→ جميع المقالات
النفاق - الحلقة 10
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام نختم اليوم الحديث عن صفات النفاق بالحلقة العاشرة، وإن كان الحديث في هذا الموضوع يطول جدا إذا أُريد إعطاءُه حقه. إنما أردنا بهذه الحلقات أن نحيي اليقظة في قلوبنا ونحن نقرأ الآيات المفصلة لصفات النفاق ليصارح كل منا نفسه ويحاسبها قبل حلول الأجل وطي كتاب العمل. فكثير من الناس يتصورون أن النفاق إنما يكون من شخص لا خير فيه البتة، وليس في قلبه ذرة إيمان، و يُبيت للإسلام عداوة وبغضاء يخشى اطلاع الناس عليهما. والواقع أن المنافقين الذين هذا حالهم قلة نسبيا إذا ما قورنوا بمن لديهم نفاق أقل حدة ووضوحا. هذا النفاق أكثر انتشارا فلا يسلم منه إلا القليل ويخفى عادة حتى على أصحابه في أكثر الأحيان، فلا يرون آيات النفاق تتحدث عنهم ولا يطلبون لقلوبهم تطهيرا.

نختم اليوم بالحديث عن صفة الاهتمام بالنفس مع إهمال قضايا الأمة والإسلام. عندما دارت المعركة على المسلمين يوم أحد وقُتل سبعون منهم وأشيع أن رسول الله قتل ، أصاب المسلمينَ غمومٌ شديدة...في المقابل كانت هناك طائفة لم يهمها هذا كله بل كانت منشغلة بشيء آخر....قال الله تعالى: ((وطائفة قد أهمتهم أنفسهم)). هؤلاء لا يحسون بالانتساب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يهمهم ما أصاب سيف الإسلام من ثلم وما ينتظر الدعوة الإسلامية بعدما نال الأعداء منها ما نالوا هذه المعركة...إذ هم قد أهمتهم أنفسهم...لا يهمهم ترمل نساء شهداء أحد وتيتم أطفالهم...إذ هم قد أهمتهم أنفسهم.

في أيامنا هذه إخواني...كم هو مؤلم أن ترى مسلما، باسم إسلامي ولوالدين مسلمين، لكنه مع ذلك في غاية الغفلة عن قضايا أمته، لا يتابع أخبار المسلمين، ولا يعرف بجراحاتهم، وبالتالي فلا يقدم لهم شيئا ولا حتى الدعاء، ولا حتى المساهمة في إحياء قضاياهم العادلة ومناصرتها ولو باللسان. إذ هو قد أهمته نفسه وشغلته عن الأمة التي ينتسب إليها. فخارطة تفكيره هي ذاته لا يتجاوزها كثيرا!

الواحد من هؤلاء قد يهتم ويغتم لاحتلال الصلع مساحات من مقدمة رأسه أكثر مما يهتم لاحتلال الهندوس أراضي ومساكن المسلمين في بورما أو كشمير أو غجرات. قد يغتم لسقوط سن من أسنانه أكثر مما يغتم لما يحدث للمسلمين في سوريا أو الأحواز أو مالي أو غيرها.

قد تقول لأحدهم: هذا مقال يشرح وضع المسلمين في البلد الفلاني ويضع خطوات عملية لنصرة قضيتهم على قدر الوسع والطاقة فيكون رده: بصراحة أنا مشغول هذه الأيام...ثم ترى هذا المشغول بعد دقائق يحدث أصحابه بالهدف الذي سجله اللاعب الفلاني في مرمى الفريق الفلاني!! إن كنا على هذه الشاكلة إخواني فكيف ننتسب إلى الأمة التي قال الله فيها: ((وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون))؟ وبأي حق ننتسب إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ القائل: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد))؟ كيف لمن لا يهمه أمر أمة أن ينتسب إليها؟ فهل نحن بعد ذلك من المؤمنين أم ممن قد أهمتهم أنفسهم؟ نسأل الله أن يصلح أعمالنا وأقوالنا ويستعملنا في نصرة الدين والدفاع عن المستضعفين. والسلام عليكم ورحمة لله.