السلام عليكم ورحمة الله.
إخوتي الكرام، عندما نرى صراعات بين طائفة من المؤمنين وطائفة من أعدائهم فإننا كثيرا ما نقول أن المؤمنين هزموا في هذه الجولة أو أن النصر تأخر عنهم.
فهل تعريفنا للنصر والهزيمة تعريف سليم؟
نحن كمسلمين نؤمن بالآخرة وبأن المحسن والمسيء لا يوَفَّى جزاءه في الدنيا نُعرف النصر بتعريف الله عز وجل له. كيف عرف الله النصر والفوز؟ هل تتذكر آية تعرفه؟
قال تعالى في سورة آل عمران: ((فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز)).
نحتاج أن نستحضر هذا المعنى ونحن نرى المعاناة الطويلة لإخواننا في سوريا وفي غيرها. فالذين يُقتلون على الإيمان منهم هم بهذا المعنى الآن إن شاء الله فائزون منتصرون.
أهل الأخدود عذبوا وحرقوا أحياء، ومع ذلك قال الله تعالى في سورة البروج التي تتحدث عن مصيرهم: ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير)).
في الحديث الذي رواه البخاري أن حرام بن ملحان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم طعنه مشرك غدرا برمح في ظهره نفذ من صدره، فجعل حرام يضع يده على الدم ويمسح به وجهه وهو يقول: (فزت وربِّ الكعبة، فزت وربِّ الكعبة).
فأهم أشكال الفوز والنصر في ديننا أن تموت وأنت ثابت على دينك. انظر إلى قوله تعالى: ((ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)). فمن تسلح بالإيمان فإن قوى الكفر كلها لن تجد سبيلا إلى رده عن دينه، وليفعلوا بعد ذلك بجسمه ما يشاؤون، فروحه في حماية الله الذي لن يجعل لهم عليها سبيلا. أليس هذا نصرا عظيما؟!
في المقابل، فإن شر أشكال الهزيمة هو أن تتخلى عن شيء من دينك أمام مكر وحرب أعداء الدين. فماذا تفيدك سلامة جسدك حينئذ إن وقعت بك الهزيمة النفسية الروحية؟!
فتمسك بدينك ليشملك قوله تعالى: ((ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون)) إذن أنتم الفائزون المنتصرون، لكن لاحظ الشرط: ((وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)). هذا هو الشرط لعلوك وانتصارك: أن تعيش مؤمنا فلا يجعلَ الله للكافرين عليك سبيلا، وتموت مؤمنا فتزحزح عن النار وتدخل الجنة...((فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)). والسلام عليكم ورحمة الله.