→ جميع المقالات
الوصايا العشر - الحلقة 6
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخواني وأخواتي وقفنا في الحلقات الماضية مع الوصايا الخمس الأولى من وصايا ربنا سبحانه وتعالى لنا المذكورة في الآية 151 من سورة الأنعام...((قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون (151) ))

نحن اليوم على موعد مع الوصية السادسة، وهي قوله تعالى: ((ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده)) انظر إلى رفق الرحيم سبحانه بالضعفاء من عباده ودفاعه عن حقهم. لم يقل الله سبحانه (ولا تتصرفوا بمال اليتيم) بل ((ولا تقربوا مال اليتيم)) تأكيدا للتحذير من الخوض في هذا المال بغير حق. ثم لم يقل: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتصرف الحسن) بل (بالتي هي أحسن)، أحسن أوجه التصرف بما يصلح شأن اليتيم ويحقق أفضل توازن بين سد حاجاته والادخار لمستقبله. ((حتى يبلغ أشده)) فيذهبَ عنه ضعفه وتسلِّموه ما بقي من المال الذي استؤمنتم عليه. انظر كيف يعطف الله تعالى قلوب عباده على الضعفاء. لكن إخواني لا إفراط ولا تفريط. لا يحب الله لعباده أن يقعوا في المشقة والضيق في التعامل مع مال اليتيم. لما أنزل الله عز وجل ((ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن)) و قوله في الآية الأخرى (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا). انطلق من كان قد آوى يتيما عنده فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه. فكان يشتري طعاما لليتيم من مال الإرث. فإذا بقي شيء من طعام اليتيم ادخره حتى يأكله اليتيم أو يفسد الطعام مخافة أن يقع في أكل مال اليتيم. فاشتد ذلك على الصحابة الذين آووا أيتاما فذكروه لرسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم). الله يعلم من كانت نيته العدوان على مال اليتيم ممن أراد صلاحا لليتيم وماله. فرجع الصحابة إلى خلط طعامهم بطعام أيتامهم وشرابهم بشرابهم. هذا شكل من أشكال التوازن الإسلامي الذي يحفظ حق الفئات الضعيفة في المجتمع دون أن يكون ذلك على حساب الفئات الأخرى والتضييق عليها، وهو ما تفشل فيه الأنظمة الوضعية البشرية التي تنصر فئة على حساب فئة أخرى. إذن إخواني وأخواتي هذه الوصية السادسة من وصايا ربنا عز وجل: ((ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن)). والسلام عليكم ورحمة الله.