إخواني وأخواتي...الإنسان العاقل يهتم بصحة روحه أكثر من اهتمامه بصحة جسده، لذا فهو يسأل نفسه دائما: هل قلبي سليم أم أن فيه مرضا؟ هناك فحص سهل يكشف لك النتيجة دون تكلفة ودون حاجة إلى مختبر...هذا الفحص هو: مدى تأثرك بالقرآن. ما الآية التي تدل على ذلك؟ بداية، قال الله تعالى في سورة الإسراء: ((وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا)) إذن، إذا رأيت أن القرآن يشفي نفسك ويُذهب همك ويصلح بالك وينعش روحك...إذا أحسست وأنت تتلوه أو تسمعه برحمة الله تكتنفك وتحوطك وتتغلغل في مسارب قلبك مهما كانت الظروف...فأبشر! أنت من المؤمنين، لأن القرآن شفاء ليس لكل الناس، بل للمؤمنين. وإذا كنت، لا قدر الله، لا يؤثر القرآن فيك ولا يشدك ولا تنتهي بعد سماعه عن أخطائك ولا تنشط بعده في الطاعة...فهذا لا يحصل إلا مع الظالمين والعياذ بالله، الذين ظلموا أنفسهم باتباع الهوى والتعريض للفتن فحرموها مما هو خير لهم...حرموها من نعيم القرآن.
في سورة التوبة وصف الله فريقا من الناس قست قلوبهم فقال:
((وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا))...يسأل بعضهم بعضا: أليس يقول الله أن القرآن يزيد الإيمان؟! فهل ازددت إيمانا يا فلان؟ فيجيب: لا...فيقول السائل: ولا أنا...ظنوا ان القرآن لا يزيد غيرهم إيمانا كذلك وقاسوا على أحوال قلوبهم القاسية.
فرد الله على تساؤلهم مبينا أن العيب ليس في القرآن أنه لم يزد لديهم الإيمان بل العيب في المتلقي. قال تعالى: ((فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون (124) ))
فيرسخ الإيمان في قلوبهم وينشطون للطاعة ويسرون بما في القرآن من جزاء للمؤمنين وترتاح نفوسهم.
أما من انعطبت لديهم أدوات إحساس الجمال فقال تعالى فيهم: ((وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم)) والعياذ بالله...فالذي في قلبه مرض لأنه يتبع الهوى، إذا قرأ القرآن أو سمعه فوجد فيه ما يعارض هواه نفر عن القرآن وكره اتباع أوامره ونواهيه فازداد قلبه مرضا.
إخواني، لا تظنوا أن هذا الكلام في طائفة من المنافقين انقرضت ولم يعد لها وجود، بل ليفتش كل فينا عن هذه المشكلة في نفسه...أنت عندما تركب سيارتك أو تفتح محلك أو تذهب إلى مكتبك في الصباح فتدير المسجل على القرآن الكريم، ثم بعدها بدقائق تَقِل أو تكثر تدير المسجل على محطات الغناء أو تضع شريطا غنائيا مليئا بالدعوة إلى المنكر والغفلة عن الله...فهل زادك القرآن إيمانا؟! وهل لو زادك إيمانا تطيق أن تسمع بعده الباطل وتطرب له؟!
إذن فالدرس المستفاد من حلقة اليوم هو: تأثرك بالقرآن هو الفحص الدقيق لسلامة قلبك. أسأل الله أن يجعلنا جميعا ممن يأتي الله بقلب سليم.