→ جميع المقالات
بالقرآن نحيا - الحلقة 28 - مراعاة الألفاظ مطلوبة شرعا
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام، مراعاة الألفاظ مطلوبة شرعا. كثيرا ما نسمع عبارات غير شرعية فننبه صاحبها فيكون الرد: (أنا قصدي سليم)، (المهم النية). نسمع مثلا: (رزق الهبل على المجانين)، (البقية في حياتك)، (شاءت الصدف)، (فلان شكله غلط)، (يلعن الساعة الي شفته فيها)...والعياذ بالله...ألفاظ غير مقبولة أبدا، ومع ذلك يتعذر لها أصحابها بسلامة النية. هناك آية ينهى الله فيها عباده عن قول كلمة مع أن قصدهم منها كان سليما. هل تتذكرها؟ قال الله تعالى في سورة البقرة الآية (104): ((يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا)) كان بعض المسلمين إذا رأى النبي أدبر وأراد منه شيئا قال: يا رسول الله راعنا، يعني أرعني سمعك، يقولها بنية سليمة. لكن اليهود لعنهم الله كانوا يقولون هذه الكلمة لنبينا صلى الله عليه وسلم يقصدون بها التنقص منه، فقد ذكر المفسرون أنها كانت عندهم بمعنى اسمع لا سمعت، أو يقصدون منها الرعونة وهي الطيش. فكره الله لعباده أن يشتركوا مع هؤلاء السفهاء في لفظة يقصدون بها شرا، حتى وإن قصد بها المؤمنون خيرا، ووجههم الله إلى كلمة تؤدي الغرض: (انظرنا)، أي (انظر إلينا). إذن فمراعاة الألفاظ مطلوبة شرعا بغض النظر عن النية. ولهذا شواهد كثيرة في السنة. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يقولن أحدكم خبثت نفسي، ولكن ليقل: لقِست نفسي)) (متفق عليه). يعني إذا أراد المسلم أن يعبر عن تثاقله فعليه أن يتجنب قول: (خبثت نفسي)، ويقول بدلا منها: (لقِست نفسي)، يعني ضاقت أو تثاقلت وركنت إلى الكسل. وهذا المعنى يتأدى سواء قلنا خبثت أو لقست، لكن لفظ الخبث قبيح ويحتمل معاني زائدة على معنى التثاقل والكسل، فالخبث يطلق على المحَّرم والباطل والكذب والأفعال والصفات القبيحة، وهذه لا تليق بمسلم. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: (لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم ما شاء فلان) (صححه النووي والألباني). فكيف بعد ذلك يقال (رزق الهبل على المجانين)، بينما الله يقول: ((وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها))...سيقول: (أنا قصدي كذا وكذا)...نعم، لكن مراعاة الألفاظ مطلوبة. كيف يقال: (البقية في حياتك)، ورسول الله يقول: ((إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها)) (صححه الألباني).
كيف يقال: (يلعن الساعة الي شفته فيها) وفي الحديث القدسي أن الله تعالى يقول: ((يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار)). فسب اليوم أو الساعة لشيء حصل فيها يحمل معنى سب القدر، والله تعالى هو مقدر القدر.
إذن إخواني وأخواتي مراعاة الألفاظ مطلوبة، ولا ينبغي تبرير العبارات الفاسدة بالنية الصالحة، ولنتذكر التوجيه الرباني: ((يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا)). والسلام عليكم ورحمة الله.