السلام عليكم ورحمة الله. إخواني وأخواتي سنقف اليوم مع الأسلوب السادس من أساليب الباطل في التهرب من الحق. هذا الأسلوب هو استنكار الحقائق لمجرد أنها خالفت مألوفا اعتاد عليه الناس، دون عرضها على ساحة التفكير والتحليل. وإلا لو عرضوها لعلموا أن العجب كل العجب في إنكارها. نستغرب حقيقة من تعجب المشركين فيما قصه القرآن علينا في سورة (ص) أنهم قالوا في نبينا صلى الله عليه وسلم: ((أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب (5) ))... أيعقل أن هذه الآلهة الكثيرة كلها باطلة وما من إله إلا إله واحد؟ شيء عجيب...
بل العجب عجبكم! لماذا لا يكون ما أتى به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق وما اعتدتم عليه أنتم وآباؤكم باطلا مات عليه الكبير وشب عليه الصغير؟ تعالوا نناقش المسألة ونرى إلى ماذا تقودنا عقولنا وفطرنا. إله واحد أم آلهة متفرقة؟ لكنهم لا يريدون المناقشة فهم أعجز من ذلك.
تعجبوا من حقيقة البعث بعد الموت، وإنما العجب من تعجبهم. قال تعالى: ((وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد)) (الرعد 5)...خالفت هذه الحقيقة شيئا نشؤوا عليه وتوارثوه أن لا حياة بعد الموت. تعالوا نعرضها على ساحة التحليل والفهم: ((أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم (81) )) (يس).
وتعجبوا من أن يبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بشرا رسولا. قال الله تعالى: ((أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم)) (يونس 2). ألفوا ما كانوا عليه من جاهلية وانقطاع وحي فاستنكروا أن يرحم الله البشرية بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. فليس عجبا أن يوحي الله إلى عبد من عباده، بل العجب أن يترك الله خلقه إلى يوم الدين دون رسالة تبلغهم الهدف من خلقهم وتقوم عليهم بها الحجة. وليس عجبا أن يختار الله لهذا رجلا، بل عجب لو اختار ملكا كما كان هؤلاء المعاندون يقترحون. إذن إخواني فالباطل عندما يعجز عن مواجهة حجج الحق يبدي العجب لمجرد أن دعوة الحق جاءت بخلاف ما ألفه الناس واعتادوا عليه، مع أن هذا الإلف والاعتياد ليس بذاته دليلا، بل قد يكون ما ألفوه مصادما للعقل ولما فطر الله الناس عليه.
ما التوصية لنا نحن إذن؟ أن نطرح ما نسمعه على ساحة التفكير والنقاش ولا نرفض مبدأ أو فكرة تأتينا لمجرد أنها خالفت عاداتنا وما ألفناه وتربينا عليه، مما ليس قرآنا ولا سنة. وهذا ينطبق على منهجية التعامل مع الأحداث واتخاذ المواقف والتوجهات الفكرية وعلى غيرها كذلك. والسلام عليكم ورحمة الله.