→ جميع المقالات
بالقرآن نحيا - الحلقة 31 - ضرورة فهم مراد الله -1
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام، نزل القرآن باللغة العربية، أفضل اللغات وأكملها. لكننا نحن المسلمين ابتعدنا عن الاستخدام والفهم الدقيق للغة، وهذا يجعلنا أحيانا نفهم من القرآن خلاف مراد الله تعالى منه. نذكر اليوم مثالا لذلك قوله تعالى: (( ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا)) (البقرة 235). يعلم كثير من الناس أن المقصود بهذه الآية النساء اللواتي توفي أزواجهن ولا زلن في فترة العدة. فنهى الله عن خطبتهن صراحة، لكن أباح التعريض بكلام أمام المرأة أو وليها مثل أن يقول الراغب في زواجها: (وددت لو أن لي امرأة صالحة وأنتم بيت دين وخُلق). لكن ما قد يفهمه البعض من الآية هو جواز أن يتواعد هذا الراغب في الزواج بالمعتدة فيلتقيا سرا ليكلمها بكلام منضبط ((ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا))...فيفهم قارئ الآية أن اللقاء سرا ممنوع إلا إن كان سيقال فيه كلام من المعروف. والواقع إخواني وأخواتي أن هذا الفهم غير الدقيق ناتج عن بعدنا عن أسلوب في اللغة العربية يسمى الاستثناء المنقطع. في الاستثناء المنقطع قد لا يكون ما بعد حرف (إلا) مرتبطا بما قبله ولا جزءا منه، وإنما هو معنى جديد منفصل. فمثلا في هذه الآية: ((ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا))...أي: لا تأخذ أيها الراغب في الزواج من المعتدة وعدا في السر ألا تتزوج غيرك فهذا محرم. إذن معنى تواعدوهن: تأخذوا منهن وعدا. ثم قوله تعالى: ((إلا أن تقولوا قولا معروفا))...إلا استثناء منقطع فما بعده معنى جديد غير مرتبط بما قبله. إلا أن تقولوا قولا معروفا))، أي: إنما يباح لك أن تقول أمامها أو أمام وليها قولا معروفا فيه تلميح لنية الزواج منها. فكأن الآية تقول: لا تواعدوهن سرا لكن لكم أن تقولوا قولا معروفا. إذن ليس في الآية إباحة لأن يلتقي الرجل بالمرأة المعتدة سرا حتى وإن كان سيقول في هذا اللقاء كلاما معروفا. وإن من حكم الله عز وجل في مشروعية العدة أن تفي المرأة لزوجها المتوفى عنها وتحترم ذكراه والله أعلم. فلا يليق بها في ذلك أن تواعد رجلا سرا. بل إن مواعدة الرجال للنساء في السر لا يليق بغير المعتدة فضلا عن المعتدة، ولا يأمن فيه الطرفان أن يستدرجهما الشيطان لما يسخط الله عز وجل.
إذن جدير بنا إخواني أن نتدبر القرآن ونقرأ تفسيره لئلا نفهم منه خلاف مراد الله سبحانه. والله تعالى أعلم. والسلام عليكم ورحمة الله.