السلام عليكم ورحمة الله. إخواني وأخواتي وقفنا في الحلقات الماضية مع الوصايا الأربعة الأولى من وصايا ربنا عز وجل في سورة الأنعام، وذلك في قوله تعالى: ((قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)) وتكلمنا في الحلقة الماضية عن أهمية حراسة الباطن. نحن اليوم على موعد مع الوصية الخامسة. قال الله تعالى: ((ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)) قتل النفس التي حرم الله. يشمل ذلك المسلم وغير المسلم المستأمنَ أو المعاهدَ غير المحارب.
ما أسوأه من جرم! قتل النفس التي كرمها الله وخلقها لعبادته. فالقتل عدوان على حق الله الذي خلق هذه النفس البشرية لتعبده، فإذا بالقاتل ينهي حياة هذه النفس غير ملتفت إلى ما خُلقت من أجله. ما أسوأه من جرم أن تحرم الأولاد من حضن أبيهم وقبلاته الحانية، أن تحرم المرأة من زوجها وعطفه، أن تحرم الأم من ولدها وخدمته وبره. عندما ترزق مولودا جديدا وتذهب بابنتك الصغيرة لزيارة أمها في المستشفى...وأنت في طريق العودة مع ابنتك ستسألك ابنتك ببراءة: (بابا وين ماما)؟ تتألم حينئذ لأن طفلتك ستقضي تلك الليلة بعيدا عن أمها. تصور حينها الأطفال في بلاد المسلمين المنكوبة وهم يحرمون من آبائهم أو أمهاتهم في لحظة على يد قتلة معتدين، ولن يكون حرمانا لليلة واحدة، بل مدى الحياة. ((ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق))...إذن هناك حالات محددة يكون القتل فيها حقا ويكون فيه حياة للمجتمع...((ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)).
أخي، أختي، قد تظن نفسك أبعد ما تكون عن هذا الجرم، جرم القتل. لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم نبه إلى أشكال من الاعتداء تعادل في سوءها جريمة القتل فقال في الحديث الذي رواه البخاري: ((ولعْنُ المؤمنِ كقتلِهِ ، ومن رمى مؤمنًا بِكفرٍ فَهوَ كقتلِهِ)). إذن لا تستسهل أن تلعن مؤمنا، فاللعن هو الطرد من رحمة الله. فمن لعن مؤمنا فكأنما جرده من رحمة الله التي يعيش من أجلها. ولا تستسهل أن تصف مؤمنا بالكفر. فالله تعالى وصف الكفار بأنهم موتى. قال تعالى: ((أومن كان ميتا فأحييناه))، وهذا الذي كان كافرا فهداه الله للإيمان. فمن رمى مؤمنا بالكفر كأنه أماته. إذن تجنب كل ما وصفه ديننا بأنه كالقتل حتى لا تخالف وصية ربنا عز وجل إذ قال: ((ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)). والسلام عليكم ورحمة الله.