→ جميع المقالات
الدكاترة المحطِّمون !
٢٥‏/٢‏/٢٠٢٠

كم أستاء حين أسمع عن دكتور جامعي يتحدى طلابه أنهم لن يستطيعوا حل أسئلة اختباره ! أو يسخر من القدرات العقلية لطلابه ويُشعرهم بالغباء مقارنة به ! ويتكلم أمامهم عن الجامعات "المرموقة" التي تخرج منها و"النعيم" الذي كان يعيش فيه في البلاد الأجنبية كأنه يقول لطلابه: (وما أنا منكمُ بالعيش فيكم...إيش الي جابني إلى "بلادكم" هذه)! ومثلهم أناس في وظائف متنوعة غير التعليم الجامعي ممن يشعرون أنهم دُررٌ مدفونة وسط مجتمعات الفشل ! فليسمح لي هؤلاء المحطِّمون أن أقول لهم: أنتم بهذا معاول هدم وأنتم لا تشعرون ! تساهمون في منظومة التحطيم لمعنويات شبابنا وشاباتنا.. تساهمون في تكريس عقدة النقص والدُّونية في نفوسهم ! ألا يكفي شبابَنا ما يتعرضون له من تحطيم ممنهج لمعنوياتهم على يد أعدائهم وإعلامهم، وعلى يد المتحكمين ببلاد المسلمين؟! ومِن المستقبل المجهول الذي ينتظرهم مع استفحال الفقر والبطالة ونهب المفسدين لثروات بلادهم...لتأتوا أنتم فتساهموا في تحطيمهم؟! إن كنت –يا محترم !- قد أحسن الله إليك بأن تلقيت علماً نافعاً في أميريكا أو أوروبا أو غيرهما، فاشكر الله (وأحسن كما أحسن الله إليك)...واستخدم علمك هذا لتبني نفسيات شبابنا المحطمة وتعطيهم الأمل من جديد. - إن كنت ترى نفسك "ناجحاً" لا يليق بك المقام في "بلاد الفاشلين"! فاعلم أن أعظم نجاح تحققه هو أن ترفع همم الشباب وتُشعرهم بكرامتهم وتحيي في نفوسهم الأمل..

  • إن كنت ترى نفسك درة مدفونة في بلاد المسلمين، غير مقدَّر بوظيفتك ولا براتبك الذي تتقاضاه ولا بمكانتك الاجتماعية، فبإمكانك أن تكون منارة عالية بين طلابك يستمدون منك العلم والعزيمة وحسن الخلق...وأن تكون بذلك مذكوراً في الملأ الأعلى عند رب العالمين!
  • بينما ليس هناك فشل يمكن أن "تحققه" أسوأ من تحطيمك لمعنوياتهم.
  • هل كنت –يا محترم!- تجرؤ أن تخاطب الطلاب الأجانب بمثل خطابك لإخوانك المسلمين يوم كنت تعمل بينهم كمساعد تدريس ؟ هل كنت لتسخر من ذكائهم أو تتحداهم بأنهم أفشل من حل أسئلتك ؟! أم أن بلاد المسلمين التي تحولت هي وأهلها إلى حقل تجارب للأسلحة الجديدة ومكبات للنفايات النووية، قد تحولت في حس البعض أيضاً إلى مكبٍّ للنفايات الأخلاقية والعقد النفسية التي يحملونها؟!
  • أما سمعت بقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (بحسب امرئٍ من الشر أن يَـحْقِر أخاه المسلم)..وأي تحقير أكثر مما تفعله؟
  • أقول هذا الكلام من واقع حالات سمعت بها من أقارب ومعارف ، وأرجو أن يصل كلامي إلى الـمَعْنِيين !
  • عن نفسي، يصنفني طلابي كدكتور "شديد"، شديد في منع السرحان في المحاضرة وفي الاختبارات، لكن الاحترام حاضر من الطرفين، لأن رسالتي لهم: (أنا أشتد عليكم لأجلكم، أريد أن أستخرج منكم أفضل ما لديكم من قدرات، وأعلم أنكم بإذن الله ستنجحون، لن أبخل عليك بعلم، ولا بشرح، ولا بدعم نفسي، لكني بخيل جدا بإعطاء العلامة لمن لا يستحقها لأني لا أريد أن أكون شاهد زور!)..وأزعم أن طلابي يفهمون هذه الرسائل جيدا ويقدرونها.

وما أبرئ نفسي أن يقع مني تقصير أحيانا وأستغفر منه ربي. وأعلم أن عدداً من إخواني العاملين في التعليم يقومون بما أقوم به وزيادة.

  • أيها الدكتور/الأستاذ...أرجوك: تحول من معول هدم إلى موقِد عزم.