→ جميع المقالات
الوصايا العشر - الحلقة 12
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام في الحلقة الماضية استكملنا الوقفات مع الوصايا العشر في القرآن، وقلنا أنه بعد الوصية العاشرة ((وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه)) نهانا الله عز وجل عن شيء؟ ما هو هذا الشيء؟ قال تعالى: ((وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)) ((وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ)) أي: الطرق المخالفة لهذا الطريق. أفرد الصراط المستقيم وذكر السبل بصيغة الجمع. فالحق واحد والباطل ضروب وألوان. ((وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)) أي: تضلَّكم وتحرفَكم عنه، فإذا ضللتم عن الصراط المستقيم، فليس حينئذ إلا طرق توصل إلى الجحيم والعياذ بالله. في الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خطَّ لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خطًّا ثم قال : هذا سبيلُ اللهِ ثم خطَّ خطوطًا عن يمينِهِ وعن شمالِهِ ثم قال : هذه سُبُلٌ متفرِّقَةٌ على كلِّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليهِ ثم قرأ { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوْا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } (صححه أحمد شاكر )

إخواني الإسلام منهج حياة، يشمل النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والتشريعي، وهو بمجموعه صراط الله الموصل إليه. هناك في المقابل نظم غير إسلامية تقدم بدائل عن الإسلام في أي من هذه المجالات الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو التشريعية. فإما أن يسير المرء على صراط الله وإما ان يسير على سبل هذه النظم. لاحظ أنه تعالى لم يقل: (ولا تتبعوا السبل مع سبيل الله)، فهو لفظ يحتمل الجمع بين السير على سبيل الله والسير على السبل الأخرى. لكنه تعالى قال: ((وَلَا تَتَّبِعُوْا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)). فإن سلكت سبيلا من هذه السبل حدت عن سبيل الله لا محالة. فلا يمكن أن تكون مسلما واشتراكيا في الوقت ذاته. فالإسلام سبيل والاشتراكية سبيل. ولا يمكن أن تكون مسلما وتقر في الوقت ذاته لغير الله بحق التشريع والحكم على الأشياء والمبادئ صحة وبطلانا. فهذا سبيل غير سبيل الله. ولن تستطيع الـمُضي في السبيلين في الوقت ذاته. إما أن تسير في سبيل الله، وإما أن تسير في سبيلٍ غير سبيل الله. مسألة أخرى إخواني... ((ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله))... لفظة ((فتفرَّق بكم)) ترسم في الذهن خطا مستقيما يتفرع عنه خط. الإنسان إذا سمح لنفسه أن ينحرف عن الخط المستقيم فإنه سيحس أن الانحراف قليل في البداية لأن المسلك الذي سلكه لا زال قريبا من الخط المستقيم. لكنه مع مرور الوقت يبتعد أكثر فأكثر عن الخط المستقيم ولا يشعر بهذا الابتعاد لأنه لا زال سائرا في المسلك ذاته، وبنفس زاوية الانحراف! فلا يحس بأن شيئا قد تغير بعد الانحراف القليل الذي قبل به في البداية، لكنه في الواقع يبتعد يوما بعد يوم...((ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)) . نكون بهذا قد انتهينا من الحديث عن الوصايا العشر العظيمة في القرآن الكريم. نسأل الله أن ينفعنا بما تعلمنا. والسلام عليكم ورحمة الله.