ماذا لو كانت المصائب والمسرات تصيب الناس بلا تقدير، بل تدور خبط عشواء، فقد تصيبك وتترك غيرك لا لحكمة ولا لسابق علم؟ ماذا لو أن الله وكل تقدير الأقدار إلى ملائكة لا نعلم عن رحمتهم ولا حكمتهم ولا عدلهم؟ ماذا لو كانت البلايا منفكة عن الجزاء، بحيث تُبتلى ويُنعم غيرك، ثم تستويان في الجزاء والمصير إن استوى عملكما، وضاع صبرك على بلائك سدىً؟
أسئلة غريبة، أليس كذلك؟ لكني وجدت فيها إجابة لسؤال قديم لطالما كنت أتساءله في نفسي، وهو: ما المعنى في أن يصبر الله أصحاب المصائب بأن مصائبهم هذه مقدرة من قديم؟ كقوله تعالى: {مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ ٢٢ لِّكَيۡلَا تَأۡسَوۡاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا تَفۡرَحُواْ بِمَآ ءَاتَىٰكُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالٖ فَخُورٍ ٢٣}[الحديد: 23،22]..
إذن فهذه المصائب ليست خبط عشواء، بل مقدرة قبل ظهورها، فلا داعي للأسى. والله لم يوكل أحدًا –لا نعلم عنه شيئًا- ليقدرها، بل: {مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ}[التغابن: 11].. الله الذي نعلم أنه:
إذن فعندما نسمع الآيات التي تتكلم عن القدر، والأحاديث مثل ((واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك)) فلنعلم أنها تذكرنا بحقيقة أن هذه الأقدار إنما قدرها الله الذي نعلم عن علمه وحكمته ولطفه ورحمته وعدله، فلنسلم له أنفسنا بطمأنينة.