يسأل بعض الأحبة هذا السؤال. والجواب: أصلاً القرآن هو العلم! وهكذا سماه الله تعالى إذ قال لنبينا صلى الله عليه وسلم: (ولئن اتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق) وفي غيرها من الآيات. فما جاء النبي من العلم هو القرآن. فلا يقال: القرآن أم العلم. بل القرآن هو رأس العلوم ومفتاحها وإنما هي شارحة له ومفصلة. لكن يبقى السؤال: أعلم أن الحالة المثالية هي التمكن من حفظ القرآن مع طلب الحد الأدنى من العلوم التي يحتاجها المسلم ليرفع الجهل عن نفسه ويمارس الدعوة على بصيرة، لكن مع ظروف الدراسة أو العمل ومسؤوليات الحياة، فالوقت الذي يمكن أن أخصصه محدود، فهل أُمَكن فيه حفظي للقرآن، أم أُقَدِّم على ذلك دراسة التفسير والحديث والفقه أو غيرها من العلوم الشرعية؟ والموازنة التي أنصح به إخواني وأخواتي في هذه الحالة هي: احفظ القرآن حفظاً أولياً بحيث لا تخفى عليك مواضع الآيات، وإن كنت قد لا تتمكن من التفريق بين خواتيمها (والله عليم حكيم)، (إن الله كان عليما حكيما) ولا تَذَكُّر ترتيبها، وأثناء ذلك وبعده أعط الأولوية لما يلي:
تدبر الآيات والتفكر فيها وقراءة تفسير ما يخفى معناه عليك منها.
تنمية مَلَكة الاستدلال بحيث كلما واجهت موقفا أو وقع أمامك خلاف أو طُرح عليك تساؤل أو شبهة أو أردت أن تثبت نفسك أو تنصح غيرك، استطعت أن تستحضر الآية المناسبة للمقام.
وهذا مهم جدا، بل هو أهم مقصود. 3. حفظ بعض السور على الأقل بتمكين لتُنَوِّع في القراءة في الصلاة تنويعا يعينك على الخشوع ولتقرأها في المواصلات وأوقات تعطُّش الروح لوحي الله تعالى والأوقات التي كثيرا ما يهدرها من خلا قلبه من القرآن في الأفكار المشتتة بل وربما الوساوس. وأرى هذا مقدما على الاقتصار على تمكين الحفظ، والذي كثيرا ما ينتهي أصحابه إلى الفتور.
إياد قنيبي