→ جميع المقالات
توازن
٢٩‏/١٢‏/٢٠١٤

صحيح أنه لا ينبغي لرجل أن يقول لامرأة من غير محارمه: (أحبكِ في الله)، أو تقول له هي مثل ذلك، فالتصريح بهذه المحبة مدخلٌ إلى الشعور بالأنس الغريزي والميل الفطري بين الجنسين... وصحيح أن (إنها ترن علي لتوقظني لصلاة الفجر) و(مِن يوم عرفتُه ازددتُ قربا من الله) عبارات سوغ بها البعض إقامة علاقات خاصةٍ مع الجنس الآخر وكانت من مداخل الشر الخطيرة... هذا كله صحيح...لكن لا ينبغي أن نَفِرَّ من أخطاء الناس إلى إنكار المعاني الجميلة العظيمة التي جاءت بها الشريعة، ومنها: المحبة في الله بين المؤمنين والمؤمنات. قال الله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) (التوبة-71). قال القرطبي: (أي قلوبهم متحدة في التواد والتحاب والتعاطف). نعم، محبة المؤمن لأخواته في الله، ومحبة المؤمنة لإخوانها في الله...من الإيمان. هذا المعنى الجميل العظيم يضيع في مجتمعاتنا التي يحكم العلاقةَ فيها بين الجنسين جمالُ القشرة الخارجية، بينما تعشى البصائر عن جمال الروح! معنىً يضيع بين الانفلات الشهواني من جهة، وردة الفعل على هذا الانفلات من جهة أخرى. لقد خسرنا كثيراً بفقدان هذه المحبة...خسرناها حين بحثنا عن "الأنس" و"ترطيب القلب" في خائنة الأعين وتبادل النظرات ومحاولات الاستمالة، فحُرمنا من شعور إيماني أجمل وأطهر كنا سنؤجر عليه بدلاً من اللذات المعكَّرة! في دراستي الجامعية، أذكر أنني أخذتُ مساق (تاريخ الحضارة الإسلامية) عند دكتور كان "يخبص"! ويحاول تمرير مفاهيم خطيرة يشوه بها تاريخ المسلمين، وينكر بها وجوب إقامة حكم إسلامي! كنت أتصدى له، وكانت تتصدى له أخت منتقبة،كان في نبرتها الغيرة على الدين والاعتزاز به، والمحبة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم. بما أنه مر على الموقف وقت طويل، ولا يمكن للأخت أن تعرفني ولا أن أعرفها، فأقول: هذه الأخت لها مني المودة في الله...نعم...مع أني لم أعرف شكلها. ولو عرفتُ لما زاد ذلك في مودتي شيئا ولا نقص شيئا، لأنها لله وفي الله فقط. في ديننا، حتى حين نجاهد، فإننا نجاهد دفاعا عن الدين والعرض ومحبةً لإخواننا وأخواتنا اللواتي نراهنَّ يؤذينَ لأجل دينهن. في خطابنا لأنفسنا ولشباب وفتيات المسلمين بغض البصر والسَّتر وعدم الخضوع في القول، علينا أن نتذكر: ليست هذه الضوابط الشرعية لحرماننا من المحبة، بل لاستعادة المحبة الحقيقية في الله، التي لا تحكمها لغة الجسد، بل دافعها وشعارها التعاون على البر والتقوى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ( 71 ) )) الانجذاب لجمال الشكل والصوت والحركات...له في الإسلام متنفس شرعي بالزواج، وإذا بحثنا عنه خارج إطار الزواج فليس إلا اللذات المعكرة، التي تذهب حلاوتها وتبقى آثارها وآثامها، وتضيع معها المحبة الحقيقية في الله. (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير). للتوازن ومنع سوء فهم هذه المقال اقرأ المقال بعنوان: كيف إذا فسدت الخميرة؟