→ جميع المقالات
حسن الظن بالله - الحلقة 22 - قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

كنت أتساءل عن مصدر الطمأنينة في هذه الآية؟ ما الذي يـجـعلنا نطمئن حين نعلم أنه {لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51]..؟ تعالوا نتأمل الآية كلمةً كلمةً، ونتصور حالات افتراضية غير صحيحة ونقارنها بالواقع لنعرف الجواب:

  1. فلنقف أولا مع كلمة (الله) في (كتب الله لنا): تصور أنك مأسور وتنتظر حُكْمًا من قاضٍ من قضاة الأرض في جلسة ستُعقد في موعد قريب محدد، وهذا الحكم هو أنك إما أن تبقى تحت تصرف الله تعالى أو تنتقل منه إلى تصرف البشر! إما أن تبقى تحت تصرف الله بصفاته من حكمة ورحمة وعدل ولطف ورأفة وحلم، وإما أن تنتقل إلى تصرف من لا يشارك الله تعالى في صفاته هذه! حينئذ من حقك أن تقلق وتخاف بالفعل. أما حين توقن أن كل ما يصيبك هو مما كتب (الله) تعالى بصفاته، وأنك تنتقل من تصرف الله إلى تصرف الله، وأن البشر الذين يظهرون وكأنهم متحكمون بك ليسوا سوى أدواتٍ لأقداره تعالى، مقهورون لحكمه سبحانه، فحُقَّ لك حينئذٍ أن تطمئن.

  2. فلنقف مع كلمة (كتب): أدركتَ أن ما يصيبك هو من تصرف الله بك، لكن تصور أن هذا التصرف ليس بقَدَرٍ سابقٍ! تصور لو أن الملائكة ينزلون كل يوم بمجموعة من المصائب فيرشونها على أهل الأرض فتصيب من تصيب، ومجموعة من النعم كذلك! حينئـذٍ من حقك أن تقلق وتخاف بالفعل. لكن حين توقن أن الله تعالى كتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة (كما في الحديث الصحيح)، عــالــمًا بـما سينتج عنها، لا أن تصرفاته بخلقه عز وجل ردود أفعال على أحداث خفيت عليه من قبل تعالى سبحانه عن ذلك، وأنه كتبها بحكمة ورحمة، فحُقَّ لك حينئـذٍ أن تطمئن.

  3. ثم لنقف مع كلمة (لنا): استخدام حرف اللام في (لنا) مُشعر بأن هذه الأقدار هي لصالحنا، مهما بدا خلاف ذلك: (عجبًا لأمر المؤمن، إنّ أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن).

  4. تعالوا نتابع مع الآية: {قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوۡلَىٰنَاۚ}[التوبة: 51]: {هُوَ مَوۡلَىٰنَاۚ}: والمولى لا يُسلِم وليه لأعدائه، والمولى لا يرضى لوليه الذل والهوان، كما في قنوت النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه لا يذل من واليت).

  5. تتمة الآية: {وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٥١}: إن آمنا بكل ما سبق فُحق لنا أن نتوكل على الله، أي نفوض له تدبير أمورنا بطمأنينة وبيقينٍ.

والله تعالى أعلم..