→ جميع المقالات
بالقرآن نحيا - الحلقة 12 - صفقة رابحة
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام لا زلنا نعيش مع خير جيل ونرى كيف يحدِث الإيمان استجابة فورية لكلام الله تعالى. لما نزل قوله تعالى: ((من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة)) قال أبو الدحداح رضي الله عنه: يا رسول الله، إن الله يريد منا القرض؟ قال: ((نعم يا أبا الدحداح)). ما معنى الآية؟ معناها أن الله يريد أن ننفق في سبيله ليعيد لنا ما أنفقناه يوم القيامة كما يعاد القرض، لكن في حالة التعامل مع الكريم سبحانه فإنه يعيده أضعافا مضاعفة. كيف استجاب أبو الدحداح لهذا التحفيز الرباني؟ قال لرسول الله: (أرني يدك)...يعني يريد أن يعاهده على شيء فناوله النبي يده، فقال أبو الدحداح: (قد أقرضت ربي حائطي) يعني بستاني. وبستانه هذا كان فيه ستمائة نخلة. يعني بحسبة بسيطة لا يتوقع أن تقل مساحة البستان عن ثلاثة دونم! وأين؟ في المدينة المنورة، ولك أن تتصور كم تساوي هذه الأرض في ذلك الوقت. أعطى أبو الدحداح للنبي حرية التصرف فيها في وجوه القربات إلى الله، بمجرد أن سمع: ((من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا)) ثم ذهب إلى بستانه وزوجتُه وأولاده فيه فنادى: يا أم الدحداح قالت: لبيك قال: اخرجي فقد أقرضته ربي (الحديث صححه الألباني). زوجته وأولاده كان يكفيهم هذه الكلمة ليضحوا بالبستان وبالأوقات الجميلة فيه لأنهم يعرفون معناها (أقرضته ربي). تصور أنك من سكان عمان وعندك بستان في الغور فجاءك من يعرض عليك أن تتنازل عن هذه البستان الآن وفي المقابل يعطيك بعد سنة قصرا مع حديقة كبيرة في خلدا أو عبدون! بالنسبة لأبي الدحداح وعائلته، يقينهم بالآخرة يجعل صفقتهم أكثر إغراء من هذه الصفقة، فالدنيا الفانية عندهم أقل من السنة في حساباتنا، والبستان الذي تركوه لله لا يقارن بأرض الجنة التي قال فيها النبي فيما رواه البخاري: ((موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها))... ياه! السوط الذي يضرب به الخيل لو وضعته على الأرض سيحتل مساحة لا تتجاوز سنتمترات مربعة. هذه المساحة في الجنة خير من الدنيا وما فيها. يكفي أنها باقية والدنيا فانية. وكذلك أبو طلحة الأنصاري لما نزلت هذه الآية ((لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)) تبرع ببستان له. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعله في فقراء قرابتك.

لذلك أخي وأختي...كلما قرأت القرآن وأتيت على آيات كهذه حاول أن تنفق ولو مبلغا بسيطا، لتحافظ على الاستجابة الحية لكتاب الله. ويمكنك أن تضع حصالة في البيت وتضع فيها هذا المبلغ البسيط كلما قرأت الآية وتخرج المجموع كل فترة، حتى تنال البر ويضاعفه الله لك أضعافا كثيرة. والسلام عليكم ورحمة الله.