→ جميع المقالات
إهمال الأبناء
١٣‏/٤‏/٢٠١٧

أيها الأب...بدأْتَ حياتك مع زوجتك، أنجبتما الأبناء..مرت الأيام انشغلت بالعمل..لم تعد تعطي بيتك حقه..المبرر أمام زوجتك: "أنا أعمل لأجلكم، لتحصيل قوتكم، تكاليف الحياة عالية، أيامنا صعبة" وقد تكون مهتما بــ"الدعوة"، لكنك لم تنجح في إشراك أسرتك في دعوتك وإشغالهم بها، بل تنشغل عنهم بها..وإذا احتجَّتْ زوجتك فمبرراتك: "جراح الأمة...أهمية الدعوة...تحمل المسؤولية".. صحيح، لكن حقيقة الأمر أنك في الحالين: العمل والدعوة، أصبحت أيضاً تبحث عن "تحقيق ذاتك" و"رسم قصة نجاحك" من خلال العمل/الدعوة/العلاقات الاجتماعية..لا من خلال بيتك وأولادك ! وتمضي أوقاتا في بيئة العمل ومع المعارف أكثر من الحد الأدنى اللازم.. تبحث عما تهواه نفسك وتستمتع به أكثر من أداء واجبك الأسري ! وتقنع نفسك ومَن حولك أنك مضطر..وتفترض في ذلك كله أن تقوم زوجتك بواجباتها الأسرية في تربية الأبناء. لكن الذي يحصل مع مرور الأيام، أن عدوى إهمال الأولاد ستسري إلى زوجتك... سيخرج أبناؤك من بؤرة تركيز أمهم... وتبحث هي الأخرى عن "تحقيق ذاتها"، و"رسم قصة نجاحها" بعيدا عن أولادها...تبحث في مواقع التواصل/العلاقات الاجتماعية...إلخ. الأبناء الضائعون بين أبوين لا يجدان "متعة" في تربيتهم سيبدأون بعمل المشاكل، وستتوتر علاقتهم بكما أيها الأبوان، بل سيصبحان مصدر توتر العلاقات بينكما، فكل منكما يتهم الآخر أنه السبب، وكل منكما يلقي بحمل التربية الثقيل على الآخر! ويجفوكما أبناؤكما عندما يرون أنكما تتعاملان معهم كحملٍ مزعج، بدل أن تستمتعا بالقرب منهم ! حينها، ستعلن أنت حالة الطوارئ، وتبدأ تخفف انشغالاتك وتكرس وقتا وجهدا أكثر لأبنائك، لكنك ستفاجأ بأن الأولاد بعدما خرجوا من بؤرة تركيز أمهم فإن إرجاعهم إلى هذه البؤرة سيكون صعبا، وربما صعبا جدا! وحقيقةً، ليس كل خطأ قابلا للإصلاح التام في هذه الدنيا! قد يُغفر لك تقصيرك، لكن تبقى تدفع ثمن تغافلك عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لن تكون يوما أكثر انشغالا منه، ولا حرصا على الدعوة منه، ومع ذلك قال: (إن لربِّكَ عليك حقًّا، ولنفسِك عليك حقًّا، ولأهلِك عليك حقًّا، فأَعْطِ كلَّ ذِي حقٍّ حقَّه) (البخاري)...فأعط كل ذي حق حقه ! أنت رجل البيت، وجزء من القوامة أن تكون قدوة لزوجتك في إعطاء كل ذي حق حقه، بدل أن تلقي باللائمة عليها. كان ما كان، فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا، بل قل قدر الله وما شاء فعل، واستعن بالله على بناء بيتك من جديد على أساس (فأعط كل ذي حق حقه).