→ جميع المقالات
أساليب الباطل - الحلقة 3
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام لا زلنا نتكلم عن أساليب الباطل في التهرب من الحق عندما يعجز عن المواجهة بالحجة والإقناع. ذكرنا في الحلقتين الماضيتين أسلوب (والغوا فيه) ثم أسلوب الافتراء على حملة الدعوة. الأسلوب الثالث هو مطالبة النبي بمعجزات غير القرآن. وهذا أيضا تهرب. وإلا فلماذا تطالبون بمعجزة غيره وأنتم لم تنجحوا في تحدي الله لكم إذ قال: ((وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين))؟ لو أنكم استجبتم لهذا التحدي وأتيتم بسورة من مثله لكان لكم حينئذ أن تطالبوا النبي بمعجزة جديدة. لكنه التهرب من المواجهة مع الحق. من أشكال مطالباتهم هذه ما قصه القرآن الكريم في سورة الإسراء: ((وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا (90) أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا (91) أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا (92) أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه)) (الإسراء). لاحظ التعنت والتعجيز في مثل هذه المطالبات، بل وسوء الأدب مع الله كقولهم (أو تأتي بالله والملائكة قبيلا) كذلك ما قصه القرآن من قولهم: ((لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها)) ما علاقة هذا كله بصحة الرسالة؟ وهل غياب هذه الأشياء يقدح في صحتها؟ هل تتوقف صحة القرآن على أن ينزل ملَك إلى النبي أو يلقى إليه كنز أو يفجر من الأرض ينبوعا أو يسقط السماء كسفا؟ طبعا لا. لكن هؤلاء لا يتعاملون بالدليل وإنما بالتشغيب والمماحكة.

ومع ذلك فقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقين. لكنهم مع ذلك كذبوا فأنزل الله تعالى: ((اقتربت الساعة وانشق القمر (1) وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (2) )) (القمر). إذن ليست المسألة نقصا في المعجزات، وإنما هي اتباع الهوى والإعراض عن الحق. وإلا ففي معجزة القرآن كفاية. قال تعالى: ((أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) (العنكبوت) والسلام عليكم ورحمة الله.