→ جميع المقالات
كيف إذا فسدت الخميرة؟!
١‏/١‏/٢٠١٥

لا يدع الشيطان مجالا إلا نفث فيه سمومه، حتى الدعوة وأجواؤها الطاهرة، فقد قال من قبل عن بني آدم: (لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم). قال بعض المفسرين: (عن أيمانهم) أي من جهة حسناتهم ودينهم. هذا أمر يحتاج الإخوة والأخوات استحضاره على مواقع التواصل الدعوية وفي النشاطات الدعوية. فقد تبدأ المسألة تعاونا على البر والتقوى وتعلما واستفادة، ثم إذا بها تتطور إلى مراسلات خاصة فيها تعبير عن المشاعر !! وقد يكون هذا تحت ستار "الحب في الله"! والذي بينا من قبل أنه شعور إيماني، لكنه يصبح مدخلا للشطيان إن عبر عنه صاحبه للطرف الآخر وتحول إلى تعلق واستئناس! أيها الشاب "المستقيم"، أيتها الأخت المستقيمة...أنتم خلاصة الله من خلقه، و"خميرة" الدعوة... فكيف إذا فسدت الخميرة؟! أنتم المعول عليكم في نجاة الأمة من غصتها: من غُص داوى بشرب الماء غصته فكيف يفعل من قد غُص بالماء فمن للأمة الغرقى إذا كنا الغريقين؟! حال المستقيمين في أيامنا فيه شبهٌ من حال الصحابة في العهد المكي...دعوةٌ مضيق عليها وليس للإسلام شوكة وعامة الناس في غفلاتهم (مع فارق التشبيه بين المشركين والمسلمين الغافلين) أكنت تتصور أن يتعاون صحابي وصحابية في مثل تلك الظروف على الدعوة ثم إذا بهما يخلطانها بتعلق وأحاديث خاصة؟! أو أن تهتدي امرأة على يد صحابي ثم إذا به "يقلبها" عواطف وتعلقاً!! حاشا الصحابة، بل كانوا أهل جِدٍّ وأصحاب قضية علت هممهم على السفاسف. إياك أن تقول مبررا: (لكننا لسنا ملائكة، ونخطئ كما يخطئ غيرنا، وحتى الصحابة أخطأوا). فرق بين أن تخطئ بنظرة محرمة -مثلا- في عملك أو طريقك وتستغفر منها، فهذه معاصٍ يتعاهد المرء نفسه ألا يستمرئها ويستهين بها فتهلكه. وفي المقابل أن تنقل الإثم إلى أجواء الدعوة وتتخذ الدين مطية لشهواتك، فهذه خيانة لو حصلت في زمن الصحابة لأظنهم عَدُّوا صاحبها منافقا! الدين، الدعوة، توعية الناس واستنقاذهم من فساد الدنيا والآخرة...هذه أمانة فلا تخنها! (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) كان الصحابيات يخرجن مع المجاهدين يداوين الجراح ويسقين العطشى. فهل تتصور أن يختلي اثنان منهم في الجهاد ويتجاذبان حديثا ونظرات؟! حاشا الصحابة. دعاة اليوم في جهاد. وتلويث أجواء الجهاد ليس خطأ، بل خيانة! إذا جاءك الشيطان عن اليمين لتقع في شيء من ذلك، فاتَّقِ الله أن تجعل للمستهزين والمتربصين بالدين وأهله علينا سبيلا؟! فيُنَفروا الناس عن دعوتك ودعوتنا بفعلك (وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم)! نريد تحصين حصوننا لننطلق منها إلى الناس، فلا تفسد الحصون من داخلها... الناس ينظرون إلى أجواء الاستقامة على أنها واحة طهر فلا تلوثها... لا تقولن في نفسك: (هي تجاوبت معي بل هي من جرتني لمثل هذا)، بل ذكرها بالله إن فَعَلَتْ ثم اقطع العلاقة تماما. لا أحسب أن ما ذكرناه ظاهرة منتشرة، ومع ذلك نتواصى بالتحذير منها، فالوقاية خير من العلاج. اللهم استعملنا في طاعتك وجنبنا ما يسخطك.