السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام، ذكرنا في حلقات سابقة أهمية مراعاة المسلم لألفاظه وعدم التعذر للألفاظ غير الشرعية بصلاح النية. هناك عبارة يستخدمها البعض لوصف شخص عديم الرحمة، لكن هذه العبارة غير مقبولة شرعا. هذه العبارة هي: (لا بيرحم ولا بيخلي من يرحم ولا بيخلي رحمة الله تنزل). هذه العبارة مصادمة لآيات بينات في كتاب الله تعالى، مثل قوله سبحانه: ((ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها (2) )) (فاطر)، وقوله تعالى: ((وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم (107) )) (يونس).
في تفسير قوله تعالى ((ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها (2) )) قال سيد قطب رحمه الله: (ورحمة الله لا تعز على طالب في أي مكان ولا في أي حال. وجدها إبراهيم عليه السلام في النار. ووجدها يوسف عليه السلام في الجب كما وجدها في السجن. ووجدها يونس عليه السلام في بطن الحوت في ظلمات ثلاث. ووجدها موسى عليه السلام في اليم وهو طفل مجرد من كل قوة ومن كل حراسة، كما وجدها في قصر فرعون وهو عدو له متربص به ويبحث عنه. ووجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في القصور والدور. فقال بعضهم لبعض: {فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته} ووجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار والقوم يتعقبونهما ويقصون الآثار.. ووجدها كل من آوى إليها يأسًا من كل ما سواها) اهـ.
إذن فهذه الآية تسكب الطمأنينة في النفس وتملأ القلب تعلقا بالله وثقة في رحمته وتوكلا عليه، وتُذهب الخوف من البشر...إذ ((ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها)). والسلام عليكم ورحمة الله.