قال العلماء: السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه. ولم يذكروا حالة ثالثة: من لا يتعظ ولا حتى بنفسه!! بل يلدغ من الحجر ذاته مرارا. عجيب حقا أننا لا زلنا نرى منتسبين إلى العمل الإسلامي يدعون إلى المشاركة السياسية في الأنظمة الوضعية. مركز التخطيط الاستراتيجي الأمريكي راند نشر دراسة عام 2008 بعنوان (كيف تتلاشى الجماعات الإرهابية) (How Terrorist Groups End) http://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/monographs/2008/RAND_MG741-1. pdf التي استعرضت مسار الجماعات التمردية في العالم (وبالأخص العالم الإسلامي طبعا) من بعد احتلال فلسطين عام 1967 إلى عام 2007 فخرجت بالرسمة المرفقة، والتي تبين أن: 43% من الجماعات "المتطرفة" تلاشت وانتهت عن طريق الانخراط في العملية السياسية (Politicization) ..وبالطبع تذويب هويتها وحرف مسارها يعتبر لديهم تلاشيا 40% تلاشت عن طريق الاستخبارات والشرطات المحلية من أبناء المسلمين. 7% فقط تلاشت عن طريق التدخل العسكري للمجتمع الدولي. 10% من هذه الجماعات حققت أهدافها. وجاء في التقرير بالنص الحرفي: "إن الانخراط في العملية السياسية هو السبب الرئيس لإنهاء المجموعات الإرهابية (43%)" وكانت التوصية إذن أن هذه طريقة أكثر فعالية وأقل تكلفة من التدخل العسكري. إلا أنه أبدى قلقا –وأوصى بالتدخل العسكري والاستخباراتي المحلي والدولي- مع الفكر "المتطرف" الذي لا يقبل الترويض ولا أنصاف الحلول ويسعى لأهداف على مستوى الأمة، كالشريعة والخلافة، حيث ذكر التقرير كلمة "خلافة" 13 مرة! والعام الماضي قالت مجلة Foreign Policy الأمريكية: "ما الذى يمكن أن يكون أفضل ـ-كتطور على المدى الطويل - للثقافة السياسية العربية أكثر من دخول الإسلاميين فــى عــمـــلـــيــــــة ديــمُــقـــراطـــيــــــــة ?!... إن دفع مصر فى مسار التحول الديمقراطي هو الضمانة الحقيقية للحفاظ على القـيــم و المصالح العليا التي تتبناها واشنطن" يبدو أن أعداءنا يتعلمون الدرس ويحسنون استعراض السنن أسرع منا. بينما يصر الكثير منا على البقاء في أحلامهم وعواطفهم والإصرار على اجترار التجارب المحرمة شرعا والفاشلة تجربة، وتوهم أن كل تجربة "جديدة" لها ما يميزها ويدعم نجاحها! وما هي إلا فراشة جديدة تقع في نار الــ (Politicization) وإضافة جديدة لخانة الــ 43%! ومع ذلك سيقولون: ما البديل؟! البديل بل الأصيل هو الدعوة النقية والجهاد المنضبط بالنفس والمال والكلمة وتحمل التبعات الثقيلة لكل من ذلك، حتى يفتح الله بيننا وبين أعدائنا بالحق وهو خير الفاتحين.