→ جميع المقالات
قدم محبوب الله على محبوب نفسك ولو كان طاعة
٣‏/٩‏/٢٠١٦

كثيرا ما ننشغل بطاعة لأننا "نجد أنفسنا فيها".."نستمتع بها"، عن طاعة أوجب منها لكننا "نمل فيها"! بينما من حسن "الإسلام" أن تُسلم محبوب نفسك لمحبوب الله عز وجل. هنا ثلاثة أمثلة ملفتة للنظر: أعمال من أعظم الطاعات، لكن كان على أصحابها أن يقدموا عليها ما هو أوجب، لأنه أحب إلى الله:

  1. في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم أن جريجاً العابد نادته أمه وهو يصلي فقال: (اللهم أمي وصلاتي؟) فاختار صلاته...وتكرر ذلك ثلاث مرات، فدعت عليه أمه ألا يموت حتى يرى وجوه المومسات، وحصل، واتـُّهم بالزنا ظلما فهدم الناس صومعته وضربوه ثم برأه الله.

محل الشاهد: هل نقول أن جريجا أخطأ لأنه صلى؟ لا، بل أخطأ لأنه انشغل بصلاة النافلة عن أوجب منها، وهو إجابة أمه. 2. في الحديث الصحيح أن معاوية السلمي جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، فقال النبي: (ويحك! أَحَيَّةٌ أمك؟) قال: نعم، قال: (ارجع فبرها)، فجاءه من الجانب الآخر فقال له مثل ما قال فرد عليه النبي بالرد نفسه، ثم أتاه من أمامه فقال له النبي في آخر الحديث: (ويحك! الزم رجلها فثم الجنة). أليس جهاد الطلب، وهو فرض كفاية، من أحب الأعمال إلى الله؟ خاصة عندما يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ بلى، لكن الأحب إلى الله في هذه الحالة كان بر الأم. 3. أويس القرني، سيد التابعين في زمانه، ولم يكن صحابيا مع أنه عاصر النبي صلى الله عليه وسلم. منعه من نيل شرف الهجرة إلى النبي وصحبته بره بأمه كما قال أبو نعيم في (حلية الأولياء). ومع ذلك فقد حض النبي الصحابة على طلب الاستغفار منه! فكان مما قاله فيه: (له والدةٌ هو بها بَرٌّ ، لو أقسم على اللهِ لأَبَرَّه. فإن استطعتَ أن يستغفرَ لك فافعلْ) - رواه مسلم عن عمر رضي الله عنه، والذي طلب من أويس أن يستغفر له. لا شك أن نفس أويس كانت تتوق إلى الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورؤيته عيانا والسماع منه، لكنه قدم بره على أمه –التي كانت تحتاج خدمته فيما يظهر- على محبوب نفسه، فنال شرفا عظيما: أن حض النبي الصحابة –وهم من هم!- على التماس دعائه لهم. صلاة النافلة وجهاد الطلب والهجرة...من خير الأعمال، ومع ذلك فما القاسم المشترك في القصص الثلاثة؟ ما الذي كان أحب إلى الله تعالى؟ بر الأم. تذكر ذلك أيها الشاب "الملتزم" قبل أن تتفنن في الطاعات وتقيم العلاقات مع إخوانك في الله وتحضر مناسباتهم وأنت مقصر في حق أمك و"تمل" من أدائه، وقدم محبوب الله على محبوب نفسك.