→ جميع المقالات
أساليب الباطل - الحلقة 11
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام نحن اليوم مع الأسلوب التاسع من أساليب الباطل عندما يعجز عن مواجهة الحق بالحجة. وهو امتنان الباطل على أهل الحق بما أسدى إليهم من معروف. عندما جاء موسى عليه السلام إلى فرعون يدعوه إلى عبادة الله ووقف الظلم عن بني إسرائيل، بماذا رد عليه فرعون: ((قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين)) ألم أربِّك في قصري يا موسى؟ ألم تترعرع بيننا؟ ما علاقة هذا بالدعوة إلى عبادة الله؟ لكنه التهرب من مواجهة الحق. فرد عليه موسى عليه السلام: ((وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل (22) )) (الشعراء) أي: ما جاء بي إلى قصرك يا فرعون هو أنك استعبدت قومي بني إسرائيل وقتلت ذكور مواليدهم، مما دفع أمي إلى أن تلقيني في اليم مخافة أن يقع ظلمك علي كما وقع عليهم. فأين المنة في ذلك؟! ثم ماذا يساوي إحسانك إلي وتربيتي مقابل ما أسأت إلى بني إسرائيل، فجعلتهم عبيدا وخدما تصرفهم في أعمالك ومشاق رعيتك؟ أفيفي إحسانك إلى رجل واحد منهم بما أسأت إلى مجموعهم؟

في أيامنا هذه إخواني نجد للأسف من يجادل عن أهل الباطل المضطهدين للمسلمين. فإذا تكلمت عن معاناة المسلمين من ظلم قوى عالمية نهبت الخيرات واحتلت البلاد وشردت وقتَّلت وسجنت وعذبت، طلع عليك حينئذ من يقول: (كيف تنتقد هذه الدول وأنت تستخدم التكنولوجيا التي صنعتها؟ كيف تحذر المسلمين من كيد أعدائهم من خلال الإنترنت الذي ابتكره هؤلاء الذين تسميهم أعداء؟)...سبحان الله! وتلك نعمة تمنها علي؟

هناك دول مسلمة وقع عليها ظلم دول غربية، ومع ذلك ترى مسلمين من هذه الدول يعيشون في البلاد التي احتلتهم ودمرت بناهم وسرقت خيراتهم. فهل يمنع ذلك المسلمين في هذه الدول من الدعوة إلى دين الله تعالى بحجة أن هذه الدول "أنعمت عليهم" بالسماح لهم بالهجرة إليها والعمل فيها بعدما أفسدت العيش في بلادهم؟ منطق أعوج كمنطق فرعون إذ قال: ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين.

بل إخواني حتى لو أقررنا بأن كافرا قد أسدى لك معروفا فإن أفضل وفاء له وسداد لجميله أن تدعوه إلى دين الله تعالى لتنجيه من النار وتكون هديتك له مقابل معروفه الجنة بإذن الله. لا يمنعنا عيشنا في دول غير المسلمين أو انتفاعنا بتقنياتهم من تنبيههم على ما تفعله طغمة لا تهمها في النهاية إلا مصالحها، ولا تتورع عن استخدام أحد، حتى بني بلادها ودينها، لتحقيق مطامعها ولو على حسابهم. خلاصة حلقة اليوم أن الباطل قد يواجه أهل الإسلام بالامتنان عليهم بما أسداه من معروف. وكثيرا ما لا يكون في ذلك منة على الحقيقة، وحتى لو كان فيه فأفضل طريقة لسداد الجميل هو الدعوة إلى دين الله تعالى. والسلام عليكم ورحمة الله.