→ جميع المقالات
بالقرآن نحيا - الحلقة 21 - توضيح خطأ في فهم آية : ( هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين )
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام كثيرا ما لا يخفى علينا تفسير بعض الآيات فحسب، بل قد نفهمها فهما خاطئا يؤدي إلى ظن غير لائق بالله تعالى أو برسله عليهم الصلاة والسلام. والمسلم مؤاخذ على هذا الظن إذ كان أولى به أن يحرص على سلامة قلبه ومعتقده ويسأل عن معاني هذه الآيات. تكلمت مرة في أحد المساجد عن خطورة أن يجد المرء في صدره حرجا من شيء مما أنزل الله فجاءني بعد الكلمة رجل أظنه في الخمسينات من عمره فقال لي: بما أنك طرحت هذا الموضوع فأريد أن أقول لك شيئا: أنا أستغرب من حكاية الله تعالى عن لوط أنه قال لقومه الشواذ: ((هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين)). قلت له: أتفهم منها وكأن لوطا عليه السلام يقول لقومه: إن كنتم فاعلين ولا بد فمعصية الزنا أقل سوءا من الشذوذ؟ قال: بصراحة نعم.

تألمت حينها لأن هذا الرجل ترك في صدره حرجا من آية لعشرات السنوات ولم يُسرع إلى طلب العلاج. بقي يفهم الآية فهما لا يليق بنبي، ولم يسأل عن المعنى الصحيح إلا عندما جاءه من يسأله إلى عنده. وهذا يا إخوتي مما لا ينبغي. فعلاج القلب أولى من علاج البدن. وأنت لا تترك مرضا عضويا لعشرات السنوات دون علاج! فعلاج القلب من سوء الظن بالأنبياء أولى. على كل فصاحبنا سأل بينما غيره يأتيه الموت دون أن يسأل.

ما معنى الآية إذن؟ ما معنى قول لوط لقومه: هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين؟ إما أن لوطا عليه السلام يقصد بقوله (بناتي) أي: بنات قومه، فكل نبي بمنزلة الوالد لقومه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم)) (صححه النووي). فكأن لوطا عليه السلام يقول لهم لِيتزوج الذكور منكم الإناث، أو أنه يتكلم عن بناته الواتي من صُلبه...ومعنى ((إن كنتم فاعلين))، أي: إن أردتم أن تقضوا إربكم وتستجيبوا لدافع الغريزة. وفي الحالتين فإنما يأمر لوط عليه السلام قومه أن يتزوجوا الإناث زواجا عفيفا طاهرا، يدل على ذلك قوله كما في آية أخرى: ((يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم)) (هود). فهو يدلهم على الطهر، لا يدلهم على فاحشة دون فاحشة. ولا يرضاها عليه السلام لأهل بيته ولا لبنات أمته.
خلاصة لفتة اليوم إخواني أننا إن فهمنا آية فهما لا يناسب عصمة الأنبياء عليهم السلام فعلينا أن نسارع إلى معرفة تفسيرها الصحيح. والسلام عليكم ورحمة الله.