السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام بدأنا في الحلقة الماضية بالحديث عن أساليب الباطل في التهرب من الحق عندما يعجز عن المواجهة بالحجة والإقناع. ذكرنا أسلوب (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون). نذكر اليوم أسلوبا آخر استخدمه أهل الباطل، وهو الطعن في شخص النبي صلى الله عليه وسلم. هل أتوا لذلك بدليل من سيرته وما يعرفون عنه قبل بعثته؟ لا طبعا. فما عرفوا عنه إلا الصدق والأمانة والخلق الحسن. إنما رموه بإطلاقات وافتراءات لا تستند إلى أي برهان. ولذلك كانوا يتخبطون فيها بشكل مزرٍ ذكره الله في قوله سبحانه: ((بلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ (5) )) (الأنبياء). لاحظ كيف يصور القرآن تخبطهم والحرج الذي وقعوا فيه، فلا يستقرون على رأي...قالوا في القرآن هذه أخلاط من أحلام رآها محمد فظنها واقعا وقصها علينا. ثم قالوا: لا بل افترى القرآن ونسبه إلى الله...ثم قالوا: لا بل محمد شاعر فالقرآن من شعره. ثم بعد هذا كله قالوا: لماذا لا يأتي بخارقة كالتي سمعناها عن الرسل من قبل؟ ((فليأتنا بآية كما أرسل الأولون)).
وقالوا فيه كاهن وقالوا مجنون...وركبوا الأوصاف تركيبا في بعض الأحايين من قبيل التنويع فقالوا: (أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون)...ومرة قالوا عنه ساحر، وفي الأخرى قالوا مسحور: ((وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا))...حاشاه صلى الله عليه وسلم. تنوع اتهاماتهم بهذا الشكل المتضارب دلالة واضحة على بطلان هذه الاتهامات كلها. فلو وجدوا لأي منها سندا من واقع وأدلة وقرائن لتشبثوا به. لاحظ أخي أنهم في ذلك كله لم يناقشوا صلب الدعوة ولا فحوى الرسالة، بل يطعنون في حامل الرسالة صلى الله عليه وسلم بافتراءات محضة. وكذلك في أيامنا هذه، كثيرا ما يحاول أعداء الإسلام تشويه صورته من خلال الطعن في الدعاة وفي حمَلة هذا الدين من المسلمين. لا نكاد نرى منهم نقاشا موضوعيا لفحوى الدعوة ذاتها، بل تنفيرا عنها بتشويه صورة حامليها. فالافتراء على الأشخاص سهل، أما نقض حجج الإسلام فكمحاولة إطفاء نور الله!...((والله متم نوره ولو كره الكافرون (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) )). والسلام عليكم ورحمة الله.