→ جميع المقالات
بالقرآن نحيا - الحلقة 18 - ( كأنهم بنيان مرصوص )
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخواني وأخواتي قال الله تعالى: ((إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص)) وهذا التشبيه وإن كان في وصف وضعية القتال إلا أن الله تعالى يحب للمجتمع المسلم ان يكون عليها في أحواله كلها: ((كأنهم بنيان مرصوص)). فقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيانِ، يشدُّ بعضُه بعضًا)). وشبّك النبي بين أصابعِه كوسيلة توضيحية. هذا التشبيه فيه لفتة جميلة. فالبنيان لا يكون قويا إلا بشرطين: قوةِ اللبِنات (يعني الطوبات)، وقوة الملاط (يعني المادة التي تلصق اللبِنة باللبِنة). إذا اختل أي من الشرطين كان من السهل اختراق البناء أو هدمه. قد يكون المسلمون أقوياء في ذواتهم، لدى كل منهم إيمان وعلم، لكن الروابط بينهم ضعيفة...لا تزاور ولا تواصل ولا تكافل ولا تعاون. هذا المجتمع يشبه سورا لبِناته من حديد أو نحاس لكن المادة التي تلصق اللبنات ببعضها ضعيفة. سور كهذا يسهل هدمه على الرغم من قوة لبناته. وكذلك المجتمع ضعيف الروابط. في المقابل قد يكون المجتمع المسلم قوي الروابط، الناس بينهم تزاور وتواصل ومودة لكن هناك خواء فكري وضعف في العلم.هذا المجتمع يشبه سورا قوي الملاط (المادة الرابطة بين اللبنات)، لكن اللبنات نفسها ضعيفة، من كرتون فارغ من الداخل. وسور كهذا يسهل اختراقه. وما ينطبق على الصف في القتال وعلى المجتمع ينطبق على العائلة. قد يكون أفراد العائلة جيدين في دينهم لكن علاقاتهم جافة، وهذا لا ينتج أسرة قوية مترابطة. وينطبق كذلك على الشركة والجماعة والمؤسسة. إذا أراد المسلمون أن ينظر الله إليهم في ذلك كله بعين الرضا فعليهم أن يكونوا ((كأنهم بنيان مرصوص)). والسلام عليكم ورحمة الله.