رحلة اليقين ٢٢: عنزة و لو طارت ـ خرافة نظرية التطور المعدلة
(مؤثرات صوتية)
أيمن: تفرَّج تفرَّج يا معاوية
معاوية: عشو؟
أيمن: تفرَّج العنزة الِّي عالشَّجرة.
معاوية: عنزة؟!
صديقه: آه هيها
معاوية: حمامة هاي حمامة
صديقه: تفرَّج كويس، تطلَّع هاي قرونها
معاوية: قرون شو هاي؟
صديقه: قرون العنزة
معاوية: هاي أغصان الشَّجرة واضح يا زلمة تطلَّع
غصن هذا واضح يازلمة هاي غصن وغصن ثاني
عنزة! افرك عينيك افرك
دوام اللَّيل مأثِّر عليك رسمي أفرك عينيك أفرك
قال عنزة قال، حمامة!
معاوية: شو صار معك؟
صديقه: يازلمة تفرَّج يا زلمة عنزة هاي ذيلها.
معاوية: عنزة؟! ذيلها؟! ذيل شو هادا؟
هاي شعرة من رمشك معلِّقة فعينك،
بيتهيَّئ لك أنُّو ذيلها، شيل شيل.
(يابا يا رماء)
أيمن: هاه سمعت؟
معاوية: شو سمعت ؟
صديقه: حكت ماء
معاوية: الرجل هاد بينادي عبنتو رماء رماء
طارت، شايف أنَّها حمامة
صديقه: عنزة ولو طارت
(ماااء)
السَّلام عليكم.
سقطت طاولة داروين "Darwin"
بهدم الخرافاتِ الأربعة التي قامت عليها
كما بينَّا في الحلقة الماضية،
فسارع أتباع داروين لإجراء
تعديلاتٍ على النظريَّة،
هل هم بهذه التعديلات صحَّحوا أخطاء النظريَّة،
وسدوا ثغراتها، وعدَّلوها
لتتناسب مع المكتشفات العلمية
الحديثة كما يقول البعض؟!
أم أنَّ فكرة أنَّ الكائنات الحيَّة
لا تحتاج إلى خالقٍ أعجبتهم،
فأرادوا المحافظة عليها بأيّ ثمن؟
تعالوا نرى...
أبرزُ التَّعديلات التي أجراها أتباع
داروين على عناصر نظريته
هي محاولة الجمع بين الانتخاب الطبيعي،
ومبادئ الوراثة الجينية.
يعني أقرُّوا بأنَّ الاستعمال والإهمال
لا يكسبانِ الكائنَ صفاتٍ
غيرَ تلك الموجودة أصلًا
في المادة الوراثية لأبويه،
فالزرافة مثلًا لم يستطل عنقها عبر الأجيال
لأنَّها مدَّته للأكل من أعالي الأشجار.
كما أقرُّوا بأن الصِّفات المكتسبة
لا يورِّثها الكائن لأبنائه
خلافًا لطروحات داروين
ولامارك "Lamarck".
إذن ما سبب التغيُّرات المزعوم
أنَّها حدثت في الكائنات
وكانت المادةَ الخام للانتخاب الطَّبيعي؟
قالوا: عوامل عديدة، أهمُّها الطَّفرات
العشوائيَّة التي قد تقع في المادة الوراثيَّة
بفعل الحرارة، مواد كيميائيَّة،
أشعَّة كونيَّة،
هذه الطَّفراتُ أحدثتِ التغيُّراتِ التدريجيَّة
البطيئة المتراكمة التي افترضها داروين،
والطَّبيعةُ قضت على الكائنات
التي حدثت فيها طفرات ضارَّة،
وأبقت على الكائنات ذات الطَّفرات المفيدة
كمرحلةٍ انتقاليةٍ إلى كائنٍ جديد،
وسمَّوا هذا النَّموذج المعدَّل بالداروينيَّة
الجديدة نيوداروينزم "Neo-Darwinism"،
أو النظريَّة التركيبيَّة الحديثة،
والتي ساهم في صياغتها
دوبنجانسكي "Dobzhansky" وفيشر "Fisher"
ومير "Mayr" وهكسلي "Huxley" وغيرهم.
فحسب الداروينيَّة الجديدة:
الطَّفَرات عشوائيَّة،
والانتخاب الطَّبيعي موجَّهٌ
باتجاه التطوُّر بتدرُّج،
والتَّكاثر يَضمن استمرار النَّوع الجديد النَّاتج.
تعالوا نرى هل هم بذلك أقاموا الأركان
المنهارة لنظريَّة داروين،
ووفقوا بينها وبين المكتشفاتِ الحديثةِ حقًّا؟
ما هي أركان نظرية داروين؟
أولا:كائنٌ بسيطٌ تكوَّن تلقائيًّا من الجمادات.
أَدرك من بعد داروين أنَّه ليس هناك
شيءٌ اسمه كائنٌ بسيط؛
فقد أظهرت المجاهرُ الإلكترونية أنَّ الخليَّة
الحيَّة -وهي أصغر وحدة بناء-
والتي كان يراها داروين كلطخة هي في الحقيقة
أعقد من أعقد مصنعٍ شيَّده الإنسان،
وعملوا الفيديوهات ثلاثيَّة الأبعاد؛
لتصوير روعتها،
فهل كان ما اكتشفوه من تعقيد
وإبهار وروعة تصميم الخليَّة
سببًا في الاعتراف بأنَّه لا بدَّ لها من
خالقٍ أوجدها بعلمٍ وإرادة
ليصحِّحوا خطأ داروين هنا؟
بل خلاصة أقوالهم هو الرُّجوع إلى قول داروين
أنَّ الحياة نشأت تلقائيًّا من الجمادات،
في رِدَّةٍ علميَّةٍ عن الحقيقة المقررة عقليًا
والتي أثبتها تجريبيًّا أيضًا
لويس باستور "Louis Pasteur"،
بل وفرانسيسكو ريدي "Francesco Redi"
قبل أربعة قرونٍ من الآن: أنَّ الحياة
لا تنشأ تلقائيًّا من الجمادات.
رجَعوا لخرافة داروين في النُّشوء التِّلقائي،
لكن بدل قول داروين أنَّ الكائن الأوَّل
نشأ تلقائيًّا في بركة قالوا نشأ في محيط
مع موسيقا وتصوير لإشعارك بهيبة هذه الخيبة،
رجعوا لخرافة داروين لكن
كانوا في ذلك أجهل منه؛
لأنَّ ما رأوه من تعقيد الخلايا
أعظمُ ممَّا رآه داروين.
معقول؟! 150عامًا على ميلاد خرافة داروين،
ولم يجد أتباعهُ أسطورةً
أخرى لتفسير بدء الحياة!
حتى القرن الحادي والعشرين؟!
بلى وجدوا
تعالوا نرى شيئًا من آخر ما توصَّل إليه
علمُ الخرافة الحديث
إذن يقولُ لكَ: كائناتٌ فضائيَّةٌ بذرت
بذرةَ الحياة الأولى على الأرض،
تذكَّروا إخواني نحن لا نتكلم عن
ديزني لاند "Disneyland"
ولا سبيس تون "Spacetoon"
بل عن علم حسب ما يقولون.
كائناتٌ فضائيَّة، وهذه الكائنات كيف ظهرت؟
من بذر بذرتها؟
يقول لك دوكينز"Dawkins": تطوَّرت دارونيًّا
وهكذا إلى ما لا بداية،
بالإضافة لأقوالٍ أخرى تصلح للتَّندُّر، سنذكرها
في حلقةٍ قادمةٍ عن نشأة الحياة بإذن الله.
إذن فهم تائهون مع داروين من نقطة البداية؛
فهل هم بالفعل أقاموا هذا
الرُّكن المنهار للخرافة؟!
أم أنَّ المسألة عنزة ولو طارت؟
الرُّكن الثاني لنظريَّة داروين: طبيعةٌ تكسب
الكائنَ صفاتٍ جديدةٍ بالاستعمال والإهمال
كمثال الزَّرافة،
ظهرَ بطلانُ هذه الخرافة، فاخترعوا
بدلًا منها خرافةً أكثر هزليَّة،
خرافة أنَّ الطَّفرات العشوائيَّة -يعني تراكماتِ
الأخطاء- هي التي أبدعت الكائنات
بما فيها من جمالٍ، وتناسقٍ، وتنوُّعٍ، وتصميم.
يعني تخريب المادَّة الوراثيَّة لكائنٍ ما
بفعل الأشعَّة أو السُّمومِ مثلًا
أنتجت منه بعد محاولاتٍ كثيرة كائنًا آخر،
أرقى متناسقًا متكامل الأعضاء،
وهكذا إلى أن وصلنا إلى ما نرى
مِن أكثرَ من 8 ملايين نوعٍ من الكائنات
المتناسقة المتكاملة في هذه الأرض.
إذن، التَّخريب أبدع الكائنات،
بهذا عدَّلوا نظريَّة داروين.
سيقولون: لا، نحن نتكلَّم عن الطَّفرات
العشوائيَّة النَّافعة التي تضيف تشفيرًا جديدًا،
نسألهم ما هي الطَّفرات العشوائيَّة النَّافعة؟
هاتوا مثالًا واحدًا على طفرة
تضيف جينًا جديدًا
بعد قرنٍ ونصف من اكتشاف
مندل للجينات عام 1860،
هذا سؤالٌ محرجٌ جدًّا لأيِّ
واحدٍ من أتباع الخرافة
أن لا نجد مثالًا واحدًا على ما يفترضون
أنَّه المحرِّك الأكبر لإنتاج الكائنات كلها.
تعالوا نرى ورطة ريتشارد دوكنز
أمام هذا السؤال المحرج.
إذن أوقفي التَّسجيل، أوقفي التَّسجيل
ريثما أفكِّر في نكتةٍ أخرى
مثل: نكتةِ الكائنات الفضائيَّة التي
بذرت بذرة الحياة في الأرض،
وانظروا في التَّعليقات إخواني كيف كان ردُّه
بعد طول تفكير: أن يغيِّر الموضوع تمامًا.
حتَّى لا يقع أتباع الخرافة في مثل
هذا الموقف المحرج مرَّةً أخرى
اضطَّروا إلى صناعة أكبر كذبةٍ
في تاريخ العلوم الحياتيَّة
وهي تسميَّة التَّكيُّفات بالتَّطور الصُّغروي
"Microevolution"،
يعني ادِّعاء أن التَّكيُّفات الغاية
في الدِّقَّة والرَّوعة والإحكام
تحدث نتيجة طفراتٍ عشوائيَّة.
وألَّف دوكينز كتابه أعظم استعباط...
عفوًا أعظم استعراض على
سطح الأرض أدلَّة التَّطوُّر
-والذي يكذب فيه على قرَّاءه وهو دكتور
(بالإنجليزية) الأحياء التَّطوُّريَّة-
فيحشد أمثلة للتَّكيُّفات البديعة، المشتملة على
تفعيل جيناتٍ موجودةٍ أصلًا على أنَّها ماذا؟!
على أنَّها طفراتٌ عشوائيَّة في كذبٍ سمجٍ مفضوح.
تريد أن أبيِّن لك؟ أرجو منك أخي إذن أن تتابع
بعد الانتهاء من هذه الحلقة
المقطع المرفق بعنوان:
تجربة لينسكي والبكتيريا الهاضمة للسيترات،
وهو مقطع مهمٌّ جدًّا لترى التَّزوير والدَّجل
العلمي على أصوله في التَّعامل مع هذه التَّجربة
التي يصفها بعض عرَّابي الخرافة
-ممن يستفتح حلقاته بالبسملة-
بأنَّها من أقوى الأدلَّة بيد التَّطوُّريين
الملاحدة الذين يقولون:
الصُّدفة تأتي بتركيبٍ معقد،
ولا حول ولا قوة إلا بالله!
تابع معنا هذا المقطع الذي نفشِّي فيه بَلُّون
هذه التَّجرِبة لتدرِك حقيقة الطَّفرات العشوائيَّة
التي يدَّعيها دجاجلة الخرافة
بديلًا عن الخالق العليم الحكيم،
ولتَعلَم هل هذا سدٌّ للثَّغرات،
أم تخريفٌ أشدُّ من دعوى داروين عن الطَّبيعة
التي تكسب الكائن صفاتٍ بالاستعمال والإهمال؟
الرُّكن الثَّالث لنظريَّة داروين: هو توريث
الصِّفات المكتسبة بالاستعمال والإهمال،
فالدُّب الذي اتَّسع فمه سنتيمترًا واحدًا ليلتقط
به الذُّباب أثناء استجمامه في البحر
ورَّث هذا السنتيمتر لأولاده إلى أن اتَّسع
الفم أكثر فأكثر وتحوَّل دبُّنا إلى حوت
وهذا كلُّه عن طريق الجيميولز "Gemmules"
التي اقترح داروين
أنَّ كل خلايا الجسم تفرزها؛
لتؤثِّر على الخلايا التناسليَّة
وسمَّاها بنظريَّة بان جينيسيس "Pangenesis"،
ذكرنا أن هذه خرافات سقطت،
لكن يَعِزُّ على أتباع داروين
أن يوصف أستاذهم بالخطأ في أيِّ شيء؛
لذا أعادوا إحياء الخرافة في
القرن الحادي والعشرين.
وأصبحنا نرى منشوراتٍ في مجلاتٍ علميَّةٍ محكَّمة
تحاول أن تدافع عن هذه الخرافة
وتظهِرَ أنَّ داروين كان لديه بُعد نظر.
أحيَوا هذه الخرافة كما أحيَوا خرافة النُّشوء
التِّلقائي من الجمادات من قبل،
وليسقط العلم، ولتسقط المشاهدة الحسِّيَّة،
ولتَطِر العنزات لعيونك يا داروين.
الرُّكن الرَّابع لنظريَّة داروين: هو تغيُّراتٌ
طفيفةٌ تدريجيَّةٌ متراكمة
تقود من كائنٍ إلى آخر بالانتخاب الطبيعي
الذي يعمل بطريقة طائرة العميان
كما شرحنا في الحلقة الماضية.
بعد داروين تكشَّف لنا أكثر فأكثر أنَّ الكائنات
قائمةٌ على التَّعقيد غير القابل للاختزال
حتَّى على مستوى تراكيب أبسط الكائنات، كالسَّوط
الذي تتحرَّك به بعض البكتيريا على سبيل المثال
والذي يَحتاج في تكوُّنه إلى عشرات البروتينات
التي يشتركُ في تصنيعها حوالي 40 جينًا
بترتيبٍ دقيقٍ إذا اختل لم يَنتُج سوطٌ فعَّال،
هذا في جزء صغير من خليَّةٍ بكتيريَّةٍ صغيرة،
الملايين منها أصغر من رأس دبُّوس،
هذا في سوط بكتيريا كأنَّه يجلد
عقولهم المكابرة المتحجِّرة،
فما بالك بالأجهزة الأكثر تفصيلًا
وتعقيدًا كالعين والأذن،
بل وبجسمٍ حيٍّ كاملٍ متكاملٍ متناسق تؤدِّي
تغيُّراتٌ طفيفةٌ فيه إلى انهياره وعدم تناسقه،
فمع المزيد من الاكتشافات أصبحت نكتة
الانتخاب الطَّبيعي أكثر كوميديَّةً،
وكان الموقف العلمي المتوقع من علماء
الطَّبيعة أن يستحوا من كلام داروين هذا
ويداروا عليه كما يداري الولد العاقل على
أبيه الثملان الذي يقوم بحركات رعناء،
لكن عنزة ولو طارت.
لا بد للخرافة الداروينيَّة أن تستمر
فأعطوا هذه الخرافة اسمًا علميًا
نظريَّة الخيار المشترك، "Co-option theory"،
يعني في مثال طائرة العميان
الزُّجاجةُ التي اتَّخذها أعمىً درعًا
في حربه مع أعدائه من العُميان
استخدمها الانتخاب الطبيعي
الأعمى في خيار آخر
وبمرور الزَّمن حوَّلها إلى زجاجةٍ مقاومةٍ
للضَّغط في طائرة البوينغ العظيمة،
وبمثل هذا تشكَّل كلُّ شيءٍ في الوجود، حسْبَ
أتباع الخرافة بلا قصد، فقالوا لك:
فهل نفعهم اكتشاف تركيب العين وما فيها
من (بالإنجليزية) من الخلايا العصوية
والمخروطية، المستقبلات والناقل العصبي
وتحليل الصُّورة في مراكز في الدِّماغ ثم تخزينها؟!
بل قالوا: هذا كلُّه دون قصد.
﴿قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ
وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ﴾
[يونس:101]
فالخليَّة الأولى ظهرت عندهم من غير قصد،
والتغيُّرات الطَّفيفة دون قصد،
والانتخاب الطَّبيعي راكم التغيُّرات
الطَّفيفة التَّدريجيَّة
لتقود من كائنٍ إلى آخر عفويًّا دون قصدٍ أيضًا
ولا إرادةٍ من أحد، بل بمجموع الصُّدف،
كلُّ هذه الكائنات بإتقانها وروعتها لم يقصد
أحد أن يوجدها، بل جاءت هكذا بالخطأ.
شقَّ داروين طريق الهذيان العلمي،
وأفسد العقل بدعوى اللَّاقصديَّة،
بدعوى أنَّ الإتقان في الكائنات الحيَّة
لا يحتاج إلى متقن،
والتَّصميمَ لا يحتاج إلى مصمِّم،
ولم يكن مع ذلك في كتابه قد أَنكر وجودَ
الخالقِ أو صرَّح بتشكُّكه في وجوده بعد،
فجاء كثيرٌ من أنصاره من بعده
ليطبِّقوا مبادئه هذه فيقولوا:
"والمادَّة التي انبثقت منها الحياة
لا تحتاج إلى من أوجدها،
والطَّبيعة التي انتخبت لا تحتاج إلى خالق،
بل والكون لا يحتاج إلى خالق؛
فكلُّ هذا جاء من عدمٍ بلا قصد.
هذه هي عناصر خرافة داروين وهذا ما فعله
الذين بعده، فهل هذا سدٌّ للثَّغرات؟!
أم مزيدٌ من المكابرة والتَّخريف؟!
هل هذا تصحيحٌ للأخطاء؟! أم سيرٌ في
طريق الضلالة والجهالة إلى آخره؟!
هل هذا علم؟! أم رِدَّةٌ إلى الجاهلية الأولى؟!
معبدٌ للخرافة نصب فيه عُبَّادها وثنًا للانتخاب
الطَّبيعي، ووثنًا أنثى لأخته عشوائيَّة،
ثمَّ أضفوا عليهما كلَّ صفات الخلق
والتكوين والإتقان والإحكام
وهو ما لم يفعله ولا حتى الجاهليُّون
الأوَّلون مع اللَّات والعُزَّى.
وَصْفُ تصحيحِ الأخطاء إنَّما يكون لنظريَّةٍ صحيحةٍ
في فكرتها الجوهريَّة مع أخطاء في التَّفاصيل،
وسدُّ الثَّغرات يكون لبنيانٍ قائمٍ
أصلًا، فيه ثغرات،
نظريَّة داروين لم يقم لها بنيانٌ
حتَّى يكون فيه ثغرات،
والخلل بل واللَّاعقلانيَّة هي في فكرتها الجوهريَّة،
فالموقف العلمي كان يحتِّم طرحها بالكليَّة
ودفنها مع صاحبها،
لكنَّ أنصاره أرادوا لخرافة
اللَّاقصديَّة أن تبقى،
العالِم الذي يحترم نفسه
يتَّبع الدَّليلَ حيثما قاده،
بينما أتباع الخرافة وضعوا
العربة أمام الحصان
وأرادوا المحافظة على نتيجة داروين: أنَّ
الكائنات جاءت هكذا بالأخطاء دون قصد
مهما كلَّف ذلك من مكابرة وسخافة
واستخفافٍ بالعقول
وخيانةٍ للعقل والعلم والمكتشفات الحديثة.
لم تتحمَّل طاولة داروين ما حاول
محاولات بائسة أن يحمِّله عليها،
وهو الكائنات الحيَّة كلُّها،
ولم يزد مَن بعدَه طَاولتَه
إلا تَنَخُّرًا كما رأينا،
فلجأ داروين وأتباعه من بعده
إلى حيلةٍ يتقنونها
وهي تحويل الأدلَّة الهادمة لخرافتهم إلى أدلَّةٍ
داعمةٍ لها في عيون السُّذَّج والمغفَّلين،
يعني أخذوا من الأحمال التي فوق الطَّاولة
وحوَّلوها بلمساتٍ سحريَّة
إلى قوائم جديدة داعمةٍ للخرافة،
وخرجوا علينا بما سمَّوه خطوط
الأدلَّة على النظريَّة،
تابعوا معنا هذه الخطوط
في الحلقة القادمة إخواني
لتروا مزيدًا من كوميديا الخرافة،
ولتروا مصداق قول الله تعالى:
﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾
[الأنبياء:18]
والسلام عليكم ورحمة الله.
[مؤثرات صوتية].