كنت قديما مولعا بالموسيقى. ثم اقتنعت بالأدلة أنها محرمة. فتركتها على حبي لها. فشاء الله أن يشغلني بما هو خير منها: وهو دراسة السيرة النبوية من خلال البحث عن أحاديث عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه وقربه من أصحابه وحسن عشرته لأهله وملاعبته للأطفال، كل هذا بتلقائية ودون تكلف. يوما من الأيام، وأنا أُجهز خطبة في الموضوع وأنقر على لوحة مفاتيح الكمبيوتر لأستخرج كنوز السيرة، تذكرت نقري بطريقة مشابهة على آلة موسيقية. لكن شتان شتان! أيام الموسيقى كنت أستمتع وأنا أنقر، لكن ما أن أنتهي حتى أحس بالخواء الروحي واللاجدوى! ثم عندما دخلت عالم الدعوة والحديث عن رب العزة وكتابه ونبيه أصبَحَت المتعة الروحية متنامية والقلب ممتلئا بما ينفع على مدار الساعة. وأصبح "النقر" يبني في كياني طمأنينة واتصالا بالله تعالى. عن مثل هذا الشعور يعبر المفسر الزمخشري –ونُسبت إلى غيره- إذ قال: سهري لتنقيح العلوم ألذُّ لي *** من وصل غانية وطيب عناق وتمايلي طربا لحل عويصة *** أشهى وأحلى من مدامة ساقي وصرير أقلامي على أوراقها *** أحلى من الدوكاء والعشاق وألذ من نقر الفتاة لدفها *** نقري لألقيْ الرمل عن أوراقي يا من يحاول بالأماني رتبتي *** كم بين مُسْتَغْلٍ وآخر راقي أأبيت سهران الدجى وتبيته *** نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي