→ جميع المقالات
الوصايا العشر - الحلقة 7
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام سنقف اليوم مع الوصية السابعة من وصايا ربنا عز وجل في سورة الأنعام، وهي قوله تعالى: ((وأوفوا الكيل والميزان بالقسط)) الكيل للأحجام كأن يبيع التاجر مقدار ما يملأ يدين ممدودتين بثمن معين. والميزان للأوزان. والقسط العدل وترك البخس. إذن فربنا سبحانه يوصينا أن نعدل عند الوزن والكيل للناس، وأن نوفي لهم حقهم غير منقوص. ويدخل في ذلك بلا شك ألا تغشهم في البضاعة. فما الفائدة إن وفيت لهم الكيل ببضعة مغشوشة؟! تصور هناء العيش لو التزمت المجتمعات بهذه الوصية الربانية. ولنلاحظ هنا مسألتين: الأولى: أنه لا فصل في الإسلام بين العقائد والمعاملات، فكلها يجب أن تخضع لأمر الله تعالى. ليس لأحد أن يقول: سأعتقد بوجود الله تعالى وأعبده وأحبه، لكن سأتحلل في ممارساتي العملية من أوامر الله ونواهيه. كثيرون لا يقولونها بألسنتهم لكن بلسان حالهم. أنبياء الله عز وجل كانوا يأمرون الناس بالتوحيد ويأمرونهم مع ذلك بأداء الحقوق وترك البخس. انظر إلى قول شعيب عليه السلام لقومه: (أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين). ليس مقبولا من قومه أن يعبدوا الله وحده ثم يحيدوا بعد ذلك عن أمره ونهيه، فطاعة الله في التعاملات التجارية عبادة كذلك. وتصور أنه من المقبول تسيير المعاملات البشرية بأحكام غير أحكام الله، هذا التصور فساد في العقيدة كما أن ادعاء الشركاء لله فساد في العقيدة. إذن...((وأوفوا الكيل والميزان بالقسط)) المسألة الثانية إخواني وأخواتي: أن التوفية والقسط في الكيل والميزان الحسي يعوِّد صاحبه على العدل والدقة في تقييم الأفكار والأشخاص والمناهج كذلك، إذ لا يُتصور أن يتورع المسلم عن أن ينقص أخاه بضع غرامات من أرز أو طحين ثم هو بعد ذلك إذا قيم سلوك أخيه وشخصيته بخسه إيجابياته وقلل من شأنها وركز على سيئاته فقط! فهذا بخس أسوأ من بخس الرز والطحين. ولئن كنا مأمورين بأن نتورع عن نقص الناس غرامات من طعام أو شراب فمن باب أولى أن نتورع عن نقصهم حسنات لعلها في ميزان الله أثقل من الدنيا وما فيها.

إذن كانت هذه الوصية السابعة من وصايا ربنا عز وجل...((وأوفوا الكيل والميزان بالقسط)).
نتابع في الحلقات القادمة بإذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله.