رَأَتْ والدتي فتاتين متبرجتين في الطريق، فاقتربت منهما وقالت: (حبيباتي، أنا بغار عليكم الشباب يشوفوكم بهذا المنظر، مش لو تحجبتو أحسن لكم وأرضى لربكم؟) فردَّت إحداهما بأدب: (خالتو، أنا مسيحية) فقالت لها والدتي: (ولو يا خالتو، برضه بغار عليكي واللهِ). وأنا أُسر عندما يقول لي نصراني: أتابع سلسلتك (فن إحسان الظن بالله)، وقد زادت محبتي لله. كلامي هنا لا يتعارض مع مراعاة الأولويات بالدعوة إلى التوحيد قبل كل شيء، وأنه لا يُقبل عمل بدونه. لكن هناك أمرٌ كثيرا ما نغفل عنه: النصارى الذين يعيشون بيننا لهم حقٌّ علينا، وعلينا واجبٌ نحوهم: واجب دعوتهم إلى الله. الأصل في علاقتنا بهم ليس الخصومة، بل دعوتهم إلى الدين الحق: (كنتم خير أمة أُخرجت للناس)... (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً)...(وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين)...خطاب لرسول الله ولأمته من ورائه... هذه الآيات خطابٌ لنا نحن!
فإن من أسباب فقداننا لمعية الله تعالى في هذه الظروف: التقصير في واجب دعوتهم من بيننا من أهل الملل.
أئمةُ الكفر أعداء الإنسانية في العالم، وأذنابهم القائمين على حراسة مصالحهم في كل بلد، والمضلِّلون الذين يصدون أهل ملتهم عن الحق عن علم ويبغونها عوجا. هؤلاء هم خصم مشترك لنا ولمن يعيش بيننا من أهل الملل الأخرى. ولا ينبغي أبداً أن نسمح لهؤلاء بأن يحرفوا دفة العداوة لتقع بيننا وبين من هم في الأصل شريحة مستهدفة بدعوتنا، بعثنا الله رحمةً إليهم.