلهيِّ -المُكَذَّبَة أيضًا-.
مرَّ حوالي (25) عامًا
والباحثون يحاولون تكرار نتائج (هامر)،
ولم يكرِّروا نتائجه المزعومة!
هذا بالإضافة إلى الأمر الأساسيِّ
-الَّذي ذكرناه في الحلقة الماضية-:
وهو أنَّ ادِّعاء وجود جينٍ
معيَّن لصفةٍ سلوكيَّةٍ معيَّنة
أمرٌ يُكَذِّبُهُ علم الجينات الحديث؛
كما في هذا البحث المنشور عام (2008)
في مجلَّة نيتشر "nature" المعروفة
والَّذي يُبَيِّن أنَّه حتَّى عامَّة
الصِّفات الجسميَّة البسيطة
ظهر بعد فكِّ الشِّيفرة الوراثيَّة
أنَّها أَعْقَدُ مِن أَنْ تُربَط بجينٍ،
أو حتَّى مجموعة جيناتٍ محدَّدةٍ،
فكيف بالصِّفات السُّلوكيَّة
الَّتي هي أَعْقَدُ بكثيرٍ مِن الجِسميَّة؟!
فجين همر؛ سخافةٌ من ناحيةٍ نظريةٍ
كما في بحث نيتشر "nature".
ومُكَذَّبٌ عمليًّا؛ كما في بحث:
سيَنس "science"
وهما أشهر مجلَّتين طبيعيَّتين معروفتين.
بالإضافة إلى أنَّه مُكَذَّبٌ بربع قرنٍ
من الأبحاث العلميِّة الِّتي حاولت
إعادة نتائجه، ولم تُعِدْها.
شاهدٌ آخر متعلِّقٌ بموثوقيَّة الباحثين
نستعرِضه من مراجعة طبيعة
الباحثين في ما يسمى "Gay parenting"
أيّ "تربية المِثْلييَّن للأطفال"؛
حيث في مزيدٍ من الولايات الأمريكيَّة
أصبح من المسموح قانونيًّا
لشاذَّيين مُتَزَوِّجين،
أو شاذَّتين مُتَزَوِّجتين
أَنْ يتبنَّيا طفلًا، ويربيَّاه،
ويَرَاهُما هذا الطِّفل في
علاقتهما الشَّاذَّة صباح مساء،
وعندما تتمُّ مناقشة السَّماح،
أو عدم السَّماح بهذا التَّبنِّي
يتمُّ استدعاء دراساتٍ علميَّةٍ أيضًا،
عن أثر هذا التَّبنِّي على الأطفال.
الكاتب (ديفيد بنكوف) أجرى استقراءً
لعشرات الدِّراسات المتعلِّقة
بتربية الشَّواذِّ للأطفال،
وخرج بنتائجَ نشرها في مقالٍ مدعَّمٍ
بالوقائع المحدَّدة تحت عنوان:
"كل دراسات تربية المِثْلييِّن
للأطفال خاطئة".
ذَكَر (بنكوف) أنَّه من استقرائه
لهذه الدِّراسات
فإن (60%) على الأقل من الباحثين الَّذين
يخرجون بنتائج تدعم السّماح بهذه التربية
هم أنفسهم مِثْليُّون!
وأنَّه لا يعلم عن (25%) من الباقين؛
يعني: قد يكون قسمٌ منهم مثليًّا أيضًا!
ويذكر الكاتب قائمةً بالأسماء والحوادث،
الَّتي تدلُّ على كلامه،
ويقول: "إنَّه كفى دليلًا
على عدم حياديَّتهم
أنَّهم لا يذكرون هذه الحقيقة
في "Conflict of interest"؛
وهو القِسم من الأوراق العلميَّة
الَّذي يَذْكُر فيه الباحث العوامل
الَّتي يمكن أن تُضْعِفَ حياديَّة بحثه.
طبعًا لا يحق لدكتور أَنْ يُصدر بحثًا يُشكك
فيه في صحَّة أبحاث هؤلاء الشَّواذِّ
لأنَّهم مُنحازون لشُذُوذِهم؛
إذ سيُوصَف حينها بالهموفوبيا،
وتشمله حَمَلات مكافحة رِهاب المثليَّة،
ولا عجب بعد ذلك
أَنْ تخرج كثيرٌ من الأبحاث
بنتيجة أنَّ تبنِّي المِثْليين للأطفال
ليس له أيُّ أثرٍ سلبيٍّ على الأطفال!
بل وهذا البحث للدُّكتورة الشَّاذَّة غارتل
-المتزوِّجة من امرأةٍ-
يخرجُ لنا بنتيجة أنَّ الأطفال
الذين يتم تربيتهم من قبل المثليين أو المثليات
يصبحون أفضل اجتماعيًا
من الأطفال الَّذين ينشأون لأبٍ وأمٍ...
أبحاثٌ "علميّة" تُنشر في مجلاتٍ "علمية"،
ويرحب بها "العلماء" في الأوساط "العلميّة"!
فماذا تتوقَّع من هذه "الأوساط" إنْ خَرَجت
لك بأبحاثٍ عن تعدُّد الزَّوجات مثلًا؟
هل ستكون نتائجها موثوقةً حياديَّة؟
خاصَّةً حين تعلم أنَّ التَّعدُّد عندهم
مُجرَّمٌ قانونيًّا؟
علمًا أيضًا بأنَّ بعض الأبحاث
-كهذا المنشور في مجلَّةٍ تابعةٍ
لجامعة كامبريدج المعروفة-
تُظهر أنَّ الأطفال النَّاشئين
لدى الشَّواذِّ يكتسِبون هم أيضًا
السُّلوك الشَّاذَّ بشكلٍ كبيرٍ
كيف شواذٌّ ولديهم أطفال؟!
إما أنَّ الشَّاذ يميلُ للجنسَيْن
فيُنجب بالزَّواج أو بالزِّنا،
بالإضافة إلى السُّلوك الشَّاذِّ،
أو أنَّ هذا الطِّفل نتج عن زنا
بين رجلٍ وامرأة، رمَيَاه فأصبح لقيطًا،
ثمَّ تبنَّاه شاذَّان، أو شاذَّتان...
الحضارة الِّليبراليَّة!
نعود فنقول: هناك أبحاثٌ تُظهِر
أنَّ الأطفال النَّاشئين لدى الشَّواذِّ
يكتسِبون هم أيضًا
السُّلوك الشَّاذَّ بشكلٍ كبيرٍ.
الباحثون الشَّواذُّ
لا يعتبرون هذا مشكلةً أصلًا!
الملحدون يعتبرون أنَّ مجرَّد إخبار
الوالدَين لطفلهما بأنَّ الله خَلَق العالَم
هو استغلالٌ لبراءة طفولتهم بطريقةٍ بشعةٍ،
كما يقول دوكينز في كتابه "وهم الإله".
بينما لا يجد الإلحاد مشكلةً
في تربية الأطفال على الشُّذوذ
ولا يَعدُّ ذلك استغلالًا بشعًا لطفولتهم!
ولنا أنْ نتساءل هنا:
هل الثَّقافة الغربيَّة تؤدِّي إلى
الحرِّيَّة الشَّخصيَّة بالفعل؟!
تصوَّر طفلًا يَنْتُجُ عن زنا،
يصبحُ لقيطًا
يتبنَّاه ذكران شاذَّان
يمارسان شذوذهما أمامه،
فينشأ هو أيضًا شاذًّا،
ثمَّ يُحسُّ بأنَّ شذوذه هذا
مُنافِرٌ لطبيعته الإنسانيَّة؛
-بيقرف من حاله كما يقال-
فيرغب في تصحيح ميوله النَّفسيِّ
حتَّى يعيش صحَّةً نفسيَّةً سويَّةً
من ناحية الميول الجنسيِّ،
لكن تأتي المنظَّمات الصِّحِّيَّة لتقول له:
"يجب منع أيِّ تدخُّلٍ يسعى إلى
تغيير التَّوجُّهات الجنسيَّة لأيِّ شخصٍ"
-كما في تقرير (2012) الَّذي ذكرناه-؛
يعني ممنوعٌ توفير علاجٍ لهذا الشَّاذِّ،
بل يجب أَنْ يبقى كما هو..
هل هذه حرِّيَّة أم إجبارٌ على الفساد؟!
شاهدٌ آخر حول موثوقيَّة
الباحثين هو أَنْ تعلم
أَنَّ البروفيسور (جون مايكل بيلي)
يتلقَّى تمويلًا حكوميًّا أمريكيًّا
ليقوم بأبحاثٍ يقيس فيها الإثارة
لدى الرِّجال والنِّساء المِثْليين
عن طريق تعريضهم
لأفلامٍ إباحيَّةٍ مِثْليَّة
بطُرُق قياسٍ يستحي المرءُ مِن ذِكرها،
حتَّى أنَّه اعتُرِض على أبحاثه
في جريدة (واشنطن تايمز)
بأنَّها مُفْرِطةٌ في الشَّهوانيَّة،
ومَضْيعةٌ لأموال
دافعي الضَّرائب الأمريكان.
في الإسلام؛ يُتلقَّى العلم والحديث
عن الشَّخص العَدْل الثِّقة،
بينما في هذا العِلم الغربيِّ المزعوم
لا ضابطَ ولا شَرْطَ لأخلاق
وموثوقيَّة من يُتلقَّى هذا العلم عنه،
ولا مانع من أنْ يكون
أَحَطَّ النَّاس أخلاقًا!
بل لا مانع من أَنْ يكون ملحدًا
لا يرى قاعدةً مطلَقةً للأخلاقِ أصلًا
-كما بيَّنَّا سابقًا-،
وبالتَّالي فالغشُّ والتَّزوير عنده
أمورٌ نِسبيَّةٌ؛
لا يمكن وصفها بالخطأ بشكلٍ مطلقٍ.
قصَّة بيلي تنقلنا إلى الأمر الثَّالث
في مناقشة موثوقيَّة الأبحاث الغربيَّة
في مجال الشُّذوذ،
وهو تمويل هذه الأبحاث وأثره على النَّتائج.
في مقال (بنكوف) الَّذي ذكرناه قبل قليل،
والَّذي استقرأ فيه عشرات الأبحاث،
ذكر الكاتب بالأدلَّة كيف أنَّ بعض الأبحاث
الدَّاعمة لتربية المِثْليين للأطفال
هي أصلًا مموَّلةٌ
من أفرادٍ مِثْليين مَعْرُوفين،
مثل: ديفيد بونيت، ومؤسَّساتٍ داعِمةٍ
للمِثْليِّين مثل: رينبو إندومنت.
ومن الظَّواهر المعروفة في المجتمع العلميِّ
أَنَّ الدِّراسات كثيرًا ما تنحاز لنتائجَ
يريدها الدَّاعمون الماليُّون،
فيما يُعرف بالانحياز للدَّعم
"sponsorship bias"
يعني تصوَّر شاذًّا يعطي أموالًا
لباحثٍ ويقول له:
"اعمل دراسةً عمَّا إذا كان الَّذي أقوم به
جيِّدًا أم سيِّئًا،
وخذ راتبًا من مالي هذا"
وتصوَّر النَّزاهة العلميَّة بعدها!
يذكر المقال أيضًا أنَّه حتَّى تاريخ
(25/3/2014)
هناك (150) دراسةً عن
تبنِّي المِثْليِّين للأطفال.
طبعًا -إخواني- كلُّ دراسةٍ تُكَلِّفُ
مئات الآلاف أو الملايين من الدُّولارات،
وكثيرٌ منها مدعومٌ بالأموال
الحكوميَّة الفيدراليَّة الأمريكيَّة،
بالإضافة إلى دعم الشَّواذِّ.
ولنا أنْ نتساءل:
هل تدعم الحكومة أو
المؤسَّسات الأمريكيَّة
أبحاثًا عن أثر تَنْشِئة الفتيات على الحشمة
والحياء على صحَّتهنَّ النَّفسيَّة مثلًا؟!
ثمَّ تَصوَّر لو أنَّ باحثًا
خرج بفرضيَّة أنَّ اليهود لديهم جيناتٌ
تدفع نحو المكر والإجرام،
وأراد أَنْ يُجري بحثًا
للتَّحقُّق من فرضيَّته،
هل سيحظى بحثه بأيِّ دعمٍ ماديٍّ؟
أم أنَّه سيُتَّهم
بمعاداة السَّاميَّة ويُجَرَّم؟!
أمرٌ آخر له علاقةٌ بموضوعِ التَّمويل
هو: موضوع نشر نتائج الدِّراسات؛
وهنا تأتينا -أيضًا-
مشكلة الانحياز في النَّشر،
أو ما يُسمَّى
"Publication Bias"؛
يعني إذا خرج لدى الباحث الشَّاذِّ
نتائج بخلاف ما يهوى،
وبخلاف ما تهوى المؤسَّسة
الدَّاعمة له ماليًّا، والمروِّجة للشُّذوذ
فهل سينشرها الباحث أم يخبِّئها؟!
كذلك إذا خرج باحثٌ محايدٌ بالفعل
بنتائج ضدَّ الشُّذوذ
فليس هناك ما يضمن له
قبَول بحثه لدى المجلاَّت العلميَّة،
بل قد ترفض المجلاَّت نشر بحثه
خاصَّة وأن لوبي الشَّواذِّ والدَّاعمين لهم
يشنُّون حملاتهم على كلِّ بحثٍ هنا أو هناك
يخرج بخلاف ما يريدون،
فالأسهل على المجلاَّت أَنْ تُريح رأسها
من تُهمة "رُهَاب المِثليَّة"،
ومن تكرار مأساة رُوبِرْتْ سْبِيتْزَر
الَّذي اضُّطرَّ للاعتذار في النِّهاية!
المحور الأخير في محاضرتنا هو:
كيف يتعامل الإعلام مع نتائج هذه الأبحاث؟
وسائل الإعلام الأمريكيَّة المعروفة ومَن
يُروِّجُ لمثل أجنداتها في العالم الإسلاميّ
تَتَلقَّف الدِّراسات
الِّتي تروقُ للشَّواذِّ،
-على زيفها وتزويرها
الَّذي بيَّنَّا شيئًا منه-،
وتُضيف عليها أيضًا تزويرًا
في عَنوَنة الخبر؛
مثال ذلك: تلقُّفها لما ادَّعاهُ (هامر)
من وجود جينٍ مرتبطٍ بالِمثليَّة،
ونشر الجين المُدَّعى على أوسع نطاق،
وهو ما انتقَدَه
-على استحياءٍ- منشورٌ علميٌّ
بيَّن أنَّ دراسة (هامر)
لم تُكرَّر نتائجها أبدًا،
ومع ذلك تعامل معها الإعلام
كحقيقةٍ مُسَلَّمَةٍ،
ولا زالت وسائل إعلامٍ عالميَّةٍ
مثل: ذا تلغراف "The Telegraph"
لا تستحي بعد مرور (22) عامًا
على التَّكذيب العمليِّ لدراسة (هامر)
مِن أَنْ تصف مُعارضي الشُّذوذ
بأنَّهم: يُهملون العلم،
مُستدِلَّة ضمن "هذا العلم" بدراسة (هامر)!
ليس وسائل الإعلام فقط؛
بل حتَّى "المجتمع العلميُّ"
سلك سلوكًا لاعلميًّا؛
إذ أضاف جينَ المِثْليَّة
المُكَذَّب نظريًّا وعمليًّا
إلى قاعدة البيانات الطِّبيَّة للقرن (21).
في الختام،
لنا أَنْ نتساءل بعد هذا كلِّه:
هل ما يتغنَّى به الملحدون علمٌ؟!
أم علمٌ زائفٌ "Pseudoscience"؟
مُقدَّساتٌ ليبراليَّة
تدفع لنتائج معيَّنةٍ،
دعمٌ ماديٌّ مُنحازٌ،
حرصٌ على إرضاء الدَّاعمين بنتائج تسرُّهم،
باحثون شواذٌّ ومطعونٌ في مصداقيَّتهم،
أخطاءٌ في تصميم الدِّراسات،
انحيازٌ في النَّشر،
إرهابٌ لمن يتَّخذ موقفًا
مخالفًا لهوى الشَّواذِّ،
حملاتٌ لمكافحة الهموفوبيا،
ثمَّ إعلامٌ يتلقَّى من الدِّراسات ما يشاء
ويبني عليها أَنَّ وجود العلاقة المُدَّعاة
للجينات بالميل الشَّاذ
تعني أَنَّ صاحبه
مجبَرٌ على السُّلوك الشَّاذِّ..
ثمَّ يقول لك ببَّغاوات الإلحاد:
أنا أصدِّق العلم!
"ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ
إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا
فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ" [ النور: 40]
وقبل أَنْ نُنهي -يا إخواني-
كلُّ قلبٍ حيٍّ سيُحسُّ بالظُّلمة
من سماع ما ذكرناه
من شواهد انتكاس الفطرة،
فَنَودُّ أَنْ نُنِير قلوبنا بنداء الوحي
بتلاوة آياتٍ من سورة الشُّعراء
تحكي حال نبيِّ الله لوطٍ -عليه السَّلام-؛
الَّذي ظهرت هذه الفاحشة البشعة
أوَّل ما ظهرت في قومه
فناداهم بقوله:
"أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِيْنَ
وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ
مِنْ أَزْوَاجِكُمْ
بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ".
[الشعراء : 165-166]
لم يَحْتَجْ لوطٌ -عليه السَّلام- أَنْ
يُبَرْهِنَ لهم مطوَّلًا على فساد فِعلهم؛
فهو فعلٌ واضح القُبح
يُغني مجرَّد ذكره عن بيان فساده،
ولم يكن جُلُّ دعوة لوطٍ لقومه
أمور العقيدة؛
بلْ انشغل أوَّلًا بمحاولة
تصحيح إنسانيَّتهم
لكن..
"قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ
لَتَكُونَنَّ مِنَ المُخْرَجِينَ،
قاَلَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِنَ القَالِينَ،
رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ،
فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِيْنَ،
إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ،
ثُمَّ دَمَّرْنا الْآخَرِينَ،
وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَرًا
فَسَاءَ مَطَرُ المُنْذَرِينَ،
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً،
وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ،
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيْمُ"
[الشعراء: 167-175]
كنت أَودُّ في أثناء الحلقة أَنْ أَقول:
هل يقبل الإلحاد والدارونيَّة
بتبرير جرائم القتل أو الاغتصاب مثلًا
بوجود جيناتٍ تدفع نحو
هذا السُّلوك كما يبرِّرون الشَّواذَّ؟
لكنِّي لم أطرح هذه التَّساؤلات؛
لأنَّ الإجابة الحديثة عنها
لدى الإلحاد والدارونيَّة:
نعم، نقبل!
ولولا أنَّنا أطلنا عليكم -إخواني-
لأتيتُ لكم بقصَّة الجين المُحارِب
الَّذي أصبح بإمكان بعض المُجرمين
أَنْ يضمُّوه إلى ملف الدِّفاع عنهم
لتخفيف عُقُوبتهم
بناءً على أبحاثٍ علميَّة،
كما حصل مع برادلي وولدروب.
ولحدَّثتُكم عن قصَّة كتاب الدِّكتورين
ثورنهيل (Thornhill) وبالمر (Palmer)
الَّلذين يُبرِّران فيه الاغتصاب
على أنَّه سلوكٌ جينيٌّ طبيعيٌّ!
"وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا
فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ" [ النور : 40]
كان هذا نموذجًا لتحوُّل العلم
إلى أداةٍ تخدِم القيم الحاكمة،
ونموذجًا للتَّردِّي
الَّذي وصله المَاديُّون
حين أنكروا الفطرة،
وفسَّروا السُّلوك الإنسانيَّ
تفسيرًا مادِّيًّا بحتًا،
والسَّلام عليكم ورحمة الله.
[مؤثرات صوتيَّة].