المحبوس تسيطر على ذهنه مفردات: (الحبس) (الإفراج) (الحُكم) (القاضي) (التهمة) (الدفاع) (البينة) (البراءة) (التخفيف) (العقوبة) (المدة).
فتراه يفكر في هذه المفردات في قيامه وقعوده وصحوته ومنامه وأكله وشربه وصلاته ورياضته.
وتراه إن أمسك جريدة مثلًا أو سأل عن الأخبار اهتم بما يتعلق بالحبس والإفراج وبما يخدم قضيته وينجيه من العقوبة.
لا يتوقع أن يبحث عن موديلات السيارات وأسعار الفِلل السكنية.. فهذا كله لا يعنيه!
فلنستحضر أننا في هذه الدنيا محبوسون عن وطننا الأصلي، وهو الجنة، وأن معاصينا تـُهم حقيقية عليها بيِّنات، فنستحق عليها العقوبة، وأن نقطة دفاعنا الرئيسية عن أنفسنا هي أننا موحدون، فإن تبين أن توحيدنا هذا مطعون فيه فلا تسأل عن مدة العقوبة ! ولْنتذكر أن البراءة من هذه التهم تكون بالتوبة النصوح.. وأنّ من بيده القضاء هو الحَكَم الحق: الله جل جلاله.
حينئـذٍ، سنحرص على استرضاء الحكم الحق، والعمل بما ينقلنا من سجن الدنيا إلى سعة الآخرة. ولن ننشغل بسفاسف الدنيا وملهياتها، فهي لا تعنينا. وستكون قضية النجاة من عقوبة الله ونـوال ثوابه ورضاه مسيطرة على أذهاننا حــــيةً في قــلــوبـــنا لا نغفل عنه ساعةً أبدًا.
قال ابن القيم:
فــحَـــــيَّ على جنات عدن فإنها ولكننا سَـبْيُ الــعــدو فــهل ترى مــنازلك الأولى وفيها المخــــــيم نـــــعـــود إلى أوطــــاننا ونُــسلَّم