→ جميع المقالات
حسن الظن بالله - الحلقة 1 - المقدمة
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

كيف يمكنك -أنت- أن تَقلب المحنة إلى منحة؟ كيف تستمتعُ بنعمة البلاء؟ كيف يمكنك أن تعيش بسعادة مهما كانت الظروف؟ كيف يمكنك التعامل مع الأمور -أيًّا كانت- بإيجابية واستبشار؟ كيف تعلق قلبك بالله -عز وجل- فلا تخاف سواه ولا ترجو سواه؟ كيف تمتلك عزيمة لا تنكسر، وروحًا لا تُقهر؟ كيف تُطهّر قلبك من العتب على القدر؛ فيصير قلبك قلبًا سليمًا تحب أن تلقى الله عز وجل به؟ كيف تحب ربك -سبحانه وتعالى- حـــبًّا غـــير مـــشــروط لا يتأثر بالظروف؟

الإجابات عن هذه الأسئلة -والكثيرِ غيرها- ستجدها في هذا الكتاب..

الله سبحانه وتعالى.. خالقنا ورازقنا وحبيبنا، وسعت رحمته كل شيء . خلق عباده ليعبدوه -ليطيعوه ويحبوه. خلقهم وتودد إليهم بالعطايا والنعم.. فهو الودود سبحانه.. خلقهم وعمّهم برحمته فهو الرحيم.. خلقهم فلطف بهم وحلم عنهم على الرغم من أخطائهم.. فهو اللطيف الحليم.. يحب أن يسمع صوت عبده المؤمن بالشكر في السراء، والتضرع في الضراء.. فإن غفل العبد عن ربه ابتلاه.. ليرده إليه فيسمع تضرعه ودعاءه وبكاءه.
وهو في ابتلائه رحيم حكيم.

مررتُ بظروف صعبة.. لكن الله وفقني إلى إحسان الظن به تعالى وبحكمته ورحمته. فكان الله تعالى عند ظني وحوَّل نار البلاء بــردًا وســلامًا. كيف لا وهــو تعالى القائل في الحديث القدسي: ((أنا عند ظن عبدي بي)) (رواه البخاري)..

وإي والله، عندما تظن بربك خيرًا وتعمل عَمَلَ من هذا ظنُّه.. ترى منه الخير كله.

إذا أيقنت أن الله تعالى قادر على أن يقذف في قلبك السعادة والرضا والطمأنينة مهما كانت الظروف فإنه تعالى سيكون عند ظنك به.. فهو وحده القادر على إسعاد الإنسان وإشقائه، إذ هو القائل سبحانه: {وَأَنَّهُۥ هُوَ أَضۡحَكَ وَأَبۡكَىٰ ٤٣} [النجم: 43].

نعم، أنعم الله عز وجل عليَّ من خلال البلاء بنعم كثيرة جدًّا. كنت أكتب هذه المنح التي أكتشفها على ورقة على شكل نقاط.. كم كنت أستمتع وأنا أكتبها ثم أراجعها وأتأملها! وبعدما فرج الله عني اكتشفت هدايا عظيمة غيرها.

فوجدتُ من العرفان والامتنان لربي الرحمن أن أحدث إخواني وأخواتي عن شيء من هذه النعم الكثيرة، حتى نتعلم معًا فنَّ (إحسان الظن بالله عز وجل)..

{وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ ١١} [الضحى: 11]. وكل ما ستجدونه في هذا الكتاب هو بسطٌ لبضعة نقاط فقط من النقاط الكثيرة التي أحصيتها.

إخواني وأخواتي، انظروا إلى حسن ظن أهل الكهف بربهم عندما قالوا: {وَإِذِ ٱعۡتَزَلۡتُمُوهُمۡ وَمَا يَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ فَأۡوُۥٓاْ إِلَى ٱلۡكَهۡفِ} [الكهف: 16].. (الكهف).. مكان مظلم موحش بعيد طريقه وعرة فــــيـــه الحـــشـــرات وربـــما العـــقارب والحيات.. لا ماء ولا خضراء.. لكن قدرة الله تعالى تقلبه شيئًا آخر: {فَأۡوُۥٓاْ إِلَى ٱلۡكَهۡفِ يَنشُرۡ لَكُمۡ رَبُّكُم مِّن رَّحۡمَتِهِۦ وَيُهَيِّئۡ لَكُم مِّنۡ أَمۡرِكُم مِّرۡفَقٗا ١٦} [الكهف: 16].. حوَّل الله عز وجل-بقدرته ورحمته- الكهف مكانًا للأنس والرفق والرحمة واليسر.

يا إخوتي.. والله إن ربكم تعالى كريم.. كريم.. فتعالوا نتعرف على ربنا من خلال أفعاله بعباده لنرى عظمة الرب الذي نعبده.. تعالوا نتعرف على الله تعالى لنحسن الظن به مهما قدر علينا وفعل بنا.. {فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـٔٗا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرٗا كَثِيرٗا ١٩} [النساء: 19] ..

تعالوا نأنس بالله ونأوي إلى كنفه ونحيي قلوبنا ونعطر مجالسنا بذكره.

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينفعني وإياكم بهذا الكتاب ويزيد به حبنا له سبحانه.