→ جميع المقالات
بالقرآن نحيا - الحلقة 14 - الشيخ المجاهد
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام العبادة طاعة مطلقة وخضوع تام، ليست طاعة انتقائية. أحيانا تسأل شابا: هل تصلي، فيقول: (بَقَطِّع)، يعني يطيع الله على المزاج. وهذه الطاعة المزاجية لا تسمى عبادة. عندما بايع النبي الأنصار كان مما قاله: ((تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل)). إذن في حالة النشاط تتفنن في النوافل والمندوبات، لكن في الكسل يبقى عليك أن تقوم بالحد الأدنى على الأقل. ليس الكسل عذرا للتفلت من طاعة الله عز وجل.

فهم ذلك أبو طلحة رضي الله عنه عندما قرأ سورة التوبة فوصل قوله تعالى: ((انفروا)) أي: اخرجوا للجهاد ((خفافا وثقالا)). فقال لأبنائه: (ألا أرى ربي يستنفرني شابا وشيخا. جهزوني). أي أنني أفهم من هذه الآية أن ربي يريد مني الخروج للجهاد خفيفا كما في الشباب وثقيلا كما في كبر السن. فجهزوني بعُدة الحرب يا أبنائي. فقال له أبناؤه: (قد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض –أي: توفي- وغزوت مع أبي بكر حتى مات وغزوت مع عمر فنحن نغزو عنك) هذا النقاش دار في عهد عثمان، وقد بلغ أبو طلحة سبعين سنة أو أكثر. فأولاده رأوا أن من حق أبيهم أن يأخذ راحة بعد هذه التضحيات العظيمة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم واثنين من خلفائه الراشدين. لكن أباهم أصر وقال: (جهزوني). فجهزوه، وكانت غزوة بحرية، فركب البحر، لكنه مات رضي الله عنه. فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد سبعة أيام. أراد الله عز وجل أن يكرم هذا الصحابي فحفظ جسمه في هذا الأسبوع فلم يتغير جسمه، مع أن الميت يبدأ يتغير من أول يوم في الأجواء الحارة. والأثر رواه ابن حبان وصححه الشيخ شعيب الأرنؤوط. ولا نحسب إلا أن الله تعالى كما حفظ بدن أبي طلحة في الدنيا سيحفظه يوم القيامة من العذاب رضي الله عنه. نسأل الله أن يعيشنا سعداء ويقبضنا شهداء. والسلام عليكم ورحمة الله.