أخي تصور أنه جاءتك رسالة من رجل صادق ثري ذي نفوذ يقول لك فيها: (أنا مهتم بك، حريص على مصلحتك، أريد أن أقربك مني وأنعم عليك ببعض ما لدي)...كم ستكون فرحتك بهذه الرسالة؟ أظنك ستبروزها وتحفظ كلماتها كلمة كلمة وتحدث بها الآخرين وربما تنغمها بألحانك وتدندن بها. هذا الرجل الثري هو واحد من مليارات البشر يسكنون كوكب الارض، والأرض أحد كواكب المجموعة الشمسية، حجمها حوالي واحد على مليون من حجم الشمس، والشمس واحدة من مئات ملايين النجوم في مجرة درب التبانة، ومجرة درب التبانة واحدة من مليارات المجرات الملتقطة بالتلسكوبات كتلسكوبات Hale, Hubble, BTA-6. الضوء يقطع مسافة محيط الأرض في حوالي ثمن الثانية، وبعض المجرات تبعد عنا مليارات السنوات الضوئية، أي المسافة التي يقطعها الضوء في مليارات السنوات، مثل المجرة التي اكتشفتها ناسا في 26-1-2011 وقدرت أنها تبعد عنا 13.2 مليار سنة ضوئية. http://www.nasa.gov/mission_pages/hubble/science/farthest-galaxy.html
وهذا كله زينة زين الله بها السماء الدنيا، التي ما هي إلا واحدة من سبع سماوات الله أعلم بعظمها ملأها الله بملائكة يسبحونه وله يسجدون. هذه السماوات السبع ليست شيئا بالنسبة إلى عرش الرحمن، والرحمن على عرشه سبحانه يرسل إلينا رسائل هي القرآن، يقول لنا فيه أنه يريد أن يرحمنا ويتوب علينا ويريد لنا خير الدنيا والآخرة، ويريد أن ينعم علينا ويقربنا منه ويجعلنا من خاصته ويُدخلنا في جواره.
فكيف ينبغي أن يكون فرحنا بالقرآن؟!
فلنستحضر هذا المعنى عندما نقرأ قوله تعالى: ((وإنه لتنزيل رب العالمين (192) )) (الشعراء)...تصور ما معنى ربِّ العالمين.
فلنستحضر هذا المعنى ونحن نقرأ قوله تعالى: ((يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين () قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون () ))
أليس شرفا لنا أن يخاطبنا الله العظيم نحن البشر الذين لا نساوي بذواتنا شيئا في ملكه؟! الملوك تأبى أن تخاطب بسطاء الرعية بينما ملك الملوك يكلمنا، فما أعظمه من شرف!
إذن ما نريده من لفتة اليوم هو أن تستحضر كلما قرأت القرآن وسمعته أنه كلام الله رب العالمين الذي يريد أن يشرفك ويرفع منزلتك ويعلي قدرك فخاطبك.