→ جميع المقالات
الوصايا العشر - الحلقة 4
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخواني وأخواتي نحن اليوم على موعد مع الوصية الرابعة من وصايا ربنا سبحانه وتعالى في سورة الأنعام. ما هي هذه الوصية؟ قال تعالى: ((ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)). الفواحش هي المعاصي، خاصة الكبائر. هنا لنا وقفتان. الأولى أن الله تعالى لم يقل ولا تفعلوا الفواحش. بل قال: ((ولا تقربوا الفواحش)). وفي ذلك نهي عن كل ما يقرب من فعل الكبائر أو يزيل الحواجز بينك وبينها. فالنظرة المحرمة هي اقتراب من الفواحش. وخلوة الذكر بالأنثى اقتراب من الفواحش، وتتبع الأغاني التي تحرك الغرائز اقتراب من الفواحش. فمن فعل أي شيء من هذا فقد خالف وصية الله تعالى ووقع في الإثم. الوقفة الثانية هي مع معنى الفواحش الباطنة في قوله تعالى ((ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)).كثير من المفسرين فسرها بأنها المعاصي الكبيرة التي تتم في السر. وهذا معنى صحيح. لكن هناك معنى لطيف مهم ذكره بعضهم. وهو أن الفواحش الباطنة تشمل أعمال القلوب. فالرياء فاحشة باطنة. أنت إن تصدقت وفي نيتك أن يمدحك الناس، إن شاركت مشاركة بمادة دعوية على النت مثلا ولم تشارك بها لوجه الله تعالى ولكن للذكر الحسن عند الناس، فقد وقعت في فاحشة باطنة.
من الفواحش الباطنة كراهية ما أنزل الله، كراهية شيء من أحكام الله أو شعيرة من شعائر الإسلام. من الفواحش الباطنة السخط على أقدار الله تعالى وعدمُ الرضا بها.
من الفواحش الباطنة الكبر. ولنلاحظ إخواني أن الفواحش الباطنة تكون أحيانا أشد إثما من الفواحش الظاهرة. ألم تر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر))؟

إذا علمنا معنى ((ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)) فهمنا ما قصده العلماء بحراسة الباطن. قال ابن القيم رحمه الله في شرحه لاسم الله الرقيب: (فمتى علم العبد أن حركاته الظاهرة والباطنة قد أحاط الله بعلمها، واستحضر هذا العلم في كل أحواله، أوجب له ذلك حراسة باطنة عن كل فكر وهاجس يبغضه الله). إذن عندما تقع في بلاء مثلا وتحس بالعتب على القدر فعليك أن تراقب هذه الخواطر وترصدها وتقاومها وتستغفر الله منها لأنها فاحشة باطنة محرمة، فتتوب منها كما تتوب من الفاحشة الظاهرة سواء بسواء. وإن صدقت نيتك أعانك الله على ذلك وقبل توبتك. هذا الموضوع إخواني، حراسة الباطن من الفواحش الباطنة، في غاية الأهمية لأن صاحبها قد يكون بمظهر الأتقياء ويشار إليه بالورع والزهد ويزكيه الناس، بل وقد يكون تقيا في نظر نفسه لأنه تجنب ما يقع فيه كثيرون من الفواحش الظاهرة، بينما هو يقع في فواحش باطنة من حب للظهور أوعدم رضا بالقدر أو كراهية لشيء من أحكام الله تعالى. نسأل الله ان يعيننا على حراسة بواطننا وينقينا من ظاهر الإثم وباطنه. ولنتذكر وصية ربنا لنا: ((ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)) والسلام عليكم ورحمة الله.