السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام ذكرنا في حلقة ماضية أن من أساليب المبطلين في الروغان من حجج أهل الحق تعييرَهم بأن أتباعهم من الضعفاء الفقراء أصحاب الحرف البسيطة. في المقابل تجد المبطلين يستدلون على صحة منهجهم بماذا؟ بما آتاهم الله من نعيم دنيوي! مع أن هذا النعيم لا علاقة له بصحة المنهج. قال الله تعالى: ((وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا) (مريم: 73) )). تتلى عليهم آيات بينات فيها حجج وبراهين...يسمعونها، وينتظر المؤمنون منهم الإجابة...فما هي ردة فعلهم؟ ((أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا))! يعني من أفضل دورا ومجالس نحن أم أنتم يا أتباع محمد؟ أينا لديه منازل أرفع و ملتقيات للرجال ذوات أبهة وزينة؟ نحن الذين لدينا منتدياتنا في العلن، أم أنتم يا من تستترون في دار الأرقم بن أبي الأرقم ونحوها من الدور البسيطة تخافون أن يسطو أحد عليكم؟ إنه –كما قال سيد قطب رحمه الله- (إنه منطق الأرض، منطق المحجوبين عن الآفاق العليا في كل زمان ومكان. وإنها لحكمة الله أن تقف العقيدة مجردة من الزينة والطلاء, عاطلة من عوامل الإغراء، ليقبل عليها من يريدها لذاتها خالصة لله من دون الناس, ومن دون ما تواضعوا عليه من قيم ومغريات; وينصرف عنها من يبتغي المطامع والمنافع, ومن يشتهي الزينة والزخرف , ومن يطلب المال والمتاع).
هذه الحجة إخواني يوردها القرآن في مواضع كثيرة، منها قوله تعالى: ((ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون)) وكأن هذا النعيم دليل على صحة ادعاءاته.
وقوله تعالى: ((وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين))..أيُعقل أن نكون على باطل فيعذبنا الله كما يقول محمد مع أننا أكثر من أتباعه أموالا وأولادا؟ منطق أعوج غريب. رد الله عليهم بأن النعيم الدنيوي لا يعني كرامة صاحبه على الله إلا إن كان مؤمنا ووظف النعيم في مرضاة الله فقال: ((وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون (37) )) (سبأ).
بل كانوا يعتبرون ثراءهم وكثرة أموالهم سببا في أن يصطفيهم الله لما يحب من دين. قال تعالى: ((وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه)) يعني لو كان دين محمد خيرا ما سبقنا إليه هؤلاء الضعفاء الفقراء من أتباع محمد وحُجبنا نحن الاشراف عنه. بينما يعلمنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه لا ارتباط، وإنما العبرة بالإيمان. قال عليه الصلاة والسلام: ((وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا لمن أحب)).
فليس النعيم الدنيوي دليلا على محبة الله للعبد ولا على صحة دينه ومنهجه. والسلام عليكم ورحمة الله.