السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام تكلمنا في الحلقات الماضية عن حقائق خفية عن النفاق، حيث ذكرنا أن النفاق ظاهرة منتشرة بيننا بدرجات متفاوتة، وأن المرء قد يكون لديه نفاق وهو لا يشعر، وقد يجمع إيمانا ونفاقا، وأن الآيات التي تتكلم عن المنافقين لها تطبيقات كثيرة في واقعنا وينبغي لكل منا أن يرعي لها سمعه ولا يظن أنه غير مقصود بها. سنبدأ اليوم بالحديث عن بعض صفات النفاق التي ذكرها القرآن الكريم، وليحاكم كل منا نفسه إلى الآيات التي سنتلوها... الصفة الأولى التي سنذكرها هي: التسخط عند البلاء. قال الله تعالى: ((ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين)) روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في تفسير هذه الآية: كان الرجل يقدم المدينة، فإن ولدت امرأته غلاما ونتجت خيله –أي: أنجبت- قال: (هذا دينٌ صالح)، وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال: (هذا دينُ سوء). إذن هؤلاء أناس يأتي أحدهم إلى رسول الله في المدينة فيسلِم، فيتوقع من إسلامه أن يفتح الله عليه خير الدنيا ويجنبه المصائب، ويقيس صحة الدين بتحقق المنافع الدنيوية. فإن اختبره الله وعرضه لابتلاء كره الإسلام وقال ما رأيت منذ أسلمت إلا شرا.
كم كان مؤلما إخواني أن أرى رجلا كبير السن شاب شعره في منطقة ثرية سُرق حذاؤه في المسجد إثر صلاة جمعة فصاح و"هدد" بأنه لن يصلي بعد اليوم في المساجد...ولا أدري يهدد مَن! أهو بذلك يهدد السارق؟ فالسارق لا يهمه أصلَّى الناس في المساجد أم لم يصلوا إلا ليسرق أحذيتهم...أم هو يتوجه بهذا الكلام الغاضب إلى الله تعالى؟! فالله هو الغني الحميد.
دخلت النارَ امرأةٌ في هرة حبستها، ورُب أناس قد يدخلون النار في حذاء لم يصبروا على فقدانه! ولا أدري! إن كانوا لا يتحملون أن يفقدوا حذاء فكيف يبذلون أنفسهم في سبيل من قال: ((إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون))!
فتِّش نفسك أخي...عندما تلتزم بأمر الله عز وجل ثم يبتليك...هل يحيك في صدرك شيء من العتب على القدر؟ وهل هذا دليل على صدق إقبالك على الله تعالى وأنك أطعته حبا له وخوفا منه وطمعا في الآخرة...أم أن متاع الدنيا هو منتهى الطموحات والآمال؟!
نسأل الله أن يصلح قلوبنا ويطهرها من النفاق. والسلام عليكم ورحمة الله.