→ جميع المقالات
عيون أبنائنا تتكلم
٣١‏/٥‏/٢٠١٦

في مرحلة عمرية مبكرة، تنطق عيون أبنائنا بما لا تستطيع ألسنتهم التعبير عنه. ابنك، ابنتك، لن تحتاج دورة تدريبة لتعرف كيف تقرأ عينيه، فهو منك، وبين روحَيكما اتصال فطري. كل ما تحتاجه هو أن تهتم به وتتذكر أنه أمانة عندك، وستقرأ حينئذ في عينيه الكثير وتتفهمه، فإن تجاوبت مع رسائل عينيه ولم تتجاهلها فسترتاح ويرتاح:

  1. تنشغل عنه بالموبايل أو الكمبيوتر طويلا، مرة تضحك، مرة تكشر...يأتي وينظر في الشاشة ويسألك أسئلة "مملة" عما تتابع، وينظر إليك محاولا سحب عينيك قليلا عن الشاشة لتقول لك عيناه: (جهازك ليس أهم مني! أشركني معك فيما تتابع لتبني ثقافتي وأصير مثلك، ولا تكن أنانيا)!

  2. لم تفهم رسالة عينيه أو أهملتها، فقام بتصرف مستفز...تنظر إليه بغضب، فتقول لك عيناه: (أعلم أن هذا سيستفزك، لكن أردت أن ألفت نظرك لتهتم بي، وأعتقد أن هذا من حقي)!

  3. لم تفهم عينيه فقلت له: (لا أحبك)، فتقول لك عيناه على انكسارهما: (لكن هذا ليس من حقك! أنا ابنك، اعتب علي، عاقبني إن شئت، لكن لا تكرهني.

فمحبتك لي مصدر أماني ونظرتي الإيجابية لنفسي).

  1. عاقبته بقسوة زائدة كالمنتقم لا كالمربي...بكى...أحسست أنت بالخطأ فجئت تراضيه وتُفهمه خطأه...

فيصرف وجهه عنك لأن عينيه لا تريدان الحديث معك، فقد خيبت ظنهما بحنانك وأبوتك!

  1. ابنتك كبرت قليلا، وتراك تدلل أختها الصغرى، فتحشر نفسها معها وتقول لك عيناها: (بابا، أنا أيضا لا زلت طفلة، أحتاج أن تضمني إلى صدرك وتقبلني كما تحتاجه أختي).

  2. لم تفهم أنت الرسالة، فتتعمد هي استفزاز أختها.

عاقبتها أنت، فتقول لك عيناها: (كنت أتساءل قلقة إن كنت تحبني كأختي لتمييزك في التعامل، فقمتُ بهذا التصرف عمدا. وها أنا أرى حدتك في معاملتي مع نسياني من عطفك. تمت الإجابة عن السؤال، شكرا!)

  1. ملامحه ليست بجمال إخوته، فتقول لكِ عيناه: (هذا ليس بيدي، أرجوكِ أمي أظهري لي محبة صادقة كما تحبينهم لتعززي نظرتي إلى نفسي).

  2. يُغَلبك في الدراسة لإهماله وتَفَلُّته، فتمل منه وتنهي تدريسه بعصبية.

يأتي "ينكشك" بأي سبب مصطنع وتقول لك عيناه: (بابا، رجاء، افصل الأمور عن بعضها. مهما غلبتك وتكاسلت، لي عليك حق الحد الأدنى من المحبة. بغيره ستخسرني أنا، وليس دراستي فقط)!

  1. تتكلمان أمام ابنتكما بعصبية.

تختفي ابتسامتها ويتسارع قلبها الصغير وتقول لكما عيناها: (أرجوكما! أنتما تُفقِدانني الإحساس بالأمان! اصطلحا. فمودة بينكما هي سريري الذي عليه أنام). 10. كبُر وأصبح يافعا. أمرتَه بشيء ولم يطعك...احتد بينكما الجدال...رد عليك بصوت خشن (لا أريد، أنا حر)...غضبت أنت فنظرت فيه بحدة ونظر إليك هو كذلك. تقول لك عيناه: (لقد أصبح يسيطر علينا أكثر من ذي قبل، ابتسم يا أباه لنخبرك بسِرِّه)...تبتسم...تتغير ملامحه وتفلت عيناه من سيطرته فتقولان لك: (لا تصدق لسانه! فنحن أصدق منه...ابنك وإن تضخم حجمه لا زال في داخله طفلٌ...احضنه ولا تدعه يفلت، وستنتهي المشكلة)!

  1. تجاهلت الرسائل الكثيرة لعيني ابنك، فيصرف نظره عنك حين تكلمه.

تصيح أنت قائلا: (من الأدب أن تنظر فِيَّ حين أكلمك) فينظر فيك وتقول لك عيناه: (ألم يكن من اللباقة أيضا أن تَفهمنا ونحن نكلمك طوال السنوات الماضية بدلا من تجاهلنا؟! معذرةً، لكن مللنا من أن نتكلم فنُهمل). إخواني، أخواتي، اقرأوا أعينهم قبل أن نصل إلى هذه الكلمة الأخيرة! اقرأوها من البدايات وستقول لكما حينئذ: (بابا، ماما، لا أستطيع التعبير كما تستطيعه أنت، لكنك فهمت عيني لأنك تحبني وتهتم بي، فأقول لك بهما أيضا: شكرا لك)!