السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام سنقف اليوم مع الأسلوب الثامن من أساليب الباطل عندما يعجز عن مواجهة الحق بالحجة، وهو التقليل من شأن تصحيح العقيدة. والتفاخر على الدعاة بما يقوم به أهل الباطل من خدمات اجتماعية، خاصة ما يظهر منه تعظيم الدين. قال الله تعالى في سورة سبأ: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم) (سبأ 43). إذن كأنهم يقولون: ليس لمحمد مهمة إلا صدكم عما كان يعبد آباؤكم. وماذا عنكم أنتم؟ كانوا يتفاخرون بسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام. قال الله تعالى: ((أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله)). إنجازاتهم على أرض الواقع كانت مصدر فخر لهم، غير ملتفتين إلى فساد العقيدة الذي يمحق بركة هذه الإنجازات. كان بإمكان نبينا صلى الله عليه وسلم أن يجادلهم بمنطقهم ويفتخر عليهم بصفاته التي كشفتها خديجة رضي الله عنها إذ قالت وقد عاد من حراء: (كلَّا، أَبْشِرْ، فواللهِ لا يُخْزِيكَ اللهُ أبدًا ، فواللهِ إنَّكَ لَتَصِلُ الرحِمَ ، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ ، وتَقْرِي الضَّيْفَ ، وتُعِينُ على نَوَائِبِ الحقِّ) (البخاري). كان بإمكانه عليه الصلاة والسلام أن يتفاخر على قريش بصفاته العظيمة هذه، لكن المخلصين لا يفعلون...ثم إنه عليه الصلاة والسلام يكرس في النفوس أن العقيدة أولا، فبها تقبل الأعمال. ولا يسمح لنفسه عليه الصلاة والسلام أن يخوض في جدل المفاخرة الذي جادلته قريش.
وكذلك إخواني في أيامنا هذه نجد من يعير الدعاة بقوله: (وماذا فعلتم أنتم غير التنظير والكلام؟ الغرب قدم اكتشافات طبية نافعة وإنجازات تكنولوجية وأنتم تتكلمون في المسائل الغيبية؟ من تبطلون عقيدتهم من غير المسلمين لديهم منظمات إنسانية وخيرية وأنتم ماذا قدمتم للفقراء والمظلومين؟). قد تكون أنت صاحب إنجازات أيضا وتقدم خدمات وتطعم الفقير وتنصر المستضعفين بمالك ووقتك وجهدك، وقد تكون لك بصمتك الاجتماعية والعلمية والإنسانية. لكن عليك أن تترفع عن الدخول في جدل من هذا النوع يضيع القضية الأساسية: أن العقيدة أولا، وأن تعبيد الناس لربهم أجلُّ المهام. فالله تعالى ما خلقنا إلا لنعبده. بينما فساد العقيدة وانحراف المنهج يمحق بركة الأعمال وإن كثرت ((قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون))
والسلام عليكم ورحمة الله.