السلام عليكم ورحمة الله. -إخوتي الكرام تخيلوا ماذا سيحصل إذا ضعُف الفرق في عيون الناس بين الصحة والمرض والغنى والفقر والأمن والذعر.
من أجل ماذا يعمل الناس حينئذ؟ وعلى ماذا الكد والسعي؟ إن كان "كله محصل بعضه" كما يُقال؟!
المشكلة الكبرى إذا انتقل هذا الفكر الرمادي إلى عالم العقيدة، فَضَعُف الفرق في نفوس المسلمين بين الدين الحق والأديان الباطلة. إذا ضعف الفرق فما الذي سيدفع المسلم إلى التضحيات والصبر والمداومة على الطاعات وترك المنكرات إن كان "كله محصل بعضه"؟
عندما يرى المسلم كيف يعيش كثير من الكافرين والمشركين في نِعَم بينما يموت آلاف المسلمين في إفريقيا من المجاعات...عندما يرى المسلم أن الدنيا تقوم ولا تقعد إن أصيب واحد من رعايا الدول "المتقدمة" بضرر بينما تُسفك دماء المسلمين بالمئات يوميا هيِّنة لا يُعبأ بها...عندما يرى المسلم أسيرا يهوديا يبادَل بأكثر من ألف أسير مسلم سجن بعضهم لتكثير العدد وإيصال رسالة نفسية بهذا التبادل...عندما يرى المسلم هذا كله فإن رسائل تصل إلى عقله الباطن تهون عليه الفرق بين المسلم والكافر، خاصة إذا نسي أن هذه الدنيا دار بلاء وليست دار جزاء.
لذا، تجد أن القرآن والسنة يركزان جدا على محاربة الشعور الرمادي، ويبينان أن الفرق بين المسلم والكافر في المعتقد والقيمة والمكانة عند الله والمآل يوم القيامة فرق كبير جدا، كالفرق بين الأبيض والأسود. والآيات التي تبين هذه الفرق كثيرة جدا بحيث أظن أن هذا المفهوم (لا يستوون) هو المفهوم الأكثر كثافة وتركيزا في القرآن بعد مفهوم التوحيد، ولا غرابة، فهو الثمرة الأولى للإيمان بالتوحيد. بل كثير من الآيات تظهر الفرق بين المطيعين والعصاة من المسلمين، فما بالك بالفرق بين المؤمن المطيع والكافر؟! استمع إلى بعض من هذه الآيات. قال الله تعالى:
وغيرها الكثير الكثير...تركيز كبير جدا على هذا المعنى! هذه الآيات وغيرها تؤسس لقاعدة: أنه لا سواء في الدين، لا سواء في المبادئ، لا سواء في القيمة ولا سواء في الجزاء ولا سواء في المصير. في الحلقات القادمة بإذن الله سنستعرض الفرق بين المسلم المطيع والمنافق أو المشرك على نور من قوله تعالى: ((لا يستوون)). والسلام عليكم ورحمة الله.