→ جميع المقالات
خلل فني أم "تدخُّلٌ" رباني ؟
٢٦‏/١٢‏/٢٠١٦

عندما فرح المسلمون بسقوط الطائرة الروسية قال بعض الملحدين بسفاهة: (حادث كهذا قد يكون نتيجة خلل فني، فلا تدَّعوا أنه من دعاء المستضعفين، ولا تنسبوه إلى ربكم، وإلا فلماذا لم يتدخل ويسقط الطائرات خلال السنوات الماضية؟). هنا نحتاج أن تبين بعض النقاط:

  1. نحن كمسلمين لا نبني إيماننا على حادث كهذا حتى يقال لنا (وماذا عن الطائرات التي لم تسقط؟)! وإنما بنينا إيماننا بالله على دعائم عقلية وفطرية صحيحة، ثم أصبحنا نفهم الحياة والظواهر من خلال هذا الإيمان، فنعلم أنه لا يحدث شيء إلا بإذن الله تعالى.

  2. إذا أراد الله تعالى أن يخفف عن المستضعفين ويستجيب دعاءهم، فليس شرطا أن يفعل ذلك بخرق السنن الكونية المعتادة، بل قد يفعله من خلال هذه السنن.

فالقسمة ليست ثنائية حتى يقال: من الله أم من السنن الكونية المعتادة؟ بل هذه السنن الكونية هي من صنع الله تعالى، فيُنفِذ إرادته من خلالها كما ينفذه أحيانا بخرقها. فقد يجعل الله لفعلٍ ما أثراً غير معهود، ككفِّ الحصى في معركة بدر (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى)، أو كتغليب المسلمين على أعدائهم في كثير من المعارك غير المتكافئة، وقد يقدر أسباباً ماديةً معتادة يُنفذ بها قدره ويستجيب بها لعباده.

  1. ومع ذلك فنحن لا ندَّعي أن هذه الطائرة مثلاً إنما أُسقطت بخلل فني (سباب مادي) شاءه الله استجابة لدعاء المسلمين.

وإنما نقول: هذا الدعاء سبب شرعي، نأخذ به مع الأسباب الأخرى الواجبة، فإن وقع ما نتمنى رجونا أن يكون في ذلك استجابة لدعائنا ولا نجزم بذلك.

  1. تعبير "تدخل رباني" ليس دقيقاً، فهو يُشعر وكأن الله تعالى خلق الكون وخلق له سنناً وقوانين، ثم "تركه" يسير على هذه القوانين.

وحقيقة الأمر أنه لا يحدث أمر صغير ولا كبير إلا بإذنه سبحانه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر.

  1. إيماننا الذي بنيناه على أُسس يقينية يخبرنا أن الله تعالى لا يفعل شيئا إلا لحكمة، فإن أوقع مصيبة بالعدو فلحكمة، وإن أمهل العدو وهو يفتك بالمسلمين فلحكمة، والدنيا دار ابتلاء (ونبلوكم بالشر والخير فتنة).

  2. من المؤلم أن نكتفي بتحليل هذه الأحداث وننتظر نكاية الله بالعدو بدل أن نكون أداته سبحانه في هذه النكاية، لكن على كل فتصحيح المفاهيم والرد على المستهزئين جزء من معركتنا مع الشيطان وأعداء الإسلام.

والله تعالى أعلم.