فك تثبيت
→ جميع الحلقات حلقة 37 من 69

رحلة اليقين٣٣: الغشاش - التشابه الجينومي بنسبة ٩٩٪؜ مع الشامبنزي حسب خرافة نظرية التطور

أنيس: يعطيك العافية دكتور. الدكتور: أنيس، أهلًا. أنيس: حضْرَتُك طلَبْتني على المكتب في شِي دكتور؟ الدكتور: أنيس، إنتَ متَّهم بغشّ كتابة التَّقارير تاعت المُخْتَبَر! من زميلك شمشون غاشش. أنيس: أنا؟! الدكتور: نَعم، لا تنكرْ؛ الأدلَّة كلّها بِتْدِينَكْ! غشّ بنسبة 98.8%! أنيس: كيف يا دكتور؟! الدكتور:أنا جِبْت تقارِيرَكْ وتقاريرُه، وقارَنْتهم في بعض. نفْس الأرقام مع تغييرات لا تُذْكر يا غشَّاش! ليش ... ليش يا ابني؟! كُلّ اللِّي كان مطلوب منَّك تاخُد الرَّقم من الجهاز وتُضربه فمعْكوسُه، وتطلِّع النَّتيجة. ليش الغُشّ! أنيس: صبرَك يا دكتور! قبل ما تتَّهِمْني بالغُشّ، ورجينِي كيف غشِّيت. لا، وبنِسبة 98.8 كمان! الدكتور: تعال... تعال... استريح، خُدْلَك هالمثال هالتَّقريرين. أنيس: وِين الغُشّ بهايْ الأرقام يا دكتور؟ الدكتور: كُلّ هالتّطابُق، ومشْ شايِف وين الغُشّ؟! أنيس: طيِّب تعال نشوفْهُم سطر سطر، ونشوفْ وِين الغُشّ. الدكتور: بالنِّسبة لهايْ الأرقام معقَّدة، ومِشْ سهل معرفة الغُشّ اللِّي صايِرْ فيها. أنيس: يا دكتور ... الدكتور: اسْكُت! سيبْنا من هايْ الأرقام، بدّي أشطُبها. تعال هُونْ، هذا الرَّقَمْ هُونْ 58 بما إِنَّك غشّيتْ؛ فيمكن اعتبار هذا الرَّقم 5858 هو نفسه، بسْ مكرَّر أنيس: دكتور، كيفْ غاشُّه! أنا ضاربْ رقمي بمعكوسه والنَّتيجة صحيحة، مُختلِفة تمامًا عن نتيجة شمشون! أنا لو غاششْ منُّه وغلطان بالغُشّ، ما بيطْلَع معي هذا الضَّرب مختلِف عنُّه... وصحيح كمان! شايِفْ يا دكتور! الدكتور: صُدفة صُدفة... أنيس: كيف بالصُّدفة؟! الدكتور: أيْوه بالصُّدفة يا غشَّاش! أنا مش راح أظلمك، احتياطًا... خلِّينا نشيلها من الحِسْبة كمان. شوف هون كمان 992... تفرَّج أنيس: طيِّب، شُو علاقتها بـ2262؟! الدكتور: ماهو لأنّك غشِّيت، فممكن اعتبارها هي نفسها الـ92 هايْ عندَك بس فمكان تاني بس أنت ناقِلْها غلط مع العجَلَة سقطت منَّك الـ9 أنيس: يا دكتور، كيف بالغلط؟! مكانها غير عن مكان رقم شمشون! نتيجة الضَّرب بالمعكوس صحيحة! لو غاشها من شمشون، ما بتطلع مختلفة وصحيحة. الدكتور: صُدْفة صُدْفة... أنيس: يا دكتور، كيف بالصُّدفة؟! الدكتور: آ بالصُّدفة يا غشَّاش! بس برضو أنا ما رح أظلمك، بدِّي أعتبرها لا لك ولاعليك، شيلها من الحسبة. شوف هون، تعال... 222 بما إنَّك غشِّيت فممكن اعتبارها نفسها 2262، بس إنت ضفت 6 بالغلط. أنيس: يا دكتور،... الدكتور: اسكُت اسكُت اسكُت! من غير ما تحكي، فهمت عليك، صدفة... وبدنا نشيلها! لا إلك ولا عليك. تعال شوف هون: نفس الأرقام تمامًا، 25، 25، 75، 75، و125،125؛ تطابق تامّ! غشّ ما بعده غشّ! أنيس: دكتور، هَيْ أرقام لا بدّ منها، مُشترَكة بيني وبين زملائي كلّهم؛ بنستخدمها بأَعْيِرَةِ الأجهِزَة عنّا. الدكتور: لا لا أنت غشَّاش. تعال، هدول الرَّقمين رايح اعتبرهم مختلفين. 105، 101، 225، 255 مع إنّهم بيشبهو بعض كتير، اختلاف في رقم واحد فقط، لكن معليش، ما بحبّ الظُّلم؛ بدّي أعطيك حقَّك. بنفس الطَّريقة، رجعت لكلّ تقاريرك السَّابقة يا أنيس، لقيت نسبة التَّطابق بينها وبين تقارير شمشون 98.8%، يعني نِسْبة بتدِينَك ميّة بالميّة مِشْ حرام عليك يا اِبني! ليشْ ما بدْكُم تتعلَّموا؟! ليش الغُشّ؟! ليش الخيانة؟! أنا بدِّي مصْلَحتكم يا أنيس... أنيس: يا دكتور مهلك! قبل ما تشغِّل اِسطوانة: أنا بِدِّي مصلحتكو... وشو... وليش... حضرتَك كم مرَّة قلتلِّي: (بما إنَّك غشِّيت)؟! يعني شطَبت أرقام كثير على اعتبار إنّي غشّيت، ولمَّا طلعت معك نسبة 98.8، اِستنتجت إنِّي غشِّيت. مِشْ هذا اِسمه: اِستدلال دائريّ؟ الدكتور: اِستدلال شو يا حبيبي؟! أنيس: استدلال دائريّ، يعني: الدَّليل والنَّتيجة نفس الشِّيء. بما إنِّي غشِّيت -عـَكَلامَكْ-، فنسبة التَّطابق بين تقريري وتقرير شمشون 98.8 وبما إنُّو نسبة التَّطابق هيك، فأنا غشِّيت بِالطَّريقةِ نفسِها، وصلَ أتباعُ الخرافةِ إلى أنَّ نِسبةَ التَّطابقِ بينَ المادَّةِ الوِراثيَّةِ لدى الإنسانِ والشَّمبانْزِي هيَ 98.8%. في واحدةٍ من أكثَرِ نِكاتِهم كومِيديَّةً وانتشارًا: قِصَّةٌ مشوقةٌ من قِصصِ صناعةِ العِلمِ الزَّائفِ؛ فتابعوا معَنا. كيفَ وصلوا إلى هذهِ النِّسبةِ: 98.8%؟ بما أنَّ الإنسانَ والشَّمبانْزِي تطوَّرَا عن أصلٍ مُشتركٍ، فبإمكانِنا مقارنةُ مادَّتِهما الوراثيَّةِ بطُرُقٍ تَفترِضُ أنَّهما من أصلٍ مُشترَكٍ. ومعَ إضافةِ بعضِ الفَبركاتِ أيضًا، نَصِلُ إلى أنَّ نسبةَ التَّشابُهِ بينَهما 98.8%. وبما أنَّ النِّسبةَ عاليةٌ بهذا الشَّكلِ، فلا بُدَّ أنَّهما تطوَّرا عن أصلٍ مُشترَكٍ يعني: الدَّليلُ مبنيٌّ على الدَّعوى؛ هذا هوَ الاستِدلالُ الدائريُّ. تعالَوا نرى كيفَ تمَّ هذا مِن خلالِ خَمسِ خُطُواتٍ تتلخَّصُ في: أوَّلًا- تشطيبِ جُزءٍ كبيرٍ منَ المادَّةِ الوراثيَّةِ لا يوجَدُ فيهِ شبهٌ بينَ الإنسانِ والشَّمبانْزِي، ثُمَّ استخدامِ برمجيَّاتٍ تَفترِضُ -أصلًا- صحَّةَ التَّطوُّرِ، ثمَّ تفسيرِ النَّتائجِ بافتِراضِ صحَّةِ التَّطوُّرِ، ثمَّ اختيارِ نَوعٍ واحدٍ من الفُروقاتِ في المادَّةِ الوراثيَّةِ وتَطنيشِ الفُروقاتِ الأُخرى، ثمَّ تَطنيشِ الدِّراساتِ الَّتي تخرجُ بنتائجَ مختلفةٍ عنِ النِّسبةِ المُرادَةِ سلفًا. الخُطُواتُ الثَّلاثةُ الأُولى تتمُّ في المُختبَراتِ والُخطْوتانِ الأَخيرتانِ تتمّانِ في البروباجَانْدا الإعلاميَّةِ. سنُوضِّح بدايةً أمرًا مُتعلِّقًا بالخُطوةِ الثَّانيةِ، ثمَّ نسيرُ مع الخُطواتِ بالتَّرتيبِ، معَ التَّذكيرِ بأنَّ كَلمةَ (جِينُوم) "Genome" تعني المادَّةَ الوِراثيَّةَ لكائنٍ حيٍّ. في كتابِ بيوإنفورماتكس آند فانكشنال جينومكس "Bioinformatics and Functional Genomics" الطَّبعةِ الثَّالثةِ سنةَ 2015، -وهو كتابٌ مُعتمَدٌ عالميًّا في علمِ الجيناتِ، ويُدرَّسُ في الجامعاتِ- تجدُ في مقدِّمةِ الفصلِ الثَّالثِ منهُ الجملةَ التَّلخيصيَّةَ التَّاليةَ بكلِّ وضوحٍ: الجينانِ أوِ البروتينانِ مُتشابِهانِ، إذا اعتبرناهُما قدْ تطوَّرا من أصلٍ مُشتركٍ. يعني: هم في مُقارناتِهم للمادَّةِ الوراثيَّةِ يَستخدمونَ برامجَ كمبيوتر. الَّذين صمَّموا هذهِ البرامجَ افترضوا في تصميمِها صحَّةَ التَّطوُّرِ، وأنَّ الإنسانَ والشَّمبانْزِي تطوَّرا عن أصلٍ مُشترَكٍ. ولولا هذا الافتراضُ لما خرجتْ نِسبُ التَّشابهِ الَّتي يتكلَّمونَ عنها. ويبيِّنُ الكتابُ أنَّ عامَّةَ برمجيَّاتِ المقارنةِ بين الموادِّ الوراثيَّةِ -مثل بلاست (BLAST) و(HMMER)- هي بالطَّريقةِ نفسِها؛ مُصمَّمةٌ على أساسِ صَّحةِ التَّطوُّرِ. فما تقولُه الأبحاثُ إذنْ: جينومُ الإنسانِ والشَّمبانْزِي مُتشابهانِ إذا اعتبرناهُما تطوَّرا منْ أصلٍ مُشتركٍ. بينما بروباجاندا الخُرافةِ حرَّفتْ نتيجةَ الأبحاثِ لتُصبحَ: جينومُ الإنسانِ والشَّمبانزي مُتشابهانِ وبالتَّالي فقدْ تطوَّرا عن أصلٍ مُشترَكٍ. لمسةٌ سحريةٌ من لمَساتِ أتباعِ الخُرافةِ كالمعتادِ؛ غيَّرتْ "إذا" إلى "وبالتَّالي". تعالَوا الآنَ نَدخلْ مَطبخَ صناعةِ الخُرافةِ لِنرى خُطُواتِها بالتَّرتيبِ. سنبدأُ بواحدةٍ من أشهرِ دراساتِهم، وهيَ المنشورُ عامَ 2002 في المجلَّةِ الأميركيَّةِ لعلمِ الجيناتِ البشريِّ. ما الَّذي جرى في هذهِ الدِّراسةِ؟ تَّم أخذُ عيِّنةٍ جُزئيَّةٍ من جينومِ الشمبانزي: 3 ملايينَ زوجًا منَ القَواعدِ النّيتروجينيَّةِ وللتَّبسيطِ، سنُعبِّرُ عن كلِّ زوجٍ بالحرفِ. إذن، أخذوا 3 ملايينَ حرفٍ، من أصلِ حوالي 3 ملياراتِ حرفٍ "3Giga Base Pairs" -وهو عددُ حروفِ جينومِ الشمبانزي كاملًا-، وبالتَّالي فالعيِّنةُ الَّتي أخذوها هيَ حَوالي 0.001 من جينومِ الشَّمبانْزِي. قارَنوا هذهِ العيِّنةَ بجينومِ الإنسانِ. الخُطوةُ الأولى: تشطيبُ جُزءٍ من هذهِ العيِّنةِ لعدمِ وُجودِ تشابهٍ أصلًا. لاحظَ الباحثونَ أنَّ ثُلُثَيْ هذهِ العيِّنةِ فيها شبهٌ من جينومِ الإنسانِ بينمَا 28% منَ العيِّنةِ تمَّ استِثناؤُها؛ (بالإنجليزية) مُستَثناةٌ منَ الدِّراسةِ، لم يُقارِنوهَا بالإنسانِ لأسبابٍ تُصعِّبُ مُقارنتها، واستثنَوا كمان 7%، لماذا؟ no region with similarity could be detected مافيش مناطقُ تشابهٍ بين الجينومَينِ يعني: شطبوا مَا مجموعُهُ 35% من عيِّنةِ الشَّمبانْزِي الـ0.001 الَّتي اختارُوها تصوَّروا إخواني! %35 مختلفةٌ، ومشطوبةٌ سلفًا، ثمَّ يتكلَّم لكَ أتباعُ الُخرافةِ عن 99% تشابُهً. وتذكَّروا كيفَ شطبَ الدكتور أجزاءَ كبيرةً من التَّقريرينِ من البدايةِ: نفسُ الطَّريقةِ. الخُطوةُ الثَّانيةُ: هيَ مُقارنةُ ما تبقَّى من عيِّنةِ الشَّمبانْزِي بالإنسانِ. كيفَ قارَنوها؟ باستخدامِ برمجيَّاتٍ تَفترضُ أصلًا صحَّةَ التَّطوُّرِ وأنَّ الإنسانَ والشَّمبانْزِي منْ أصلٍ مُشترَكٍ. البعضُ يظُنُّ -إخواني- أنَّه عندما يُقالُ: أنَّ هناكَ تشابُهاً بنسبةٍ معيَّنةٍ بينَ جينومِ الإنسانِ والشَّمبانْزِي، فإنَّ هذا يعني أنَّهم أخذوا جيناتِ الشَّمبانْزِي، وقارَنوها مُقارنةً مُباشِرةً بجيناتِ الإنسانِ واحدًا واحدًا. الجينَ المسؤولَ عن إنتاجِ صبغةِ الدَّمِ بمثلِه في الشَّمبانزي، الجينَ المسؤولَ عن إنتاجِ إِنزيمٍ منَ الإنزيماتِ الهاضِمةِ بمثلِه في الشَّمبانزي، وهكذا... وهذا ليسَ صحيحًا. بلْ هُم يُجزِّئونَ المادَّةَ الوراثيَّةَ للإنسانِ والشَّمبانزي، ويُقارِنونَهما بمَصفُوفاتٍ مَبنيَّةٍ على مُعادلاتٍ رياضيَّةٍ. هذهِ المصفوفاتُ والمعادلاتُ تفترضُ صحَّةَ التَّطوُّرِ كما بيَّنَّا من كتاب (بيوإنفورماتكس). مثلًا: هذا البحثُ الَّذي نُناقِشهُ، قارَنَ المادَّةَ الوراثيَّةً بناءً على برمجيَّةِ (بلات) "Blat" الشَّبيهةِ بـ(بلاست)، والَّتي ذَكر َكتابُ (بيوإنفورماتكس) أنَّها مُعتمدَةٌ على صِحَّةِ التَّطوُّرِ. فالمُقارَنةُ ليستْ مُباشَرةً؛ بلْ فيها تفاصيلُ مُعقَّدةٌ مشروحةٌ في كتابِ (بيوإنفورماتكس)، وفي الدِّراساتِ الأصليَّةِ الَّتي استَندتْ عليها هذهِ البرمَجيَّاتُ. وفي هذهِ التَّفاصيلِ، يَفترضونَ صِحَّةَ التَّطوُّرِ. الآنَ تَخرجُ النَّتائِجُ من هذهِ البرمجيَّاتِ فَتأْتي الخُطوةُ الثَّالثةُ، ألَا وهيَ: تفسيرُ النَّتائِج على أساسِ افتراضِ صِحَّةِ التَّطوُّرِ. يعني: أجزاءُ جينومِ الشَّمبانزي تَظهرُ مختلفةً عن الإنسانِ، ومعَ ذلكَ، يفسِّرونَ الاختلافَ على أساسٍ تطوُّريٍّ. مثلًا: هاتانِ السِّلسِلتانِ منَ الحُروفِ مختلفتانِ عن بعضِهِما، لا علاقةَ لهُما ببعضِهِما. يقولُ لكَ التَّطوُّريُّونَ: لا، بلْ الَّذي حصلَ هوَ أنَّهما جاءا من سَلفٍ مُشترَكٍ، والَّذي ورَّثَ السَّلسلةَ كما هيَ للشَّمبانزي. بينما في حالةِ الإنسانِ، هناكَ حرفانِ حَشَرا نَفسهُما بالغلطِ بطفرةٍ عشوائيَّةٍ، في هذا المَوضِعِ المُشارِ له بالسَّهمِ الأحمرِ. وسنُسمِّي هذا الانحشارَ الَّذي حصلَ "Insertion" حشر. يعني: كما اتَّهم الدُّكتور أنيسًا بأنَّه غشَّ من زميلِه الرَّقمَ 222، وأضافَ 6 بالغلط فأصبحَ الرَّقمُ 2262. لكنْ لحظةً... حتَّى لو اِفترضْتُم ذلكَ، لازالَ هناكَ اختلافاتٌ بينَ السِّلسِلَتَينِ في بعضِ الحروفِ؛ فالـ(تي) "T" ليستْ كـ(سي) "C"، والـ(جي) "G" ليستْ كـ(آي) "A"، قالوا: بِما أنَّهما تطوَّرا عن أصلٍ مُشترَكٍ، فالَّذي حصلَ أنَّ هذَينِ الحرفينِ تغيَّرا -في حالةِ الإنسانِ- بعمليَّةٍ سنُسمِّيها "Substitution" استبدال حوَّلَت الـ(تي) "T" إلى الـ(سي) "C"، و(بالانجليزيّة) عمليَّةِ استبدالٍ أخرى حوَّلتْ الـ(جي) "G" إلى (آي) "A". يعني: كما قارَن الدّكتور أرقامَ 105 مع 101، و225 مع 255 بينَ تقريرَي أنيسٍ وشمشونَ؛ فروقاتٌ في رقمٍ واحدٍ في كلِّ عددٍ. بأيِّ حقٍّ اعتبرتُم أنَّ هذا حصلَ؟! كيفَ أعطيتُم لأنفُسكمُ الحقَّ في بناءِ هذهِ السِّيناريو؟! يقولونَ لكَ: لأنَّهما تطوَّرا عن أصلٍ مُشترَكٍ لكنْ لحظةً، إذا كانَ هذا هوَ الَّذي حصلَ بالفعلِ، فستكونُ هذهِ العمليَّاتُ العشوائيَّةُ قد خرَّبتْ وظيفةَ هذا الجزءِ من جينومِ الإنسانِ وقدْ أصبحَ محلَّ اتفاقٍ أنَّ السَّلاسلَ الطَّويلةَ من الحمضِ النَّوويِّ "DNA" ليستْ خردةً كما كانَ أتباعُ الخرافةِ يُروِّجونَ قبلَ نتائجِ مشروعِ (التَّرميزِ) "Encode" عامَ 2012 فالتَّخريبُ في المادَّةِ الوراثيَّةِ بشكلٍ عامٍّ سيُفسدُ وظيفتَها مثلًا: إذا كانتْ هاتانِ السِّلسلتانِ -اللَّتانِ قارَنَّاهُما- عبارةً عن جِينَيْنِ مختلفينِ في الشَّمبانزي والإنسانِ، فكلُّ جينٍ، يُنتجُ بروتينًا مختلفًا وصحيحًا وله وظيفةٌ مختلفةٌ عنِ الآخرِ، مِثْلَما حاصلُ ضربِ الأرقامِ في حالةِ صاحبِنا أنيسٍ كانتْ مختلفةً عن شمونَ وصحيحةً في الوقتِ نفسهِ (صوتُ أنيسٍ) دكتور، كيف غاشّه؟ (صوتُ أنيسٍ) أنا ضارب رقمي بمعكوسه والنَّتيجة صحيحة مختلفة تمامًا عن نتيجة شمشون، (صوتُ أنيسٍ) أنا لو غاشش منُّه وغلطان بالغشّ، (صوتُ أنيسٍ) ما بيطلع معي حاصل الضَّرب مختلف عنُّه... وصحيح كمان! يقولونَ لكَ : بالصُّدفةِ... بالصُّدفةِ! بنفسِ الطَّريقةِ، قارنَ الباحثونَ أجزاءَ أُخرى من جينوم ِالإنسانِ والشَّمبانزي، وفسَّروا الاختلافاتِ بتفسيراتٍ متنوِّعةٍ تفترضُ كلُّها السَّلفَ المُشترَكَ، تمامًا كما بنى الدُّكتور تفسيراتهِ على افتراضِ أنَّ أنيسًا غشَّ من شمشونَ فمرَّةً يقولونَ: سقطَ حرفٌ أو أكثرُ أثناءَ التَّحدُّرِ من السَّلفِ المُشترَكِ وسمَّوا هذهِ العمليَّةَ "Deletion" حذف يعني عكسَ الحشرِ. يعني كما اعتبرَ الدكتور أنَّ 92 هي مغشوشُ الـ992 مع سقوطِ 9 بالغلط، حتَّى لو كانتْ أماكنُ هذهِ الحروفِ مختلفةً على الكروموسوماتِ، كما أماكنُ الأرقامِ مختلفةٌ في التَّقريريْنِ. ومرَّةً، يفسِّرونَ الاختلافَ بوقوعِ تَكرارٍ لبعضِ الأحرفِ، وسمَّوا هذهِ العمليَّةَ مضاعفةً "Duplication"، كما اعتبرَ الدُّكتور أنَّ 5858 هي مغشوشُ الـ58 مُكررًا. بهذهِ الطَّريقةِ خرجتِ الدِّراسةُ بنتيجةِ أنَّ هناكَ آلافَ طفراتِ الاستبدالِ العشوائيَّةَ، وآلافَ طفراتِ الحشْرِ والحذفِ العشوائيَّةِ. طفراتُ الحشرِ والحذفِ المزعومةُ هذهِ، كلٌّ منها يتراوحُ في الطُّولِ بينَ حرفٍ إلى 65 حرفًا. ولكَ أنْ تتصوَّرَ -أخي- كيفَ يَعتبرونَ أنَّ 65 حرفًا انحشرتْ في سلسلةٍ بالخطأِ، ومعَ ذلكَ يكونُ لهذهِ السِّلسلةِ المخرَّبةِ وظيفتُها المناسبةُ! هنا، وعندَ الُخطوةِ الثَّالثةِ في مطبخِ الخُرافةِ، انتهى دورُ الأبحاثِ الَمخبريَّةِ، وجاءَ دورُ البروباجاندا. لاحِظوا إخواني... الأبحاثُ العلميَّةُ -كهذا البحثِ الَّذي تكلَّمنا عنُه- لم يكُنْ موضوعُها إثباتَ التَّطوُّرِ من خلالِ نسبةِ التَّشابهِ. بل هُم يَنطلقونَ من افتراضِ صِحَّةِ التَّطوُّرِ، وَهُمْ يَعُونَ ذلكَ، ويَعُونَ أنَّهم يَستخدمونَ برمجيَّاتٍ تفترضُ ذلكَ أبحاثُهم كانتْ عن أنواعِ الطَّفراتِ الَّتي يدَّعونَ حُصولها، والَّتي فرَّقتِ الإنسانَ -بزعمهِم- عنِ الشَّمبانزي فسؤالهُمُ البحثيُّ لم يكنْ هلْ حصلَ التَّطوُّرُ أم لا؟ وإنَّما: كيفَ حصلَ التَّطوُّرُ؟ يعني: كيفَ تطوَّرَ الإنسانُ والشَّامبانزي عن أصلٍ مُشترَكٍ؟ مشكلتُنا مع هذهِ الأبحاثِ هيَ مع هذا الافتراضِ الباطلِ الَّذي انطلَقُوا منهُ: افتراضِ صِحَّةِ التَّطوُّرِ، والَّذي بيَّنَّا ونُبيِّنُ بطلانهُ علميًّا أمَّا برُوباجانْدِيَّةُ الخرافةِ، فمشكلتهُم أنَّهم حرَّفوا الدِّراساتِ وجعلُوا الافتراضاتِ نتائجَ وأوصلوا الرِّسالةَ الكاذبةَ أنَّه ودونَ أيَّة افتراضاتٍ، فإنَّ الفرقَ بينَ الإنسانِ والشمبانزي 1.2%؛ وعليهِ، فالتَّطوُّرُ حقيقةٌ تعالَوا نرى كيفَ فعلَ البرُوباجانْدِيَّةُ ذلكَ وننتقلُ معًا إلى الخُطوةِ الرَّابعةِ في مَطبخِ الخرافةِ جاء البروباجانْدِيَّةُ إلى نتائِج البحثِ المذكورِ، وقالوا: ما هيَ نسبةُ الاختلافاتِ النَّاتجةِ عن طفراتِ الاستبدالِ المزعومِ أنَّها فرَّقتْ الإِنسانَ عنِ الشَّمبانزي، بالنِّسبةِ لعيِّنةِ الجينومِ المأخوذةِ منَ الشَّمبانزي بعدَ تشطيبِ قسمٍ كبيرٍ منها؟ النسبةُ هي 1.24%، يعني (بالإنجليزية) 1.24% طيِّبٌ، ماذا عنِ اختلافاتِ الحشرِ والحذفِ المزعومةِ؟ البروباجانْدِيَّةُ -وبكلِّ بساطةٍ- طنَّشوا هذهِ الاختلافاتِ. فَهُمْ إذا شملوها، فلن تَخرُجَ معهم نسبةُ 98.8% ذاتُ الطَّنينِ والرَّنينِ لذلكَ، فبكلَّ بساطةٍ استثنَوها، وسلَّطوا الضوءَ على النِّسبةِ الَّتي تُمثِّلُ اختلافاتِ الاستبدالِ المزعومةِ فقط كما استثنى الدُّكتور كلَّ أنواعِ الاختلافاتِ بينَ تقريري أنيسٍ وشمشونَ، وعدَّ فقط ما يُشْبِهُ الاستبدالَ. ماهيَ نِسبةُ اختلافاتِ الاستبدالِ في الدِّراسةِ؟ قلنا أنَّها 1.2%... آها... 1.2% اختلافٌ. 100% ناقصٌ 1.2% يساوي 98.8% تَشابُه! إذن جينومُ الإنسانِ والشّمبانزي مُتشابهانِ بنسبةِ 98.8% وهكذا أصبحتِ الخرافةُ جاهِزةً للتَّقديمِ على مَوائدِ العلمِ الزَّائِفِ وصحتين وعافية على العُقولِ المؤجَّرةِ. 35% منَ العيِّنةِ مَشطوبةٌ منَ البِدايةِ، ثُمَّ تَطْنيشُ الاختلافاتِ الكبيرةِ والَّتي زَعَموا أنَّها حصَلتْ نتيجةَ الحشرِ والحذفِ، ثُمَّ انتِقاءُ رقمٍ فَرْعيٍّ ظَهرَ في الدِّراسةِ لِيَستَهبِلوا بهِ السَّطْحيِّينَ منَ النَّاسِ: رقمُ الـ1.2%... وهَكذا صُنعَتْ خُرافةُ الـ98.8%. ولاحِظْ كيفَ يُظهِرونَها بالعُشْرِ: 98.8 ولا يُقرِّبونَها لِأقربِ عَددٍ صَحيحٍ، خوفَ الحلالِ والحرامِ -كما يُقالُ-؛ لِإشعارِكَ بالدِّقَّةِ العِلميَّةِ في هذا الرَّقمِ الرَّصينِ المُقدَّسِ بزَعْمهِم مع أنَّ الرَّقمَ الحقيقيَّ لا 99 ولا 98، ولا 90، ولا 80% اِحفَظوا هذهِ الوصفةَ الخُماسيَّةَ إِخواني، لأنَّها تُستخدَمُ في تحضيرِ كثيرٍ من وجَباتِ الجينومِ في مَطبخِ الخُرافةِ مثلًا، بعدَ سنواتٍ من الدِّراسةِ الَّتي انتهَينا مِنها وفي عامِ 2005، نَشرَتْ مجلَّةُ (نيتشر) "nature" دراسةً هي الأشهرُ في المقارنةِ بينَ جينومِ الشَّمبانزي والإنسانِ تعالَوا نُطَبِّقُ خُماسيَّتَنا المذكورَةَ خُطوةً خُطوةً الُخطوةُ الأُولى، تشطيبُ جُزءٍ كبيرٍ منَ المادَّةِ الوراثيَّةِ لا يُوجَدُ فيها شَبهٌ بينَ الإنسانِ والشَّمبانزي تَراوَحتْ تَقديراتُ الجينومِ الإنسانيِّ من حَوالَيْ 3 ملياراتٍ إلى حَوالَيْ 3.6 مليارٍ الباحثونَ في هذهِ الدِّراسةِ شَطَبوا ببساطةٍ مِئاتِ الملايينِ منَ الأحرُفِ في جينومِ الإنسانِ، وقارَنوا 2.4 مليارَ حرفٍ فقط بالشَّمبانزي ايش معنى هذهِ الكـمِّيَّةُ فقط؟ لأنَّها تُعطِي "Best alignment" أكثرَ تشابُهٍ إذًا فهُناكَ ما بينَ الخُمُسِ إلى الثُّلُثِ من جينومَي كلٍّ منَ الإنسانِ والشَّمبانزي مَشطوبةٌ منَ البدايةِ لأنَّها لا تُظهِرُ تشابُهًا وبالتَّالي، فلا يُمكنُ لنسبةِ التَّشابهِ المَحسوبةِ في النِّهايةِ أنْ تَصلَ... ولا حتَّى إلى 90% في الحقيقةِ الُخطوةُ الثَّانيةُ، هيَ استِخدامُ برمَجيَّاتٍ تَفترِضُ أصلًا صِحَّةَ التَّطوُّرِ وبالفِعْلِ استَخدَموا (بلاست زي) "BLASTZ" و(بلات)، وهيَ برمَجيَّاتٌ تَفترِضُ أصلًا صِحَّةَ التَّطوُّرِ الُخطوةُ الثَّالثةُ، هيَ تفسيرُ النَّتائِج على أساسٍ تطوُّريٍّ فَسَّر الباحثونَ الاختلافاتِ بينَ جينومِ الشَّمبانزي والإنسانِ بمثلِ طريقةِ الدكتور مع تقريرَي أنيسٍ وشمشونَ استبدالٌ، حشرٌ، حذفٌ، مضاعفةٌ وغيرُها ما نسبةُ الحروفِ المُستبدَلَةِ بزَعمهم؟ 1.23% وما نسبةُ الحروفِ الَّتي حصلَ لها حشرٌ أو حذفٌ بزَعمهم؟ 3% قبلَ أنْ نُكمِلَ، هذهِ الـ3% من مادَّةٍ وراثيَّةٍ عملاقةٍ تعني 5 ملايينِ عمليَّةِ حشرٍ أو حذفٍ يَصلُ كلٌّ منها إلى 65 حرفًا كما رأينا في الدِّراسةِ السَّابقةِ أنتُم تَدَّعُونَ حُصولَ ملايينِ العمليَّاتِ العشوائيَّةِ بهذهِ الطَّريقةِ ومعَ ْذلكَ، يَنتُجُ عنها إنسانٌ وشمبانزي كُلٌّ مِنهُما متكاملٌ متناسقٌ يقولونَ لكَ: نعم... بالصُّدفةِ... لكن ما هذهِ الصُّدَفُ الَّتي تُجري مَلايينَ التَّغييراتِ في أماكنَ مُحدَّدةٍ منَ المادَّةِ الوراثيَّةِ دونَ أنْ تُغيِّرَ مناطقَ حسَّاسةً في بقيَّةِ المادَّةِ الوراثيَّةِ؟! عِلمًا بأنَّ تغييرًا واحدًا يَكونُ أحيانًا مُميتاً، فلا يَتكوَّنُ لا إنسانٌ ولا شمبانزي يقولونَ لكَ أيضًا: بالصُّدفَةِ... أَلا تَعرِفُ المَثلَ القائلَ يا مَحاسنَ الصُّدَفِ! على كلٍّ، نَعودُ لنِسَبِهم هذهِ، %1.23 اختلافاتُ استبدالٍ و3% اختلافاتُ حشْرٍ وحذفٍ وكَما عبَّر الباحثونَ: هذهِ الـ3% "dwarfs the 1.23% difference" يعني: تُقزِّم ُالنِّسبَةَ النَّاتجةَ عنِ الاستبدالِ فالـ1.23% أَقلُّ بِفارقٍ، وتَبْدُو قَزَمَةً أَمامَ 3% هُنا يأْتي دَورُ البروباجانْدِيّةِِ على خَطِّ الإِنتاجِ في مَطبخِ الخُرافةِ لِننتقِلَ معًا إلى الخُطوَةِ الرَّابِعةِ... ألا وهيَ: اِختيارُ نَوعٍ واحدٍ منَ الفُروقاتِ وتَطْنيشُ الفُروقاتِ الأُخرى؛ فَتُطنِّشُ الأرقامَ الكَبيرةَ، ولا تذْكُـرُ إلَّا الأرقامَ القَزَمَةَ البروباجانْدِيَّةُ بكلِّ بساطَةٍ -ولا أقولُ ببراءَةٍ- طَنَّشوا الـ3% النَّاتجةِ عنِ الحشرِ والحذفِ، وطَنَّشوا غيرَها، ولم يَذْكُروا إلَّا الاستبدالَ، وطَنَّشوا طَبعاً ما هوَ أَهمُّ من هذا كُلِّهِ: أنَّ خُمُسَ إلى ثُلُثِ المادَّة ِالوراثِيَّةِ مَحذُوفةٌ سَلَفًا منَ الخُطوَة ِالأُولى وأنَّ البرمَجيَّاتِ تَفترِضُ صِحَّةَ التَّطوُّرِ كَما في الخُطوَةِ الثَّانيةِ ومَرَّةً أُخرى 100% ناقصٌ 1.2% يُساوي 98.8% إذن؛ هَا قدْ ثبَتَ الرَّقمُ الآكشنُ بِما لا يَدعُ مَجالًا للشَّكِّ ووَجْبةٌ أُخرى مُبهَّرةٌ لِلْعُقُولِ المُؤَجَّرَةِ في قَناةِ (ماينوت إيرث) "Minute Earth" المُؤَيِّدةِ للخُرافةِ، هُناكَ فيلمٌ مبُسَّطٌ جِدًا بعُنوانِ: "هلْ نحنُ بِالفعلِ شمَبنزيهاتٌ بنِسبةِ 99%؟" قامَ بِشرْحِ جُزءٍ مِمَّا حصلَ، وهوَ القَصْقَصَةُ الَّتي تمَّت لِلاختِلافاتِ الكبيرةِ في جينوم كُلٍّ منَ الشَّمبانزي والإِنسانِ يعني: الخُطْوَةَ 1 في خُماسِيَّتِنا الَّتي شَرحْنَاهَا فلْنُتابِعْ جُزءًا من هذا الفيديو الباحثونَ استثْنَوْا -ببساطةٍ- كلَّ الأجزاءِ الكبيرةِ المختلفةِ حاذِفينَ بذلكَ ما مجموعُهُ 1.3 بِليونِ حرفٍ ثمَّ قارنُوا الـ2.4 بليونَ حرفٍ المُتبقِّيةَ حرفًا حرفًا فتبيَّنَ تطابُقُها بنسبةِ 98.77%. إذن، نعم، نتشارَكُ في 99% من المادَّةِ الوراثيَّةِ معَ قُرودِ الشَّمبانزي إِذَا قُمنَا بتجاهُلِ 18% من مادَّتِهِمُ الوِراثيَّةِ و25% من مادَّتِنَا. إذن فالبَاحِثونَ استَثْنَوا -بِبساطَةٍ- اختلافاتٍ كبيرةً فَطرَحُوا أجزاءً كبيرةً من المادَّةِ الوراثيَّةِ للشَّمبانزي وأُخرى منَ الإنسانِ وقارَنوا مَا تبقَّى هناكَ أبحاثٌ، ولِباحثينَ من أتباعِ الخُرَافةِ، لاحظتْ أنَّهُ لا مُبرِّرَ أبدًا لِتطْنيشِ نَوعٍ منَ الفُروقاتِ واعتبارِ نوعٍ آخرَ فاستَنتَجتْ أنَّ نِسبةَ الاختِلافِ يَجِبُ أنْ تَكونَ 4% وليسَ 1% هُنا تَأتي الخُطوةُ الخامِسةُ في صِناعةِ الخُرافةِ وهيَ فنُّ التَّطنيشِ والَّذي تُتقِنُهُ بروباجانْدَا الخُرافةِ لتُحافَظَ على الرَّقمِ الآكشنِ 99%؛ فتُطنِّشُ مثلَ هذهِ الدِّراساتِ دراسةٌ أُخرى وصلتْ إلى نسبةِ تشابُهٍ 95% تُطنِّشُها بروباجانْدَا الخُرافةِ في سبيلِ المُحافظةِ على الرَّقمِ الآكشنِ 99% دِراسةٌ أُخرى أَحدثُ من السَّابِقاتِ كانتْ نِسبةُ الاختِلاف فِيها 23% يعني: التَّشابُهُ 77% وليسَ 98 ولا 99% تُطنِّشُها بروباجانْدَا الخُرافةِ في سبيلِ الرَّقمِ الآكشنِ 99% وفي دِراسةٍ أَحْدَثَ وأَحْدَثَ عَامَ 2013، لمَ يُجْرِ الباحثونَ عَمليَّاتِ القَصْقَصةِ والتَّشطيبِ فَكانتْ نِسبةُ التَّشابُهِ النَّاتجةُ 70% مَع شيءٍ منَ التَّساهُلِ -كما ذَكرَ الباحِثونَ- وَالَّذي بِدونهِ كانَ يُمكنُ لِلنِّسبةِ أنْ تكونَ أقلَّ وطبعًا تُطنِّشُها بروباجانْدَا الخُرافةِ في سَبيلِ الرَّقم الآكشن 99% فهذِهِ النِّسبَةُ -99%- عزيزةٌ على قُلوبِ أَتباعِ الخُرافةِ فتراهُم يَقولونَ لكَ: نِسبةُ العُلَماءِ المؤَيِّدينَ للتَّطوُّرِ حَوالي 99% ولنَا بإِذنِ اللهِ وَقْفةٌ مع هذهِ النُّكْتةِ أيضًا وهيَ أيضًا -بالمُناسَبةِ- نفْسُ نِسبةِ فوزِ رؤساءَ عرَبٍ في انتخاباتِ شعوبِهم لهُم نَفسُ النِّسبةِ... ونَفسُ المصداقيَّةِ ولا تَستغْرِبوا -إِخواني- من هذا التَّبايُنِ الكبيرِ في النِّسبَةِ لاختلافِ الطَّريقةِ "Methodology": اختلافِ انتِقاءِ العيِّنةِ، والقَصْقَصَةِ، والتَّشطيبِ، وكيفَ تُصَمَّمُ البَرمجيَّاتُ الَّتي ستُجري المُقارَنةَ بينَ المادَّةِ الوِراثيَّةِ للشَّمبانزي والإنسانِ فالمُقارَنةُ ليَستْ بَسيطةً مباشِرةً خَالِيةً من التَّلاعُبِ والافتراضاتِ كما تُوهمُكَ بروباجانْدَا الخُرافةِ طبعًا، إذا واجهتَ أتباعَ الخُرافةِ بشَيءٍ مِن هذا وقلتَ لهُم: كيفَ أعطَيتُم أنفُسكمُ الحقَّ أنْ تَفترضوا صِحَّةَ الخُرافةِ وتَخرُجوا بنِسبٍ ثمَّ تَبنوا عليها صِحَّةَ الخُرافةِ؟ يَأتيكَ الجوابُ المُعتادُ: لأنَّ التَّشابهَ في المادَّةِ الوراثيَّةِ ليسَ الدَّليلَ الوحيدَ؛ بلْ لَدينا أدِّلةٌ كثيرةٌ... من طُرقٍ عَديدةٍ... كالحفرِيَّاتِ... وغيرِها... وغيرِها... تعالَ معَهم على الحَفرِيَّاتِ... لماذا فسَّرتُم هذهِ الحفريَّةَ بناءً على صِحَّةِ التَّطوُّرِ؟ أليسَ هذا شكلًا مِن أشكالِ الاستدلالِ الدَّائريِّ؟ فيقولونَ لكَ: لا، بلْ لدَينا دليلٌ مِن تشابُهِ المادَّةِ الوراثيَّةِ لِلإنسانِ والشَّمبانزي بنسبةِ 98.8% خرافةٌ ليسَ لها رأسٌ من ذيلٍ! أنيس: مش هذا اسمو استدلال دائريّ؟ الدكتور: استدلال شو يا حبيبي؟! أنيس: استدلال دائريّ الدكتور: ولا دائريّ ولا مُرَبَّع! أنا أصلًا مش بس نِسْبَة الـ98.8% اللِّي أثبتت لي إنَّك غشِّيت، عندي أدِلَّة تانية أنيس: شو الأدِلَّة يا دكتور؟ الدكتور: أدِلَّة كتير؛ فيتامين النَّجاح الموجود في بندورة هولندا اللِّي هي سبب تفوُّقهم، الكبسة اللِّي في السَّيَّارة اللِّي ما إِلْهَا وظيفة، كيف تحوَّلت السِّحليَّة لطير، ورياض اللِّي سرق المليون، وشكل تقريرك الخارجي بِيِشْبَه شكل تقرير شمشون، أنا أصلا عطيت اِسم لحقيقة غُشَّك نظريَّة الشَّمْشَنَة "Shamshonese Theory" وانتَهَى الموضُوع... وأنا الآن في طور جمع المزيد من الدَّلائل على هايْ الحقيقة طيِّبٌ، سُؤالٌ آخرُ؛ ما دامَ الموضوعُ عِندكُم بالنِّسَبِ الآكشنِيَّةِ دونَ النَّظرِ في التَّفاصيلِ، فهل الشَّمبانزي فَقط هوَ الَّذي يُمكنُ أنْ نرى لهُ نِسبةَ تشابُهٍ مَا -99%- معَ الإنسانِ حَسبَ طريقتِكم يا أتباعَ الخرافةِ؟ لا، فَحسْبَ بحثٍ في مجلَّةِ (نيتشر) Nature التَّطوُّريَّةِ المعروفةِ، %99 مِن جيناتِ أحدِ أنواعِ الفئرانِ لها شبيهاتٌ في الإنسانِ وهوَ رقمٌ مختلفٌ في المعنى عنِ الأرقامِ السَّابقةِ، لكنَّهُ أيضًا يَصلُحُ لإبهارِ السَّطحيِّينَ فلماذا لا تُروِّجونَ لهذا الرَّقمِ أيضًا كدليلٍ على التَّطوُّرِ؟ هل لأنَّ إقناعَ النَّاسِ بوجودِ أصولٍ مُشترَكةٍ قريبةٍ زمنيًّا مِن الفئرانِ أصعبُ مِن إقناعهِم بأصولٍ مُشترَكةٍ مَع الشَّمبانزي؟ هلْ لأنَّ هذا يَكشِفُ سخافةَ المقارنةِ بهذهِ الطَّريقةُِ؟ هلْ لأنَّهُ يُبيِّنُ أنَّ شجراتِكُم التَّطوُّريَّةَ عديمةُ القيمةِ؟ شجراتُكم المبنِيَّةُ على التَّشابهِ الشَّكليِّ والبُنيَويِّ الَّذي بيَّنَّا كومِيديَّتَهُ في الَحلقةِ الماضيةِ، والتَّشابُهِ الجينيُّ الَّذي نُبيِّنُ كوميديَّتَهُ في هذهِ الحلقةِ هل لِأنَّهُ يُمثِّل قصَّةً بائسةً أُخرى من قِصصِ الأرقامِ المُتباينةِ بشكلٍ مُضحكٍ؟ مع اختلافِ طريقةِ المُقارَنةِ، والتَّشطيباتِ، والقَصْقَصاتِ، فترى نسبةً في ورقةِ (نيتشر) Nature : 99%، بينما في مَوقعِ المؤسَّسةِ القوميَّةِ الأمريكيَّةِ للصِّحَّةِ "NIH"، تجدُ نسبةَ التَّشابُهِ في المناطقِ الَّتي تتِمُّ ترجمتُها إلى بروتيناتٍ هيَ 85% بينما في الغالبيَّةِ العُظمى مِن المادَّةِ الوراثيَّةِ، نسبةُ التَّشابُهِ أقلُّ مِن 50% ومع هذا كلِّهِ يَعرِضُ التَّطوُّريُّونَ مثلَ هذهِ الصُّورةِ تشابُهٌ بنسبةِ 92% بينَ الإنسانِ والفأرِ... لإقناعِكَ بالتَّدرُّجيَّةِ؛ أنَّ العشوائيَّةَ والانتخابَ الأعمى عبِثا عبرَ ملايِينِ السِّنينِ بِحيثُ كلَّما زادَ التَّشابُهُ الجينيُّ زادَ الشَّبهُ بالإنسانِ ويَخرجُ عليكَ مَتحفُ التَّاريخِ الطَّبيعيِّ في لندن بالتَّعاوُنِ مع مَطبعةِ جامعةِ شيكاغو في أمِرِيكا بهذا الكتابِ: "99% قِرْدٌ؛ هكذا يتدرَّجُ التَّطوُّرُ" "99%Ape; How Evolution Adds Up" قردٌ بنسبةِ 99%؛ هكذا يتدرَّجُ التَّطوُّرُ: فصلٌ آخرُ مِن فُصولِ العلمِ المُفصَّلِ حسبَ الطَّلبِ؛ فهُناكَ نسبةُ تشابُهٍ مَا معَ الفئرانِ 99%، وهناك 92%، وهناك 85% في أجزاءٍ، وأقلُّ مِن 50% في أجزاءٍ، وهناكَ نسبةُ تشابُهٍ معَ الشَّمبانزي 99%، وهناكَ 96%، وهناكَ 95%، وهناكَ 77%، وهناكَ 70% خُذوا يا بروباجانْدِيَّةَ الخُرافةِ ما يُعجِبُكم، وطَنِّشوا مَا لا يُعجِبُكم ثمَّ اخْرُجُوا على النَّاسِ باستنتاجِ صِحَّةِ التَّطوُّرِ وبرَسْماتِ شجراتِ التَّطوُّرِ وهكذا، فليكُنْ تطويعُ العلمِ لخِدمةِ العقيدةِ الدَّاروينيَّةِ هذهِ هيَ قصَّةُ الـ99% بعدَ أنْ فهمتَها أخي، اِبتسمْ وأنتَ تقرأُ في مجلَّاتِ الأخبارِ العلميَّةِ مثلَ (ساينتيفيك أمريكان) "Scientific American" -الَّتي تُثقِّفُ عامَّةَ النَّاسِ- أنَّنا نتقاسمُ 99% من مادَّتِنا الوراثيَّةِ معَ الشَّمبانزي وابتسمْ عندَما تَرى الدُّكتور ريتشارد دوكينز "Richard Dawkins" يقولُ: ابتسمْ وأنتَ تراهُ يُخاطبُ متابعيهِ كالأطفالِ مُوهِمًا إياَّهم أنَّ المسألةَ ببساطةٍ طَفرةٌ عشوائيَّةٌ حَدثتْ بالغلطِ -في يومٍ من الأيَّامِ- هُنا وطفرةٌ هناكَ فأنتَجتْ لنا الإنسانَ وفصلَتهُ عنِ الشَّمبانزي ثمَّ اضَحكْ مِلْءَ الفَمِ وأنتَ تَسمعُ عرَّابي الخُرافةِ يقولونَ: الوراثةُ الجُزيئيَّةُ وعِلمُ الجيناتِ حسمتِ الملفَّ وأكَّدَتِ التَّطوُّرَ، وانتهتِ القضيَّةُ أنيس: يا حضرة العميد إنتَ ما بترضى بالظُّلم الدُّكتور: حضرة العميد، أنا أثبتّ إنُّو أنيس غاشِش بنِسبة 99% العميد: 99%؟! كيف يعني؟ فهِّمني يا أخي اللّه يرضى عليك. الدّكتور: تقاريره وتقارير شمشون نفس الإشِي؛ 99% مُتشابهات العميد: أنيس اِسمك؟ أنيس: أنيس العميد: برَّا... بسرعة! بسرعة! برَّا برَّا! تعال دكتور، خلينا نحكي شوي الدكتور: حاضر (صوتٌ برأسِ أنيسٍ) أنيسُ، سمِعتُ أنَّك غششْتَ، من شمشون بنسبة 99%! إخْس! لَهْ لَهْ لَهْ 99%! 99%! إخْس إخْس! 99%! عدنان إبراهيم: 99% من جينومِ الشَّمبانزي يُطابقُ جينومَ الإنسانِ! حواليْ 99%! هو الأقربُ إلينا على الإطلاقِ شيءٌ عجيبٌ! هذا -بلا شكٍّ- آلمَ الإنسانَ ألمًا كبيرًا. نضال قسُّوم: وجدنا أنَّها فعلًا مُتطابقةٌ بنِسْبَةٍ تصِلُُ... يعني تَزيدُ -بالنِّسبةِ على الأقلِّ للرَّئيساتِ الـ"Primates" هذهِ- تزيدُ عن 94-95%، بعضُها يصلُ إلى 99% تطابُقًا إذن أيُّها الأحبَّةُ، ناقشْنا في هذهِ الحلقةِ مُغالطةَ الاستدلالِ الدَّائريِّ الَّذي يَستخدمُهُ التَّطوُّريُّونَ كثيرًا على مُستوى المادَّةِ الوراثيَّةِ وفي غيرِها ورأينا معًا ما يَحصُلُ في مَطبخِ الخُرافةِ يتمُّ شطبُ جُزءٍ كبيرٍ مِن المادَّةِ الوراثيَّةِ، ثمَّ استخدامُ برمجيَّاتٍ تفترضُ صِحَّةَ التَّطوُّرِ، ثمَّ تفسيرُ نتائِجها على أساسِ التَّطوُّرِ، ثمَّ انتقاءُ رقمٍ يُمثِّلُ أحَدَ أنواعِ الفُروقاتِ لصناعةِ الرَّقمِ الآكشنِ، مع تطنيشِ أرقامٍ أكبرَ تُمثِّلُ فُروقات ٍأُخرى، ثمَّ تطنيشُ دراساتٍ أُخرى تَخرجُ بأرقامٍ مختلفةٍ تمامًا عنِ الأرقامِ المُرادةِ، ثمَّ عمَلُ العمليَّاتِ ذاتِها مع كائناتٍ أُخرى كالفأرِ، ثمَّ انتقاءُ أرقامٍ تناسبُ التَّدرُّجيَّةَ المزعومةَ، ثمَّ ادِّعاءُ أنَّ هذهِ الأرقامَ تدُلُّ على الأصلِ المُشترَكِ ثمانِ خُطُواتٍ؛ {ظُلُماتٌ بعضُها فوقَ بعضٍ} [النور:40] ! لكنْ تبقى الخُطوةُ التَّاسعةُ والأهمُّ قد تظنُّ أخي أنِّي -في هذهِ الحلقةِ- حريصٌ على أنْ يكونَ التَّشابُهُ بينَ جينومِ الإنسانِ والشَّمبانزي أقلَّ ما يُمكِنُ وهذا ليسَ صحيحًا؛ كلُّ ما أردتُ تِبْيانهُ هوَ أنَّنَا نتعاملُ مع كذَّابينَ وأنَّ هذا الرَّقمَ -99%- بروباجانْدَا إعلاميَّةٌ يُردِّدها البعضُ عن جهلٍ أو كذِبًا بعدَ ذلكَ، لا فرقَ عِندنا أبدًا بينَ أنْ تكونَ نسبةُ التَّشابهِ في المادَّةِ الوراثيَّةِ 70%، أو 99%، أو 99.9%، أو 100% فالتَّشابُهُ مُفسَّرٌ مُتوقَّعٌ ومَهما كانتْ نسبتُهُ كبيرةً، فَلا تُؤثِّرُ أبدًا على مُلاحظةِ عظَمةِ اللهِ في خَلقهِ بلْ كلَّما رأَينا التَّشابهَ بقَدَرٍ والاختلافَ بقَدَرٍ، ازدَدْنا إجلالًا وتسبيحًا وخُضوعًا لِـمَن قالَ: "إِنَّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" كيفَ؟ سنرى ذلك في الحلقةِ القادِمةِ لِنرى فصلًا مِن عَظَمةِ الخَلْقِ، ومعهُ فصلًا مِن كُومِيدِيا التَّطوُّريِّينَ لا في فَبركةِ الأرقامِ فحَسب، بلْ وفي تفسيرِ الأرقامِ كذلكَ وهيَ خُطوتُهُمُ التَّاسعةُ في صِناعةِ الخرافةِ فتَابِعُوا مَعنا، والسَّلامُ عليكُم
التالي ←
رحلة اليقين ٣٤: أكل زيد لحم الكلب - تشابه الجينات دليل لنظرية التطور أم عليها؟
حلقة #38 · 22 دفيفة