السلام عليكم ورحمة الله.
إخوتي الكرام سنقف اليوم مع الأسلوب الحادي عشر من أساليب مغالبة الباطل للحق عندما يعجز عن المواجهة المباشرة.
هذا الأسلوب هو التشكيك في المصدر الذي يتلقى منه أهل الحق دعوتهم واتهامهم بأنهم معبأون من جهات خارجية تملي عليهم ما يقولون!
ألم تر إلى قول الله تعالى في سورة الفرقان: ((وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا (4) وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا (5) )) (الفرقان).
((أعانه عليه قوم آخرون))...يعني هناك من يعين محمدا على صياغة ما يأتينا به، هناك عدو ما، هناك أجندات خارجية! ((فهي تملى عليه بكرة وأصيلا))...يعني هناك من يملي عليه ويوجهه.
إنها إذن نظيرة المؤامرة، واختلاق عدو مجهول تنفيرا عن دعوة الحق وطعنا في انتماءات الدعاة. كل هذا من أجل ماذا؟ من أجل التهرب من مواجهة الحجة بالحجة، وصرفا للأنظار عن هزيمتهم أمام نور الوحي، ونقلا لخصومتهم مع النبي في عيون الأتباع إلى خصومة مع عدو مجهول يمكنهم أن يطعنوا فيه ويشككوا كما يشاؤون، إذ ليست سيرة هذا العدو المجهول معروفة كما كانت سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
قد جاءت هاتان الآيتان بعد قوله تعالى: ((واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا (3) )) كيف تعبدون آلهة هذا حالها؟ ليس لديهم جواب ولا حجة. لا بد إذن من التهرب.
انظر كذلك إلى قوله تعالى في سورة الدخان: ((ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون (14) ))...((معلم)): أي هناك من يعلمه هذا القرآن الذي يأتينا به...هناك من يعبئ رأسه.
وفي أيامنا أيضا تجد من يعدم الحجة فيلجأ إلى التشكيك في انتماءات بعض الدعاة ومصدر تلقيهم، أو على الأقل يدعي أن هناك من يؤلبهم ويعبئ أدمغتهم! ولنفترض جدلا أن ذلك صحيح، فلماذا لا يناقش المبطلون أدلة هؤلاء الدعاة من القرآن والسنة؟ بغض النظر عمن يؤثر عليهم و"يعبئ رؤوسهم" بهذه الأدلة كما يقولون؟
نسأل الله أن يرزقنا التواضع للحق وينقي قلوبنا من الكبر. والسلام عليكم ورحمة الله.