اعتاد الإنسان أن يُشرك أشياء مع ربه سبحانه، يرجو نفعها أو يخاف ضرها أو يظن لها تصرفا في الكون مع الله تعالى. نحن مسلمون والحمد لله، لكن كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل). تسرب لقلوب كثير من المسلمين هذه الأيام أنه: (لن ننتصر ما دام هناك طائرات لدى أعدائنا! فهي قادرة على حسم أية معركة، وعلى القضاء على أي انتصار)! انتبه!: لو أن هذا التفكير يدفع المسلمين إلى الأخذ بالأسباب المادية للنصر مع التوكل التام واليقين المطلق فإن الأخذ بالأسباب مطلوب بل واجب، وليس لنا أن نتوقع النصر دونه. لكني أتكلم هنا عن "استسلامٍ" نفسي وشكٍّ في قدرة الله تعالى...
هنا، ذكر نفسك بقول الله تعالى: (وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض)، وبقوله تعالى: (وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء).
فإن أراد الله أمراً هيَّأ أسبابه بطريقة لطيفة. كما يرزق الإنسان من حيث لا يحتسب فإنه يهزم عدونا وينصرنا -إن أخذنا بالأسباب- من حيث لا نحتسب: (ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يُـخْربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار) (قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فَخَرَّ عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون). يُروى أنه قيل لعمر المختار: (إيطاليا تملك طائرات ونحن لا نملكها)، فقال: (هل تُحلق فوق العرش أم تحته؟) قالوا: (تحته!)...فقال: (مَن فوق العرش مَعَنا، فلا يخيفنا من تحته). صحيح أن المختار قُتل في النهاية، لكن من كان بهذه العقيدة فقتله شهادة (نصر) بإذن الله، وقد انسحبت إيطاليا بجهاده وجهاد إخوانه. لم يؤدِّ جهادهم إلى قيام دولة إسلامية عزيزة، نعم...أخَّرها الله لحكمة، وقد وضعوا لبنة في صرح الإسلام قبل أن يرحلوا، ولا بد لهذا الصرح أن يتم. ختاماً، الله تعالى كلَّفنا بتكليف وضمن لنا عليه ضماناً، فلننشغل بالتكليف، لا بالضمان: (إن تنصروا الله ينصركم). فاستَغْفر مَن فوق العرش من لحظات عظَّمت فيها طائرات، مهما علت، فإنها تبقى تـُحَلِّق...تحت العرش.