فك تثبيت
→ جميع الحلقات حلقة 52 من 69

رحلة اليقين ٤٨: هل الدحيح ينشر العلم أم الإلحاد والخرافات؟

السَّلامُ عليكم نَشرتُ حلقةً فيها ردٌّ على (يا مَحاسِنَ الصُّدفِ) للدَّحِّيح، فلَفَتَ نظري في التَّعليقات أنَّ كثيرًا مِن المتابعينَ له بيُدافعوا، وبيَقولوا: لا، لا تظلمِ الدّحيحَ، ما هوَ إلّا ناقِلٌ للعلومِ والنَّظريّاتِ، ويُمكِن يُصيب ويُمكِن يُخطئ، لكن مش قَصدُه ينشُر الإلحاد، وما ينفعش تقيس على حلقةٍ واحدةٍ ومعَ أنَّ توجُّهَ الدَّحِّيح كانَ واضحًا تمامًا في تلك الحلقةِ، إلّا أنّي راجعتُ وتابعتُ حلقاتٍ كثيرةً لهُ، فرأيتُ أنَّ أكثرَ هذه الحلقاتِ فيها ترويجٌ للِإلحادِ تحت سِتار العِلمِ والمادِّيَّةِ في هذه الحلقة، حاجيب لكَ بَدَل المثالِ عشرةً مِن حلقاتِ الدَّحِّيح، وبالمناسبةِ، أنا مُش مصري، لكنْ حريصٌ جِدًّا أُبسِّط الخِطابَ في هذهِ الحلقةِ علشان ما تكونش اللُّغةُ حاجزًا، وأحبُّ وأعتزّ بإخواني مِن مِصرَ وغيرِها، الَّذينَ تجمعُني بهم رابطةُ الإيمان شوفوا يا شباب، علشان تعرِفوا الدَّحَّيح وأمثالَه رايحين فين، وتفهَموا الصُّورةَ كاملةً؛ حَنبدأ بمقدِّمةٍ في غايةِ الأهميَّةِ ومُش حَنطوّل فيها... بيَّنا في (رحلةِ اليقينِ) أنَّنا آمنّا باللهِ مِن خِلال العقلِ والفطرةِ والعلومِ التَّجريبيَّة الإلحادُ، يبدأُ مِن الإصرارِ على نتيجةٍ محدَّدةٍ مُسبَقًا؛ إنكارُ وجودِ اللهِ كما بيَّنّا في (المخطوف) لكنَّ الإلحادَ لا يَعترفُ بذلكَ؛ لأنّه سيَظهرُ جاحدًا ومُصِرًّا على النَّتيجةِ مُقَدَّمًا، مُش محايد ولا علمي، فيرُوح الإلحاد يتستَّرُ بستارِ التَّفسيرِ المادِّيِّ المَحضِ للوجودِ، يعني، يدَّعي أنَّه لا يَعترفُ بشيءٍ اسمُه غَيبٌ، وإنَّما بالأشياءِ المادِّيَّةِ فقط، لكنْ لمّا الإلحادُ أصَرَّ على مخالفةِ أدلَّةِ الفِطرةِ والعقلِ، والسَّيَنس "العلم التجريبي" الحقيقيِّ، واستَثنى وجودَ الخالقِ، أصبحَ الكونُ والحياةُ بلا تفسيرٍ عندَه، كلُّها فجواتٌ جاءَ الإلحادُ ليَسُدَّ هذه الفجواتِ... كيف يَسُدُّها؟ بتفسيراتٍ هي في حقيقتِها تفسيراتٌ غَيبيَّةٌ،لكنَّها غبيَّةٌ، كما بيَّنَّا في المرَّةِ الماضية طيِّب، مادامَ اضطرّيت للغَيبِ -يا إلحادُ- في المحصِّلةِ، ليه ماتعترفش بوجودِ الخالقِ؛ الغَيبيِّ الحَقِّ الّذي تَدُلُّ عليهِ الأدلَّةُ كلُّها، بَدَل الغَيبيَّاتِ الغبيَّةِ بتاعتك؟ لأَّ، كلُّو ولا الخالقُ، وعلشان ما يظهرش الإلحادُ متزمِّت، يروح يتَستَّر بـ "العِلمِ التَّجريبيِّ" السَّيَنْسْ، ولمّا تتأكَّدُ مِن أدلَّتهِ، تجدُ أنَّها عِلمٌ مزيَّفٌ "pseudoscience"، أو علمٌ حقيقيٌّ يَدُلُّ على اللهِ، لكنَّ الإلحادَ يعكِسُ دِلالته ليجعلَهُ دليلًا لنفيِ وجودِ الله الحلقاتُ اللّي تابعتَها للدَّحِّيح تدورُ حَولَ هذهِ الطُّرق، ولمنْ يُتابِعُ مَعنا (رحلةُ اليقين)، هذه الحلقة ستكون تمرين تطبيقي "case study" على أسلوب الدّحِّيح، بعدما تناوَلنا أسلوبَ (عدنان إبراهيم)؛ علشان تعرف كيف تسمعُ بشكلٍ ناقدٍ الدّحِّيح نفى الضّبطَ الدّقيقَ المقصودَ للكونِ بحلقة (يا محاسن الصّدف)، وعوَّض عنه بفكرة (بالإنجليزية) الأكوان المتعددة "multiverse" الصُّدَفِيَّة وهو غيبٌ مفترَضٌ غبيّ كما بينَّا في الحلقةِ الماضية، ثمّ نَسَبَ الدّحِّيحُ خَلقَ الإنسانِ إلى التطوُّرِ الصُّدَفيّ، ثمّ نفى الضّبطَ الدّقيقَ في جسمِ الإنسانِ مستخدمًا أدلّةً كاذبةً في هذا كلِّه كما سنَرى، ثمَّ نفى فطرةَ الإنسانِ بالتَّشكيكِ في وُجودِ غايةٍ مِن الحياةِ، ونزعةِ التَّديُّنِ، والضّروراتِ العقليةِ، والنَّزعةِ الأخلاقيَّةِ، والإرادةِ الحُرَّةِ، ثمّ أعطى تفسيراتٍ مادّيَّةٍ للموتِ والحياةِ، وادَّعى قُدرةَ الإنسانِ على إحياءِ الموتى، ثمَّ لمَّحَ الدّحِّيح إلى اعتبارِ أنّ اللهَ لَيسَ له وجودٌ حقيقيٌ، وإنّما مَعنى اخترعهُ الإنسان وللمستغربين مِن قولنا أنَّ الدّحِّيح بيرَوّج للإلحاد، خُد بالك، الدّحِّيح طريقته مختلفة عن واحد زي (شريف جابر) اللي بيقولك ياها فوشك: "أنا عاوزك تكفُر"... لأ، الدّحِّيح مبيتكلّمش عن الإسلام بشكلٍ مباشر، وإنّما بِيَهدم عندك القواعد الّتي بيتبَني عليها الإسلام كالفطرة، والإيمان بالخَلق، والروح وهو عامل نفسه بِيَتكلّم في عِلْم، فأنت ما بتحسش إنّه بِيُهاجم دينك، لكنّك بتبدأ تشكّ شويَّه شويَّه ومصادرُ معلوماتِ الدّحِّيحِ الّتي يُفاخرُ بها في هذا كلّه هي كتبُ الملحدين، وللّذين يقولون: الدّحِّيح بينقُل علوم ونظريات وبحط المصادر، اشمعنا لا ينقُلُ في هذه المجالات إلا من كتبِ الملحدين المليئةِ بالعِلْم الزَّائف والغيبيَّات الغبيَّة كما سنرى؟ اشمعنا لا ينقل من الأبحاث المحترمة الّتي تبيّنُ أنّ هذه النّظريات كلامٌ فارغٌ؟ وحتّى لو جاب الدّحَّيح أبحاثًا حقيقيَّةً، ليه بيستدلّ بها استدلالاتٍ خاطئةً ليثْبت الأفكار الإلحادية؟ تعالوا عليها يا إخوانَّا واحدة واحدة، تكلّمنا عن الضّبطِ الدّقيقِ للكونِ، وتشكيك الدّحِّيح فيها في حلقة (يا محاسن الصُّدف)، تعالوا للكائناتِ الحيّةِ، إن لم يكن لهذه الكائنات خالقٌ خلقها عن قصدٍ، وعلمٍ، وحكمةٍ، فكيف جاءت الكائنات الحية؟ يجيبك الدّحِّيح في حلقة (شاورما الدّيناصورات) بأنَّه التَّطوُّر طبعًا، الغريب أنّ الدّحِّيح تجنّب تمامًا ذكر داروين "Darwin" واسم كتابه، ونظرية التّطوّر طِوالَ الحلقة، وبيقول: "كتاب ١٨٥٩..." [المهم سنة ١٨٥٩، أحدُ العلماء منعرفش اسمهُ الحقيقة، نشر كتاب منعرفش برده اسمه، كان بيتكلّم على أصل الأنواع... قدامنا هذا الدّليل من الحفريات المرعب اللّي فيه هذا (بالإنجليزية) الخليط الفظيع، اللّي تنبأ به كتاب بتاع سنة ١٨٥٩] هو أنت مستحي يا دَحِّيح تواجه جمهورك بهذه الأسماء ولا إيه؟ على كلٍّ، عندك دليل -يا دَحِّيح- على صحة كلامك عن تطوُّر الكائنات بعضها عن بعض؟ يقولك الدَّحِّيح: طبعًا حفرية الأركيوبتركس "Archaeopteryx" تُمثّل حلقةً انتقاليةً بين الزّواحف والطّيور، يعني يمكن اعتبارها أول طائر ويقول الدَّحِّيح عن الدَّيناصورات: [باتّفاق من المجتمع العلمي أنّ دول أجداد العشرة آلاف نوع من أنواع الطيوراللّي موجودين النهاردة] طبعًا أنا كنت بيّنت في حلقة (طرزان)، وبأوراقٍ من أشهر المجلات مثل سينس "Science" ونيتشر "Nature"، أنّ هذا لا اتِّفاق من المجتمع العِلْمي ولا حاجة وذكرت الأبحاث اللّي بتنفي أن الأركيوبتيركس حلقة وصلٍ مع الطيور، لكن الدَّحِّيح بينتقي اللّي يعجبه وبيدّعِي الإجماع عليه عدا عن أني بيَّنتُ في حلقة (من سرق المليون؟) لماذا فكرة الحلقات الانتقالية من أساسها فكرة كوميدية تحايلية للغاية في نفس حلقة (شاورما الدَّيناصورات)، يجيب لك الدَّحِّيح دليل تاني على التّطوّر، خاصةً تطوّر الإنسان [لما ابتدى عايز يشوف الحاجات اللّي اسمها تأسّل"Atavism"، اللّي هي الحاجات اللّي بتبقى مستخبيّة في الحمض النّووي بتاعنا من آثار أجدادنا، فتلاقي مثلًا أحيانًا أطفال بيتولدوا عندهم ديل.] إذن فاحنا أجدادنا حيوانات بديل، والدليل الأولاد اللي بيطلع ليهم ديل طبعًا أنا كنت بيّنت في حلقة (ذيلك الذي لا تعرف عنه الكثير) أنّ هذه كذبة قديمة أوي أوي بدأها داروين في كتابه (أصل الإنسان) بناءً على التَّشابهِ الخارجيِّ، وأنَّ هناكَ أبحاثٌ علميَّةٌ لباحثينَ بعضُهم من أتباعِ نظريَّةِ التَّطوُّر في (نيتشر) وغيرِها، بيَّنتْ أنَّ ما يُسمَّى بالذَّيلِ البشريِّ هو في الواقع نُموَّاتٌ وزوائدٌ من نسيجٍ دهنيٍّ وأليافٍ، لا فيها عظامٌ، ولا غضاريفٌ، يعني لا علاقة لها بالذَّيلِ بتاع الحيوان وممكن تظهر هذه الزّوائد في أماكن عديدة، عند الرَّقبةِ مثلًا كما في هذه الورقة في (نيتشر)، فما يسمِّيهِ الدَّحِّيحُ وأشكالهُ (ديل) هو مرضٌ لهُ أسماءٌ علميَّةٌ: (بالإنجليزية) خلل الرفاء الشوكي "Spinal dysraphism, bifida, lipoma" مش ديل دال على أصول حيوانية، لكن الدَّحِّيح بيستخدم أيّ خرافاتٍ قديمةٍ (بالإنجليزية) علم مزيف "pseudoscience" وبيتظاهر أنَّهُ يَعرضُ علمًا محايدًا ولهُ مصادرٌ طيّب، إذا كانَ الإنسانُ جاءَ بالتَّطوُّرِ بالصُّدفةِ -يا دَحِّيح-، إزاي تفسر الضَّبطَ الدَّقيقَ والإتقانَ، والإحكامَ في جسم الإنسان؟ يجيبكَ الدّحيحُ في حلقةِ (ألوان زمان): "لا، مين قالك أنَّ جسم الإنسان متقنٌ، ده فيه عيوب" تعالَ نشوف [وبعد كده تحت القرنية بقى فيه عدسة بتركز الضوء، فعينيك تطوَّرت جامد عبر التاريخ، فأنت عينيك -ما شاء الله- متعوب فيها يعني أسمع واحد بيقولي: "يا سلام، دا حنا كده بقى وصلنا لقمة الإعجاز، العين بتاعة البني آدمين بقت أحسن حاجة ، وأعظم حاجة مش عايز أفاجأك وأقول لك الحكاية دي بس عينيك كبني آدم فيها بعض العيوب، ايه! ازاى الكلام ده؟!] طبعًا -يا إخوانَّا- كذبةُ أنَّ عينَ الإنسانِ مَعيبةٌ، روَّجها الكاتبُ الملحدُ الذي يستدلُّ بهِ الدَّحِّيحُ في حلقاته ريتشارد دوكنز "Richard Dawkins"، وكنَّا ردَدْنا عليها في حلقةِ (أحْرَجْتُك) واللي بينَّا فيها بالتَّفصيلِ مِن الأبحاثِ العلميَّةِ، إن تركيب العينِ اللي بيعيبوه هو ضرورةٌ، وحلٌّ فائقٌ "superior solution" لاستغلالِ مَساحةِ العينِ، كما في مجلَّةِ فيجن ريسيرش "vision research" وأنَّ هذا التَّركيبَ بيعرض الضوءَ لعشراتِ أنواعِ الخلايا المختلفةِ قبلَ ما يوصل لخلايا الشَّبكيَّةِ، مما يزيدُ قوَّةَ ونقاءَ الإبصارِ، كما في أبحاثِ أشهرِ المجلَّاتِ بي ناس "pnas"، ونيتشر، وغيرِها حتَّى أنَّ موقعَ فيز دوت أورج "phys.org" التَّطوُّريَّ، بينص على أنَّ وجودَ الخلايا الحسَّاسةِ في مؤخِّرةِ الشَّبكيَّةِ مِيزةٌ تصميميَّةٌ "design feature"، وأنَّ القولَ بأنَّ العينَ ستكونُ أفضلَ لو كانتِ الخلايا في مُقدِّمةِ الشَّبكيَّةِ، هو حماقَةٌ "folly" الدَّحِّيح سايب الأبحاث العلميَّة كلَّها، وبيستشهد بالحماقات بتاعت ريتشارد دوكينز اللي بيَّنَّا بالتَّفصيلِ أمثلةً مِن كذِبهِ وتزويرهِ للعِلْم، في سبيل إقناع النَّّاس أنْ (لا إله) طيِّب تعالَ -يا دَحِّيح- نتجاوز جسم الإنسان، إزاي بتفسر وجودَ الفطرة فيه؟ أيه يعني (فطرة)؟ يعني الناس لما تتولد بيكون عندها جذورٌ لنزعةِ التَّديُّنِ، واللُّجوءِ لذي القوَّةِ العُليا، وضروراتٍ عقليَّةٍ، مثلَ: مبدأِ السَّببيَّةِ، أنَّ لكلِّ حادثٍ سببٌ، ونزعةٍ أخلاقيَّةٍ: من حبِّ الخير وكراهيَّةِ الشَّر، وشعورٍ بأنَّ حياتنا لا بدَّ لها مِن غايةٍ، واللي يسمَّى بـ (الغائيَّة)، وإرادةٍ حرَّةٍ: في أننا نعمل الأشياء أو منعملهاش، ونتحمَّلُ مسؤوليَّةَ اختياراتِنا ده كلُّو من الفطرة الفطرةُ -يا إخوانَّا- بتشكل مأزق كبير للملحدين؛ لأن وجودها بالنسبة لهم يعني ضرورة وجود تدخُّل خارجي، من ذي قوَّةٍ مريدةٍ عليمة، ما بتتفسرش بمجردِ تفاعلاتٍ بيوكيميائيَّةٍ عشوائيَّةٍ يعني تصوَّر شخص بيقول: هذا جهاز كمبيوتر تكوَّنَ بمحضِ الصُّدفةِ، تركَّبتْ أجزاؤهُ وتناسقتْ دونَ صانعٍ، وأنما ريحٌ عاصفةٌ هوجاءُ جمعتهُ على هذا النَّحوِ رحنا فتحنا الكومبيوتر فوجدْنا فيهِ نظامَ تشغيلٍ كاملٍ متناسقٍ، وبرامَج لكلٍّ منها غايةٌ، كيفَ تفسِّرُ وجودَ هذهِ البرامجِ أيُّها الملحدُ؟ يعني إذا بلعنا أُكذوبتكَ المضحكةَ عن العتاد "Hardware"، فكيفَ تفسِّرُ وجودَ البرمجياتِ "Software" على الجهازِ؟ التفاعلاتُ البيولوجيَّةُ الكيميائيَّةُ المجرَّدةُ، والطَّفراتُ العشوائيَّةُ، والانتخابُ الطَّبيعيُّ بتوع نظريَّةِ التَّطوُّر لو سلَّمنا لكم وافترضنا أنَّها يمكنُها بالفعلِ خلقُ إنسانٍ، وبثُّ الحياةِ فيهِ كمان هذهِ المعاني العمياء، مِن أينَ لها أنْ تودِعَ في نفسِ الإنسانِ هذهِ المكوِّناتِ الفطريَّةِ المتناسقةِ المُوجَّهة، وفي كلِّ نفسٍ جديدةٍ تُولد؟ الإلحادُ هنا بيتخبط غايةَ التَّخبطِ، فمِن الملحدينَ مَن يبحثُ عن أسبابٍ ماديَّةٍ لهذهِ المكوِّناتِ الفطريَّة، فنقول لهم: فلنفترض جدلًا، أنَّكم وجدْتم جيناتٍ لنزعةِ التَّديُّن، وأخرى للضَّرورات العقليَّة، ومجموعةٍ ثالثةٍ للأخلاقِ، وجيناتٍ للشُّعورِ بوجودِ هدفٍ للحياة ما هذهِ الحُزمةُ المتناسِقةُ الموجَّهةُ، التي تجعلُ النَّاسَ مؤمنينَ بوجودِ خالقٍ، محبِّينَ لعبادَتِهِ، ملتجئينَ إليهِ، مالكينَ لضروراتٍ عقليَّةٍ كالسَّببيَّةِ، يستدلُّونَ بها على وجوده، ونزعةٍ أخلاقيَّةٍ منسجمةٍ مع أوامره، وشعورٍ بالغائيَّة، يدفعهُم للبحث عن مراده، والالتزام به إنْ وجدْتم بالفعل أسبابًا ماديَّةً للمكوِّنات الفطريَّة، فما هو إلَّا دليلٌ آخرٌ على عِظمِ هذا الخالق، الذي أودعَها في البشر، وكَامَلَ بينها وجعلها مُنسجمةً مع أوامرهِ الشرعيَّة كمان لو كانتِ المسألةُ مسألةَ جيناتٍ وتفاعلاتٍ بيوكيميائيَّةٍ، فازاي تفسروا الإرادةَ الحرَّةَ للإنسان؟! واللي هي منَ الفطرة أيضًا إذا كانت مادَّةً وخلاص، فالإنسانُ حيكون دُميةً تحرِّكهُ جيناته باتجاهٍ محدَّدٍ ومحسومٍ، ومعندوش اختيارٌ ولا هتقول إنَّ هناكَ جيناتٌ تجبركَ على أن تكونَ حرًّا في اختياراتِك؟ هنا حطَّ الإلحاد رجليه في الحيط، واضطَرَّ إلى إنكار الفطرة، اضطَرَّ يُنكر الحاجات اللي بيدركها النَّاسُ عن أنفسهم بالبديهةِ أصلًا بالمناسبةِ، أنا كنت تكلمتُ بالتَّفصيلِ عن أزمةِ الإلحادِ مع الفطرة، في الحلقاتِ 3 إلى 12 من (رحلة اليقين) إذا تابعتَها، حتشوف الرُّدودَ العلميَّةَ، وتفهمُ تمامًا الدَّحِّيح وأشكاله رايحين فينا لفين حتلاقي الدَّحِّيح في حلقاته بيطرح طرحًا إلحاديًّا مع واحدةٍ واحدةٍ من مكوِّنات الفطرة اللي تكلّمنا عنها الغائيَّة: يعني الشُّعورُ بوجودِ غايةٍ، هدفٍ من الحياة، نَزعةِ التَّديُّن، الضَّرورات العقليَّة، النَّزعة الأخلاقيَّة، والإرادةِ الحُرَّة أمَّا بالنِّسبة لوجود هدفٍ مِن الحياة، فقدِ انتشرَ مقطعٌ لواحدٍ يسألُ الدَّحِّيحَ عنِ الهدف مِن الحياة، ويريد منه نصيحةً للشَّباب إجابةُ الدَّحِّيح كانتْ صادمةً لدرجةٍ جعلت المخدوعينَ فيه يقولون أنَّهُ كانَ بيهزر يعني بيمزح، لكنْ لما تشوفه وهو بيستدل بكُتَّابٍ معيَّنين؛ علشان يبرهن لكَ على جوابه، ولا يغيِّر كلامه بَعدَها، ولما تشوف أنَّ جوابهُ متوافقٌ مع نظرتهِ المادِّيَّةِ وطرحهِ الإلحاديِّ، فستعلمُ أنَّهُ مكانش بيهزر السؤالُ كانَ... [السائل: سؤال، عايزينك تدي رسالة للشباب اللي هم مالهمش أي هدف في الحياة الدحيح: طب وايه المشكلة؟ هي الحياة بلا هدف أنت مقريتش في... السائل: لا، أنت ليك أنت لك أهداف كتير أوي دي بتاعت ألبرت كامو وسارتر في كتبهم الوجودية التي تفترض أن ليس هناك أي معنى للحياة سائل:لا، أكيد ليه معنى للحياة، الإنسان على الوجود على سطح الأرض بيبقى ليه متطلبات وليه مثلًا أهداف معينة الدحيح: طب ما الأهدف كلها موجودة احنا عاوزين ناكل ونشرب ونتكاثر ] ناكل ونشرب ونتكاثر!! (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ) [الجاثية:24] بيقول لك: ما الحياة بلا هدفٍ يعني مفيش مكان لقولهِ تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذّاريات:56] ولا لعَمارةِ الأرضِ بما يُرضي اللهَ، ولا لدخولِ الجنَّةِ والنَّجاةِ مِن النَّار ولسه في ناس عندهم شك إنَّ الدَّحِّيح بينشر الإلحاد، والعدميَّة، والعبثيَّة! أمَّا بالنِّسبة لنزعة التَّديُّن، فيكفيكَ مثلًا تشوف حلقته (مؤمن في المريخ) لترى الاستخفافَ بالدِّين والتَّديُّن ومع ذلكَ، فالدَّحِّيحُ لا يكثر مِن الحديث عنِ التَّديُّن، بل يتكلَّم في أمورٍ، لله فيها قولٌ فصلٌ ومع ذلكَ، يأتي الدَّحِّيحُ بأقوالٍ مصادمةٍ على أنَّها عِلمٌ، وكأنَّ الوحي مالهوش أيّ قيمةٍ وللأسف الشديدِ، ترى البعضَ يعلِّقُ بأنَّهُ "يا أخي ليه بدّخلوا الدَّين في كلِّ حاجة؟" وهؤلاءِ، لا يفهمونَ العلاقةَ بينَ مصادر العِلم مِن عقلٍ، وفطرةٍ، وخبرٍ صادقٍ كالوحيِ، وسَيَنْسْ "علمٍ تجريبيّ" الوحيُ عِلمٌ، الآياتُ والأحاديثُ الصَّحيحةُ عِلمٌ، ولا يمكنُ أنْ تُعارضَ السَّيَنْسْ الحقيقيَّ من الوحيِ ما هوَ قَطعيُّ الدَّلالةِ، تفسيرهُ واضحٌ تمامًا، فإذا عارضَ العلمَ التَّجريبيَّ فلا بدَّ أنْ يكونَ هذا العلمُ زائفًا، كما بيَّنتُ كثيرًا في (رحلة اليقين) وإذا ظنَّنا أنَّ هناكَ تَعارضٌ بينَ العِلم التَّجريبيِّ -علمٍ تجريبيٍّ حقيقيٍّ- والوحي، فقد يكون الخلل في فَهمنا للوحي بالفعل، وهذا التَّوفيق كلُّه بين الوحي والعِلم له قواعدٌ وأصولٌ أمَّا أن نقول ما تدخلوش الدِّين في العِلم، فهذا جهلٌ شديدٌ واللي بيقولوا كده بيحتاجوا بشدَّة يراجعوا حلقة (المخطوف) أمَّا الضَّرورات العقلية، فهي اللي بيتبني عليها العِلم الشَّرعي والعِلم الدُّنيوي، مثلًا: علاقة السببيَّة؛ إنَّ كلَّ شيءٍ حادثٍ له سببٌ، وبالتالي الكون والإنسان لا بدَّ لهما من سببٍ لوجودهما والعلوم قائمةٌ على رصد العلاقات السَّببيَّة في حلقة (السَّبب) بيشكك الدَّحِّيح في السَّببيّة من أساسها، وبيذكر رأي ديفيد هيوم"David Hume" الذي يشكك في وجود علاقةٍ سببيَّةٍ بين الأشياء، سيقول قائلٌ: "يا أخي هو بيطرح كلام ديفيد هيوم ومقالش إنَّه بيأيّده" مرةً أخرى، اشمعنا طروحات المُؤدية للإلحاد وايه الفايدة من أن يطرحها دون ما يرد عليها؟! أمَّا النَّزعة الأخلاقية، ففي حلقة (أخلاق الأطفال) بيُقِرّ الدَّحِّيح أنَّ عندنا نزعةٌ أخلاقيةٌ لحبّ العدل وكره الظّلم موجودة فينا لكنَّه بيشكك في صلاحيتها وعدالتها؛ لأنه بيدّعي -حسب الأبحاث المزعومة- أن هذه النَّزعة الأخلاقية موجَّهة فقط لمن هم مثلنا يعني منحازة "Biased" فبيقول الدَّحِّيح: [الملخص على حد ما أنا فهمت من هذه الأبحاث، إن الأبحاث دي بتورينا أن احنا نوعا ما مولودين في مخنا أخلاق متصطبة بنتولد جايين هذا الكون بأخلاق معينة منها حاجات كويسة جدًا ونبيلة جدًا، بس الحاجات الكويسة والنبيلة دي غالبا بتروح للي شبهنا، احنا بنحب اللي شبهنا، ومستعدين نرضى بالظلم ونرضى بالعرقلة للي مش شبهنا ومختلف عننا] خد بالك الدَّحِّيح مش عمّال بيتكلم عن أنَّ الواحد فينا بيألف اللي شبهه أكتر، ولا بيتكلم عن تلوث أخلاق بعضنا لما نكبر وتَغَيُّر معاييرنا الأخلاقية بحيث نرضى بالظلم لا، هو بيقنعك أن المعايير الأخلاقية معطوبة أساسًا، منحازة أساسًا منذ الطفولة ايه معنى الكلام دا؟ الكلام دا له نتيجتان خطيرتان: أولًا: أنَّ وجود هذه الأخلاق لا يدل على خالق أنا كنت -يا أخوانَّا- شرحت ازاي وجود الأخلاق في فطرتنا هو من الأدلة على وجود خالقٍ يُحبب الخير والعدل للنَّاس، ويكرِّه إليهم الشَّرَّ والظُّلمَ لكن حسب الدَّحِّيح، فهذه الأخلاق منحازة بحيث نرضى بالظُّلم والشَّر لمنهم مختلفون عنَّا لمجرَّد أنَّهم مختلفون عنَّا، وبالتالي فهذه النَّزعة الأخلاقية مهياش لا عادلة ولا حكيمة، فمهياش دليل على خالقٍ حكيمٍ، ولا حاجة بدليل أنَّها نسبيةٌ ومنحازة النَّتيجة الخطيرة الثَّانية: أنَّ هذه الأخلاق لا يُعتمد عليها؛لأنَّها مهياش حقٌ مطلق، بل نسبيّة ومنحازة أيوه، خد بالك الدَّحِّيح بيقول الكلام دا في ختام حلقةٍ بدأ فيها بالسؤال التالي: [لو جبنا طفل ورميناه في جزيرة لما يكبر شوية ويرجع لنا هيقولنا ايه؟ ايه الأفعال اللي هتضايقه؟ هل هيرضى بالظلم؟ هل هيرضى بلأذى؟ هل هيخون؟ هل هيحترم أبوه وأمه؟ هل هيحب المثليين؟ ديه كلها أسئلة مهمة جدًا، هل هيحب المثليين؟] "هل هيحب المثليين؟" آها، إذن أنت يا دَحِّيح عاوزنا نفهم ان لمَّا منحبش المثليين فببساطة؛ لأنهم مش شبهنا ومختلفين عننا، مش لأن الشُّذوذ شيءٌ خبيثٌ ولا حاجة، فحنرضى بالظُّلم والعرقلة لهم، ومنعهم من ممارسة شذوذهم وطبعا حتفهم الكلام ده لما نيجي نشوف ازاي الدَّحِّيح بينكر الإرادة الحرَّة وبالتالي فالشّاذ -بحسب الدَّحِّيح- إنسان مجبور على أفعاله الشَّاذة فالأخلاق -حسب الدَّحِّيح- مهياش قيم حقيقية مطلقة، مفيهاش حق و باطل، وإنَّما لمَّا جاء الدَّحِّيح يُعَرِّف الشَّر عرَّفه كالتالي: [إنّ ممكن في يوم من الأيام، نقدر نعالج الشَّر ممكن نعالج أيّ صفة المجتمع بينبذها] وطبعًا هذا تعريفٌ قابلٌ للتّغير، والمثليّة يعني الشّذوذ فيه مجتمعات كثيرة مش بتنبذها، وبالتالي فهي مش بالضّرورة تكون شرّ -حسب الدَّحِّيح- ده طبعا غير أن الدَّحِّيح بيتكلم في حلقة (فيلم وثائقي) عن فوائد الأفلام الإباحية، وكيف أنّها وصّلت العالم ببعض وبيقول عن البورن "Porn" يعني الصُّور الجنسيَّة [عزيزي المشاهد، البورن هو اللي كان وراء الكابلات"Cables" والهيكل الأساسي"infrastructure" اللي عملت الإنترنت، الإنترنت اللي أقل ما يُقال في حقه النهارده اللي فتح بيوت ناس كتير] بل وبينسب الدَّحِّيح الفضل للصّور الإباحية في انتشار الطّباعة والميكروفيلم "Microfilm" وغيرها.. ولن أستغرب إذا بدأ الدَّحِّيح يروج بصراحة أكثر للشُّذوذ الجنسي، بعدما مهد له بحلقة (هو وهي ودوائر الهويّة)، وحيكون رفضك للشّذوذ ظلم وعرقلة لهم؛ لأنهم ببساطة مختلفين عنك -بحسب الدَّحِّيح- مش لأنَّ الشُّذوذ في نفسه حاجة خبيثة طيِّب، الدَّحِّيح بنى الكلام دا كلّه على أيّ أساس؟ على تجارب بول بلوم "Paul Bloom" مين بول بلوم ده؟ [وهنا بيجي دور عالم النَّفس الشَّهير بول بلوم اللي عمال هاريته في 500 حلقة قبل كده لكن أنا صراحة بحب هذا الرجل محاضراته عالقليل عظيمة يعني موجودة عالنت ببلاش] بول بلوم، هو ملحد صاحب مقال (هل الإله صدفة؟) واللي بيقول فيه: إن الأطروحات الدينية العامة تنتج بالصُّدفة كناتج ثانوي لنظمنا العقلية وبيمثل الملحدين في المناظرات هو ده بول بلوم اللي بيحبه الدَّحِّيح وبيدلك على محاضراته المجانية على النت فـ (بول بلوم) مهواش طفل ولا في جزيرة، بل ملحد عايز يجد تفسير إلحادي للأخلاق طب وفيها ايه حتى لو كان ملحد، ده مش هيؤثر على صدق وأمانة أبحاثه لا، إذا كنت بتعتقد هذا الكلام، فأنت بحاجة شديدة إلى أن تحضر حلقة (تزييف العلم الشذوذ مثالا)؛ علشان تعرف أن هذه الحيادية في مجال الأبحاث اللي بتُوظف توظيف عقدي أنَّ هذه الحيادية مجرد خُرافة مضحكة طبعا عدا عن خيبة الاستدلال بتجربة (بلوم) [المفاجأة كانت إن الأطفال الجميلة الطاهرة ديه اللي شوفناها قبل كده بتحب اللي بيساعد إنها عارفه تفرق بين الظلم والعدل، كانت بتختار وبتنتحب اللي بيعرقل اللي اختار نوع مختلف من الشوكولاتة] الأطفال اختاروا الروبوت اللي بيعرقل فتح الشوكولاتة المختلفة عن النوع اللي بيحبوه، يروح الدَّحِّيح يبني على هذه التجربة-اللي الله أعلم بمدى صحتها لراجل ملحد زي بلوم- يبني عليها نتائج خطيرة زي اللي شوفناها، ويشعر الشَّباب أنَّه يروج العِلم إذن فالدَّحِّيح تعامل مع المكونات الفطرية الأربعة السابقة بالطرق المختلفة التي ذكرناها واللي اعتدناها تماما في الطرح الإلحادي. فاضل نمرة 5 (الإرادة الحرَّة) وهي أكثر ما ركَّز عليه الدَّحِّيح؛ لأنَّها من أكثر ما يزعج الملحدين ويبيِّن سُخف طروحاتهم إذا كان الإنسان مجرد مادة محكومة بقوانين بيولوجية وكيميائية وشوية كهربا في الخلايا العصبية، فنحن لسنا إلا روبوتات مُسيَّرة لأعمالٍ معينةٍ بلا اختيار فإزاي تفسر وجود إرادة حرَّة يا إلحاد؟! ديه حقيقة محدش يقدر ينكرها، إن الإنسان يختار في أفعاله، يشتري أو لا يشتري، يتكلم أو لا يتكلم، يكتب أو لا يكتب كاهن الإلحاد ريتشارد دوكينز لما سُئل، إن كان هناك أيّ تفسيرمادي تطوُّري للإرادة الحرَّة أجاب كالتالي: ومع ذلك فالملحدون اختاروا أن يضحكوا على أنفسهم، ويقنعوا الناس بخلاف ما يَعْلَمونه حقيقةً من الإرادة الحرَّة، وزوَّروا في سبيل ذلك الأبحاث، أو حرَّفوا دلالتها والدَّحِّيح مُهمَّته يعيد كلامهم بس بالعربي [السؤال الأهم هل ده فعلا اللي الجينات عايزاه؟ واحد طبعا يسئلني ومال الجينات بالموضوع ما ده اللي أنا عايزه في كتابه (الجين الأناني "The Selfish Gene") عالم الأحياء الشهير (ريتشارد دوكينز)...]. إذن، فشيء مضحك تتصور أن عندك حرِّية اختيار ويروح الدَّحِّيح يُقْنعك بكتاب (الجين الأناني) لكاهن الإلحاد دوكينز اللي اعترف بنفسه أن الإرادة الحرَّة مأزق الأخ رضا زيدان نشر كتابًا فيه نقدٌ علميٌّ لخُرافة الجين الأناني وتِبيان لتبعاتِها الأخلاقية القذرة والمجتمع البيولوجي يتكلم عن الجين الأناني بازدراء كما في هذه المقابلة مع البروفيسور إدوارد ويلسون"Edward Wilson" يشير (ويلسون) إلى ورقته المنشورة في (نيتشر) ومع ذلك لا يزال الدَّحِّيح بيستشهد بالجين الأناني الدَّحِّيح بيقلد الملحدين حتى في الصُّور اللي بيستخدموها، فلما الملحد سام هاريس"Sam Harris" يؤلف كتاب (الإرادة الحرَّة) ويقول في أوله: "الإرادة الحرَّة وهْم" ويصف الإنسان فيه بأنَّه "Biochemical Puppet" يعني دُمية كيميائية حيوية، يروح الدَّحِّيح في حلقة (السيطرة على المخ) يعيد نفس الكلام بل ويستخدم نفس فكرة غلاف كتاب سام هاريس. وبيقول في الحلقة: [وفي الآخر،الانطباع الحالي عند العلماء أن حركاتك وذكرياتك وأحاسيسك ومشاعرك وخيالك عبارة عن شوية كهربا وكيميا وخلايا عصبية... وليه مش احنا اللي بنقدر نتحكم في مخنا؟ ليه مبنتحكمش في إدمانا؟ ليه مبنتحكمش في عواطفنا؟ ولما قلت الحاجات ديه ليه ميكنش هو اللي بيتحكم فينا؟] "مبنتحكمش في إدمانّا، دماغنا هواللي بيتحكم فينا" في حلقة (نصك الملحد) يقول الدَّحِّيح: [يعني بأسئلة زي ديه احنا بنرجع لأحد أهم المعضلات الفكرية في التاريخ، هل الإنسان مُسيّر ولامُخيَّر؟ وفي الحالة ديه ما يمكن يكون مُسيَّر، بس في الحالة ديه النص الشمال بيعمل قصة كويسة تفهمه انه هو مُخيَّر بعد ما ياخد القرار] يعني ممكن نص دماغك اليمين يجبرك على فعل، بعدين يروح النص الشمال مفبرك قصة تقنعك أنك مخير وأنت مش مخير طبعًا -يا إخواننا- الملحدون يركزون على نفي الإرادة الحرَّة ليس فقط للتخلص من مأزق الفطرة، ولكن أيضًا لتبرير كل الرَّذائل الأخلاقية كالشُّذوذ الجنسي، بل ودعوتهم دي تنتج تبريًرا للإجرام في حلقة (السَّفاح)، بيقول الدَّحِّيح: [الجانب البيولوجي مهم جدا في صناعة السفاح، جينات، هرمونات، تغيرات في المخ] وفي نفس الحلقة [مجموعة اكتشافات زي ديه على قد ما هي مرعبة في انها تخلينا ننظر للإنسان ككائن حيوي، عنده جينات بتلعب مع الطبيعة، الاتنين خياراته فيهم محدودة] يعني جيناتك -المادة الوراثية بتاعتك- أنت ما بتتحكمش فيها، والبيئة الطبيعة أنت ماتتحكمش فيها، والحاجتين دول هم اللي بيسيروك وبالتالي فأنت مُسيَّر مش مُخيَّر. وفي حلقة (السيطرة على المخ) بيقول: [احنا بس عن طريق تغيير كهربا معينة في المخ خلينا ناس معينين يقبلوا بالظلم] في حلقة (مُخيَّر أم مُخيَّر) ينسب الدَّحِّيح التَّحرش بالأطفال لالتهابٍ في منطقةٍ بالدماغ، وبيقول: [قصة زي ديه لو فكرت فيها مرعبة، تبين ان تغييرات بسيطة في المخ ممكن تغيّر شهواتنا ميولنا تصرفاتنا، وتغيّر قدرتنا على التحكم في الحاجات ديه] طبعًا الدَّحِّيح هيجبها في قالب تَفَهُّم هذه الفئة من الناس ومحاولة مساعدتهم بدل الانتقام منهم بالعقوبات هل هذه هي الرِّسالة التي تصل للشَّباب؟ أم التَّطبيع مع الرَّذائل بحجة أننا مجبورون؟! ويا تُرى لمصلحة من هذا؟ لمصلحة مَنْ يُشاع في مجتمعات المسلمين أنَّ الإنسان مجبور على الرَّذائل الأخلاقية والجرائم وطبعًا الشَّباب اللي يقتنعوا بكلام الدَّحِّيح حيصبح عندهم شكٌ عقدي ليه ربنا يحاسبني على أفعالي إذا كنت مُسيَّر؟ طيِّب، انتهينا من الحديث عن طرح الدَّحِّيح الإلحادي في ما يتعلق بالفطرة تعال على الأفعال الإلهية مثل: إحياء الموتى (إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) [البقرة:258] يقولك الدَّحِّيح: لا، واحنا كمان نحيي ونميت. في حلقة (إحياء الموتى) بيدَّعي الدَّحِّيح أنَّ العِلم بيقترب من إحياء الموتى [أنا عايزك ترفع سقف طموحاتك كمان خد ديه ليه أساسا منحيش الموتى؟] ازاي يا دحيح؟ قالك: [الدي إن ايه الحمض النووي "DNA" فيه كل المعلومات عنك، كل المعلومات عنك، كل الصفات اللي موجودة فيك موجودة فحمضك النووي] خلي بالك من "كلِّ المعلومات"، و"كلِّ الصِّفات"، قالك وبالتالي لو أخدنا الدي إن أيه "DNA" من ناس ميتين وخلاياهم مُجمَّدة، وحقناها في خلايا جذعية، ووضعنا الخلايا في رحم امرأة، حينتج طفل نسخة طبق الأصل فممكن ننتج نسخة طبق الأصل عن آينشتاين"Einstien" مثلًا بدايةً، مع أنَّ هذا الكلام فارغ تمامًا؛ لأنَّه حتى لو تمّ فلا يُسمى إحياءً لهذا الميت ومع أنَّ الدَّحِّيح يستخدم نفس استعباط المَلك الذي قال له إبراهيم -عليه السلام- ﴿رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّـهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [البقرة:258] مع هذا كلِّه فأصلًا المعلومة الأساسية اللي انطلق منها الدَّحِّيح كاذبةٌ، إنَّ الدي إن أيه "DNA" بتاعك فيه كلِّ المعلومات عنك، وكلِّ الصِّفات الموجودة فيك حتى الصِّفات الأخلاقية، والنَّفسية، والشَّخصية، والذَّكاء أمَّا من المشاهدات البدهية، فمعروفٌ أنَّ التوائم السِّياميَّة لها نفس DNA تمامًا وكثيرٌ منهم بينشأ في نفس الظُّروف ومع ذلك كثيرًا ما تختلف شخصياتهم اختلافًا كبيرًا، وأمَّا كتفسير علمي: فبعلوم علم التخلق"Epigentics" استطعنا أن نفهم إنَّ نفس شريط الدي إن أيه "DNA" ممكن يُقرأ بطرق مختلفة، ويَنتج عنه حاجات مختلفة، والأهم من ذلك، أن وجود جين معين لصفة سلوكية معينة أمرٌ يكذبه عِلم الجينات الحديث، كما في هذا البحث المنشور عام 2008 في مجلة (نيتشر) واللي بيبين أنّه حتى عامة الصِّفات الجسمية البسيطة ظهر بعد فك الشفرة الوراثية أنّه لا يمكن حصرها في جين معين، أو حتى بمجموعةٍ محدَدَةٍ من الجينات فكيف بالصِّفات السُّلوكية التي هي أعقد بكثيرٍ من الجسمية؟ صفاتك السُّلوكية تتأثر بالدي إن أيه، وبالأبيجينيتكس، وبالبيئة، وهذا كلُّه جسم، وأنت مش جسم بس، ليك نفس، وليك روح، وهذا هو الذي يحاول الإلحاد والمادية أن ينفيه أمَّا في حلقة (ليه بنموت)، فالدَّحِّيح بيسخر من أنَّ هناك ملك موت تحت ستار السخرية من الموت وبيبني الحلقة كلها على خرافة الجين الأناني بتاعة دوكينز طبعًا أنت من غير ما تشعر نفى عندك حاجة اسمها روح، فبيُحل محل الغيب الحق اللي هو الروح خرافة الجين الأناني وسأختم لكم بمثالٍ أخيرٍ من ترويج الدَّحِّيح للإلحاد في حلقة (تجارة الأفكار)، يقول الدَّحِّيح: [هو ده اللي بيميز الإنسانية، إن هي تقدر تخترع أفكار مالهاش وجود موضوعي نقدر نمسكه ونلعب بيه وبتقدر مع الوقت تطور من الأفكار ديه وتزيدها تعقيد أفكار مهمة بتسهل التعاون مابينا أفكار زي: الفلوس، والدولة، والقانون، والوطنية مع إنها بتستمد قيمتها مننا احنا، إلا انها بتأثر فينا] إذن أفكار مالهاش وجود حقيقي، أفكار بتستمد قيمتها مننا احنا ممكن -يا دَحِّيح- إذا أنا كنت عاوز أعرف أكثر عن هذه الأفكار أقرأ لمين؟ يجيبك الدَّحِّيح: [في كتابه (Homo Deus A Brief History Of Tomorrow) (موجز تاريخ الغد)، الكاتب يوفال نواه حراري"Yuval Noah Harari" بيستغل هذه التجارب وهذه القصص في انه يسأل سؤال ايه الفرق بينا كبشر وبين بقية الحيوانات؟] ويبين لك الدَّحِّيح جواب حراري عن السؤال [طب اشمعنا البني آدمين بس هما اللي بيقدروا يتعاونوا مع بعض بهذا الشكل، دونًا عن بقية الحيوانات؟ أقولك؛ لأن الإنسان هو الكائن الوحيد اللي بيقدر يخترع أفكار] ايوه تعالوا نشوف (حراري) ده بتاع الدَّحِّيح، ايه قصدك يا (حراري) بالأفكار اللي بيخترعها الإنسان؟ تعالوا نسمع لـ (حراري) الكاتب الإسرائيلي الملحد: الدَّحِّيح في الحلقة بتاعته ذكَر كل ما ذكَره (حراري) إلا الإله والجنَّة والنَّار الدَّحِّيح تكلم عن مبدأ أنَّ الإنسان بيخترع أفكار مالهاش وجود حقيقي، وأحالك على كتاب وكاتب بيعتبر الله، والجنَّة، والنَّار، من هذه الأفكار هؤلاء هم العلماء الذين يستدل بهم الدَّحِّيح، (حراري) اللي بيتنبأ باحتمالية أن يتحول الأغنياء مستقبلًا إلى آلهةٍ، والفقراء إلى أناسٍ عديمي القيمة و(دوكينز) الذي بينتُ أمثلةً من دجله الإلحادي و(سارتر) و(كامو) اللي بيقولوا إن الحياة بلا هدف و(بول بلوم) الذي يمثل الطرف الملحد في المناظرات، واللي بيقول عنه الدَّحِّيح: [لكن أنا صراحةً بحب هذا الرجل] دول هم حبايب الدحيح وافتكروا إن الدَّحِّيح بيقول: "إن المشاعر النبيلة بتاعتنا بتروح للي شبهنا" فمش ممكن تكون -يا دَحِّيح- بتحب دولة لأنَّهم شبهك، وأنت شبههم برده هذا ما رأيته في الحلقات التي تابعتها للدَّحِّيح كلُّ حلقةٍ منها -بلا استثناء- فيها مشكلة وأكثرها بتركز مفاهيم إلحادية متسترة بالمادية والله أعلم باللي موجود في الحلقات الأخرى الكثيرة التي لم أتابعها وأنا بقول للشَّباب اللي اعترضو عليَ المرَّة الماضية، وقالوا: "لا، الدَّحِّيح ما بيروجش الإلحاد" بصراحة يا شباب إذا كنتم تابعتم الحلقات المذكورة بتاعة الدَّحِّيح، أو بعضها، ومش شايفين فيها دعوة إلحادية، فأظن كلامنا اليوم لازم يخليكم تعيدوا النظر، هل بتفهموا دينكم جيدا؟ هل عندكم حصانة فكرية كافية؟ هل شفتم في حلقات الدَّحِّيح حلقة فيها كشف لأكاذيب الملحدين وبناء للإيمان على أساس علمي؟ ملاحظتوش أن الدَّحِّيح لمَّا يَتعرَّض للّدين بيَتعرَّض بنوعٍ من الاستهتار كما في حلقة (مؤمن في المريخ) [تقوله لو سمحت احنا عايزين توكيل للحرم المكي في المريخ حقك، ايه المشكلة؟ (بالإنجليزية) حق الامتياز "Franchise" مش هنبقى ضد التطوّر ويعني لو مطلعتش حج ابقى خد توكيل عرفات والمزدلفة، دي تجارة لن تبور] (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ) [فاطر:29] [دي تجارة لن تبور] لا، مش قصده يستهزأ بالآية مش قصده! طيّب، في المقابل هل شفتم له حلقةً فيها استدلال بآية، أو ذِكر لها على سبيل التعظيم؟ يا تُرى الدَّحِّيح بينشر عِلم زائف عمدًا ولا هو مش عارف؟ ايه اللي بيعتقده الدَّحِّيح بالضبط؟ دا كلو ما يهمناش المهم نبين أن اللي بينشره إلحاد وخرافات ختامًا، حلقات الدَّحِّيح وطروحاته الإلحادية بتُبَث على قناة اى جي بلس "+AJ" اللي هي من حزمة الجزيرة، واللي بثّت -قبل شهور- وثائقية (في سبع سنين) واللي كان فيها تطبيع مع الإلحاد كما بينَّا طبعا، احنا متكلمناش لسه على البرامج الأخرى اللي بتعرض في الـ أى جي بلس "+AJ" واللي فيها تريقة على شعائر إسلامية، تحت ستار الكوميديا، ونقد الواقع ونفس البلد بيفتح قناة (العربي الجديد) بإشراف عزمي بشارة وتبدأ القناة من البداية تتهجم على الخلفاء الراشدين، وتضع كل إجماعات الإسلام تحت الشك وهذه القنوات -للأسف الشديد- ممولة بثروات المسلمين الأمم في العادة بتستغل ثرواتها لترويج مبادئها وأفكارها وأديانها، والأمة الإسلامية تُستغَل الثروات اللي بأيدي أغنى دُولها لهدم الدين، ونشر الإلحاد، وتحويل الشباب إلى مسوخ بلا غاية ولا هدف ولا عقيدة، وتتنافس هذه الدول في هذه العملية، ولا حول ولا قوة إلا بالله عاوزين يا إخواننا خطوات عملية أولًا: أصدقائك أولادك اللي تابعوا حلقات الدَّحِّيح، يا ريت تخليهم يشوفوا الحلقة دي والحلقة الماضية (الرد على الدَّحِّيح) ثانيًا: ننشر هذا الفيديو في الأماكن المناسبة على النت؛ علشان نُفَتِّح عيون الناس ثالثًا: أدعوكم لمتابعة حلقات (رحلة اليقين) اللي هدفها مخاطبة العقل، والفطرة بلغةٍ عِلميَّةٍ بالفعل، وبناء الإيمان على أُسسٍ قويةٍ مُحَصَّنة وتذكروا يا أحبة (وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [يوسف:21] أسأل الله أن يستعملني وإياكم في نصرة دينه وكشف دجل
التالي ←
رحلة اليقين ٤٩ - الرد على من يقول: لا تدخلوا الإيمان بالعلوم المادية
حلقة #53 · 25 دفيفة