→ جميع المقالات
عديم القيمة !
٧‏/١٢‏/٢٠١٤

خطأ كبير أن تجعل الغاية النهائية التمكين للمسلمين في الأرض ثم تحكم على كل عمل لا يؤدي إليها –في نظرك- بأنه عديم القيمة! بل الغاية طاعة الله تعالى: (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر). الغاية هي العبادة بمفهومها الشامل: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). وإنما التمكين وقيام الدولة المسلمة ورفع الجور عن المسلمين هو لحراسة الطاعة والعبادة. نعم، قد نختلف على تحديد الطاعة المثلى والأعظم أجرا، لكن ليس لنا أن نحقر طاعة على اعتبار أنها "لا توصل إلى الهدف"! فهي بحد ذاتها هدف. هذا ما يميز الدعوة الإسلامية التي لام الله نبيه فيها على الانشغال بأشراف قريش عن أعمى فقال له: (كلا إنها تذكرة () فمن شاء ذكره). فجواب سؤال الأعمى كان أعظم عند الله قربى من محاولة رفع الجور عن المسلمين بإقناع أصحاب القرار بمكة. وعندما أسلم الغلام اليهودي ثم مات فرح به النبي صلى الله عليه وسلم إذ أنقذه الله به من النار مع أن إسلامه قبيل وفاته لم يسهم في التمكين. لا نريد أن نصبح كأصحاب الدعوات الأرضية، بأن نجعل التمكين هدفا نهائيا ونحكم بعدها على أعمالنا نجاحا وفشلا على أساسه! فهذه نظرة أرضية ولو ظنناها سماوية بحتة! قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرن من المعروف شيئا)...أيَّ شيء مهما صغر في نظرك، ومن حقَّر طاعاته وطاعات الناس فهو يخالف نهي النبي صلى الله عليه وسلم، ويضيف بذلك معصية إلى معصية خذلان المسلمين التي تؤرقه! نحى رجل غصنا عن طريق المسلمين فدخل الجنة، وسقت امرأة كلبا فدخلت الجنة، وليس لك أن تزدري أمورا عظمها الله تعالى! تعليم الناس الطهارة، تعليمهم حديثا، تنقية قلب عبد من شبهة، خشوعك في صلاتك، سعيك على عيالك...كلها تصب في الهدف الأعظم: (طاعة الله). فلا يجوز أن تُذم أو تزدرى. انظر إلى الطاعات الجزئية على أنها جزء من سعيك لتعبيد الناس لربهم ونهضة أمتك، فكلما رأيت كلمة طيبة وفعلا طيبا اعتبرتها أساسا يُعتمد عليه لبناء حب الله في قلوب العباد وجزءاً من مشروعه نهضة الأمة، وحينئذ فلن تحقر من المعروف شيئا. استمد من الفرح بطاعتك القوة على التخلص من تقصيرك، وإياك أن يجعلك تقصيرك تحقر طاعتك، أو يجعلك تقصير الآخرين تحقر من طاعاتهم. لا نتكلم عن التحقير بمعنى استصغار العمل في جنب الله تعظيما له سبحانه، بل عن الشعور باللاأهمية و اللاجدوى من هذه الطاعات! فتحقير الخيرات ذنب يضاف إلى التقصير في نصرة الأمة !