أحيانا ونحن نستغفر يتساءل أحدنا: (وما هي ذنوبي التي أستغفر منها؟ أنا مستقيم بشكل عام وبعيد عن الكبائر). من أخطر ذنوبنا التي ننساها: كبائر القلوب، وعلى رأسها: سوء الظن بالله تعالى! هذه الكبيرة القلبية تزداد خطورتها في أيامنا التي نرى فيها مآسي المسلمين، ونتوهم العجز عن مساعدتهم، فيتحول الألم إلى انكسار في نفوسنا وشبهات تزعزع الإيمان. حتى تعرف خطورتها، انظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل) (رواه مسلم). هل يعني ذلك أنه إن جاءك ملك الموت يقبض روحك فلك أن تقول له (أمهلني حتى أحسن الظن بربي)؟ طبعاً لا. فالمقصود إذاً هو أن تحافظ على حسن ظنك بالله تعالى في كل لحظة بحيث لا يوافيك الموت على غير هذا الحال أبدا. تصور أنه حاك في نفسك سوء ظن بالله تعالى، فهل لك أن تؤجل علاجه إلى أن تتم قراءة تفسير سورة مثلا؟ فضلا عن الالتهاء عنه بأمور الدنيا؟ لا! بل عليك أن تعالجه فورا. فهذا مرضٌ علاجُه غير قابل للتأجيل لحظة واحدة. طيب ماذا أفعل؟ اعرف أسبابه وعالجها. وهذا موضوع كبير، لكن أقول هنا باختصار: أسباب شيوع سوء الظن بالله تعالى:
لذلك قال الله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) ومن شر الفتن كبائر القلوب كسوء الظن. 2. تربيتنا فيها خلل: رُبـِّي كثير منا على انتظار الجزاء على الصالحات في الدنيا ولم توطن أنفسنا على التواضع لله تعالى ومعرفة أنه تعالى (لا يُسأل عما يفعل) وعلى التضحية في سبيله وأن الدنيا دار بلاء، ولا نقنع بالآخرة ثوابا ولا بنعيم القلوب في الدنيا. ننسى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ويؤتَى بأشدِّ النَّاسِ بؤسًا في الدُّنيا من أَهلِ الجنَّةِ فيُصبَغُ صبغةً في الجنَّةِ فيقالُ لهُ: يا ابنَ آدمَ هل رأيتَ بؤسًا قطُّ؟ هل مرَّ بِك شدَّةٌ قطُّ؟ فيقولُ: لا واللَّهِ يا ربِّ ما مرَّ بي بؤسٌ قطُّ ولا رأيتُ شدَّةً قطُّ)! (رواه مسلم). العجيب أن الذين يقع في نفوسنا سوء ظن عندما نرى بلواهم هم أنفسهم صابرون، قد أنزل الله عليهم الصبر كما أنزل البلوى. ونحن مع ذلك يقع في نفوسنا سوء ظن "لأجلهم"! العلاجات:
والله تعالى أعلم.