→ جميع المقالات
النفاق - الحلقة 1
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام يخاف أحدنا من أن يكون لديه مرض عضوي خطير خفي يتفاقم فلا يكتشفه إلا بعد فوات الأوان وصعوبة العلاج. أليس الأجدر بنا أن نهتم بأمراض القلوب التي تتفاقم في خفاء ثم قد لا يمكننا اكتشافها إلا عند الموت؟ من هذه الأمراض الخطيرة...النفاق. يحسب البعض أن النفاق ظاهرة انقرضت في قديم الزمان. والحق أنها موجودة بقوة ومنتشرة بين كثير من أبناء المسلمين بدرجات متفاوتة، لكن المشكلة أنهم لا يشعرون بها في أنفسهم فلا يطلبون لها علاجا. لكثرة المنافقين في كل زمان فقد فصَّل الله تعالى صفاتهم في سور مدنية كثيرة. ألم تر أن الله تعالى بين مرض قلبهم ومخادعتهم للمؤمنين في سورة البقرة، ثم جزعهم وتخذيلهم في سورة آل عمران، ثم إعراضهم عن حكم الله ورسوله في سورة النساء، ثم موالاتهم الكفار في سورة المائدة، ثم شكهم في وعد الله بالتمكين للدين في سورة الأنفال، ثم نكوصهم عن الجهاد والطعن في المؤمنين في سورة التوبة، ثم قلة ثباتهم في سورة الحج، ثم انتقاءهم من الدين بأهوائهم في سورة النور، ثم قلة صبرهم في سورة العنكبوت، ثم إخلافهم عهد الله في سورة الأحزاب، ثم جبنهم في سورة محمد، ثم سوء ظنهم بالله في سورة الفتح، ثم اغترارهم بالأماني في سورة الحديد، ثم حلفهم كذبا في سورة المجادلة، ثم خذلانهم لمن ضعُف من أوليائهم في سورة الحشر، ثم تنفيرهم عن رسول الله وعن المؤمنين في سورة المنافقون، ثم استحقاقهم الغلظة في سورة التحريم...سبع عشرة سورة مليئة بالتحذير منهم وبالتفصيل في صفاتهم... أيُظن بعد هذا كله أن الآيات التي تصفهم لم يعد لها أهمية في عصرنا إلا التبرك بتلاوتها وتدوين هذه الظاهرة تاريخيا! لا يقينا...بل إن الله تعالى فصَّل لنا صفاتهم...حتى إذا ما حاولوا خداعنا كان ردنا عليهم: ((لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم)) كما في سورة التوبة (الآية 94). فصَّل في صفاتهم حتى نحذر من النفاق في ذوات أنفسنا ونحذر من المنافقين. ((وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين)). ولخطورة هذه الظاهرة وأصحابها قال الله تعالى: ((هم العدو فاحذرهم))...فحصر العداوة فيهم كأن لا عدو غيرهم لأنهم شر الأعداء ولأن هذا المرض شر الأمراض على القلوب. سنحاول في مجموعة من الحلقات تسليط الضوء على ظاهرة النفاق وبعض أعراضها وحقائق مفاجئة عنها حتى نفهمها أكثر كخطوة أولى لعلاجها بإذن الله. والهدف الأهم في ذلك هو أن نبحث عنها في ثنايا أنفسنا قبل تلمسها فيمن حولنا، لئلا نكون كمن يرى القشة في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه.

نسأل الله أن ينقي قلوبنا من النفاق والشرك والرياء وسائر الأمراض. والسلام عليكم ورحمة الله.