كم هو مستفز أن ترى مغتصبي السلطة في العالم الإسلامي يريدون "استخدام" الدين وركوبه وامتهانه في حربهم على "الإرهاب"! وكم هو مستفز أن ترى -في المقابل- شخصيات بعضهم "شيوخ" يُسْرِجون الدين ليركبه "ولاة الأمر" ويضفون عليهم الشرعية ويصطفون في صفهم ويُدينون "الإرهاب" من تحت آباطهم (جمع إبط)! عندما يُستهان بالدين في بلاد المسلمين، ويُنشر الإلحاد في الجامعات، وتفتح البلاد نهبا لجمعيات صهيونية ويهودية وماسونية، ويُنشَّأ طلاب الابتدائية على تعظيم "السلطان" أكثر من الله تعالى! وتنص القوانين على عقوبة من يذكر "قداسة" السلطان بسوء بأشد من عقوبة من يسب الله تعالى، ويعتلي كثيراً من المنابر الجُهَّالُ والمهرجون فيزدري الناس الدين وشعائره!... ثم بعد ذلك يقال للدين: "تعال غني معانا أغنية إخص على الإرهاب"! فما هؤلاء إلا كما مثَّلهم سيد قطب رحمه الله: يريدون للدين أن يكون كخادم يلزم منطقة الخدم، حتى إذا صفق له سيده جاء فقبل الأرض بين يديه وتلقى الأوامر ونفذها ثم انحسر وراء الباب في انتظار تصفيقة أخرى!!! ما أبشعها من صورة! وما أحطه من امتهان! وما أقبح أن يرضى بعض المتحدثين بهذا الدور، فيتعامون عن هذه الجرائم السلطانية كلها، ويصطفون خلف "الأسياد"، ويلبسون زِي الحرب معهم، ويضفون عليهم الشرعية، وأعذارهم في ذلك جاهزة:
لكن عندما تذم انحرافا وأنت تحت إبط الظالم، متصالحا معه، ناطقا من منصاته، تتجنب إظهار عواره، فالرسالة التي توصلها إلى الناس بذلك: أن هذا الظالم أقل انحرافا وأخف جرما! هؤلاء إن تكلموا فلن يُنَفروا عن الغلو، بل سيعطونه مزيدا من "الشرعية" في عيون الشباب المقهورين، بعدما شرعنوا للظلمة في عيون المضلَّلين، فليتهم يسكتون !