السلام عليكم ورحمة الله،
إخوتي الكرام في الحلقات الماضية قلنا أننا إن أردنا أن نتأثر بالقرآن كما تأثر الصحابة فلا بد أن نتخذ القرار بالاستجابة الحية السريعة لأمر الله عز وجل في كتابه الكريم، ثم رأينا نماذج عظيمة من سرعة استجابة الصحابة لآيات القرآن. هل يعني هذا أن الصحابة لم يخطئوا أبدا؟ لا بالطبع فـ((كل بني آدم خطاء)) لكن ((وخير الخطائين التوابون))...كانوا يتوبون من أخطائهم ولا يصرون عليها، فتمحى سيئاتها من سجلاتهم وتزول بقعها من قلوبهم. نحتاج أن نتذكر هذا ونحن نستمر في معصية من المعاصي فيتغير القلب بالتدريج ونحن لا نشعر.
صحيح أن كثيرا من الصحابة فر يوم معركة أحد عندما تغلب المشركون وكثر القتل في المسلمين، وكان هذا الفرار معصية. لكن انظر إلى حرصهم على تدارك الخطأ ومحو السيئات.
علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين يخططون للقضاء على المسلمين بعد معركة أحد، وكان الصحابة منهكين مثخنين بالجراح. فأذن مؤذن رسول الله بالخروج للتصدي للعدو. كيف استجاب الصحابة وهم في جراحهم؟ روى الطبري أن أخوين من بني عبد الأشهل كانا قد رجعا جريحين من معركة أحد، فلما أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو قال أحدهما لأخيه: (أتفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!) فخرجا مع رسول الله مشيا وليس لهما دابة يركبانها. وكان أحدهما أخف جرحا من الآخر، فكان يحمل أخاه كلما كاد يسقط من التعب إلى أن وصلوا إلى حمراء الأسد، وهي على بعد حوالي 13 كيلومترا من المدينة. تصور المشي لهذه المسافة بهذه الجراح وفي جو الصحراء الحار.
فأقام المسلمون بحمراء الأسد ثلاثة أيام فهاب المشركون أن يقاتلوهم، فرجع رسول الله والمسلمون معه إلى المدينة.
موقف عظيم من الصحابة غسلوا به خطأ التولي يوم أحد، فأثنى الله عز وجل عليهم بقوله:
((الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح)) –يعني الجراح- ((للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم (172) الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (173) فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم (174) ))
إذن إخواني فلنحرص ألا نستمر على معصية، والله برحمته يعطينا فرصا لنكفر عن أخطائنا فلنستغلها كي تبقى صحفنا بيضاء.
والسلام عليكم ورحمة الله.